فاجأت الصحف والفضائيات ووسائل الإعلام الموالية للنظام الحاكم والمملوكة لعدد من رجال الحزب الوطني قراءها بالمدح في عقل ووسطية الشيخ عبود الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية، بعد أن استمرت هذه الصحف والقنوات الفضائية نفسها طيلة السنوات الماضية في إذلال التيارات الإسلامية بالشخصية نفسها التي اتهمت بالتخطيط والمشاركة في مقتل الرئيس الأسبق محمد أنور السادات خلال احتفالات أكتوبر المجيدة بمدينة نصر عام 1981. تحول الشيخ عبود الزمر فجأة إلى بطل قومي عند الليبراليين والعلمانيين ومشايخ الباب العالي بعد فتواه الأخيرة “بأنه لا ولاية للرئيس (المعزول) محمد مرسي، لكونه محبوسًا حاليًا على ذمة محاكمته في العديد من القضايا”، مقرًا بذلك بشرعية الرئيس الجديد، عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب في يوليو الماضي عقب احتجاجات شعبية حاشدة. وقال الزمر الذي كان يعمل ضابطا سابقا في جهاز المخابرات الحربية والناجي الوحيد من سلسلة الإعدامات التي حصل عليها المتورطون في قتل السادات، إن “الأسير لا يقود والجريح لا يقرر”، إنه “إذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر ومنع من مزاولة سلطاته فإنه يتم انتداب من يقوم مقامه حتى يرجع، فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد وليس ترك الأمر فوضى لخطورة ذلك على مستقبل الوطن”. وأضاف الزمر، أن “الرئيس المعزول لا يمكنه القيام بمهامه ولا يصح له أن يتدخل في إدارة المواقف بأي صورة كانت، فالأسير دائمًا تحت ضغط نفسي يجعل قراراته بعيدة عن الصواب، ونفس الحالات تتكرر مع القائد الجريح في المعركة فلا يسمح له بالاستمرار بل يتم إخلاؤه على الفور”. وتابع الزمر، “لقد شاهدت أكثر من حالة لإخلاء القادة المصابين وأخطر هذه المواقف كان في مركز قيادة الجيش الثاني الميداني، حيث أصيب الفريق سعد مأمون بأزمة قلبية على إثر فشل تطوير الهجوم شرقًا، وكان الرجل وطنيًا وخشي عواقب ذلك الأمر فقررت القيادة العامة بالدفع بالفريق عبدالمنعم خليل ليحل محله لإدارة الجيش في هذه الفترة العصيبة”. وبرر الزمر تناوله لهذه الأمر بأنه سبق وحذر من خطورة الاستمرار في الصراع الدائر دون وجود حل سياسي، إلا أنه جاءته بعض المعاتبات بسبب حديثه عن المصالحة ودماء المعتصمين في “رابعة” و”النهضة” لم تجف”، مستدركا : “فقلت وهل هناك استعمال للصلح ورأب الصدع إلا في مسألة الدماء، فمن ثبت أنه قتل أحدًا حوسب، أما من سقط دون أن يدري أحد من هو قاتله فله دية كاملة من خزانة الدولة سواء كان مواطنًا أو جنديًا في الجيش أو الشرطة، فكل هؤلاء دماؤهم معصومة لا يجوز استهدافها”. تصريحات الزمر تلقفها عدد من الصحف الخاصة الموالية للنظام الحاكم والتي تقف بقوة ضد التيار الإسلامي، ليجعل من تصريحات الزمر رمزا لوسطية الفكر المستنير ورجاحة العقل والمنطق والوطنية، في الوقت الذي كانت تقف هذه الصحف لأيام قليلة ماضية موقف المهاجم للزمر وإذلال الإسلاميين به ووصفه بالإرهابي لتورطه في قتل السادات. وقال الداعية السلفى محمد سعيد رسلان، إن الإجماع منعقد على وجوب السمع والطاعة للإمام المتغلب والحاكم، وإن ما وقع من الفتن يجعل القول بغير ذلك خروجا حقيقيا على الإمام، وإذا صارت السلطة في يدى إمام وصار متغلبا فهو ولى الأمر الشرعى، ووجبت له كل حقوق الإمام، فلابد من السمع والطاعة له في غير معصية. وأضاف «رسلان» خلال الدرس الأسبوعى في المسجد الشرقى، بقرية سبك الأحد مركز أشمون أمس الأول، إن من يبث الفتن ويشيعها ويذيعها بين الناس للخروج على الحاكم والإمام المتغلب فهو من «الخوارج»، ويعزز من موقف من يريدون أن ينشروا الفوضى في البلاد واصفا ذلك بالحماقة ويعتبر دسيسة على أهل السنة. في حين اختلف الدكتور صفوت عبد الغني – القيادي في الجماعة الإسلامية – خلال بيان قال فيه أن الجماعة لا علاقة لها بتصريحات الشيخ عبود الزمر الاخيرة عن كون الرئيس الاسبق مرسي لا ولاية له . وقال عبد الغني في تدوينة : الحق يدعوني ان أؤكد ان ما كتبه الشيخ عبود الزمر فى مقاله المنشور اليوم في جريدة المصريون [ الأسير لا يقود والجريح لا يقرر ] لا يعبر الا عن وجهة نظره الشخصية ولا تمثل قطعا الرأى الرسمي للجماعة الاسلامية سواء مجلس شوراها أو جمعيتها العمومية وان مجلس شورى الجماعة الاسلامية يجب ان يصدر بيانا يوضح فيه ما يجب قبوله وما يتحتم رفضه من هذا المقال . وأضاف: ومع بالغ حبنا وتقديرنا للشيخ عبود واحترامنا لتاريخه وفضله وجهاده فإنني أؤكد على ما نشرته على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ 13 / 6 /2014 بشأن بعض التصريحات التى تصدر من البعض ولا تمثل الرأى الرسمي للجماعة الاسلامية حيث ذكرت ما نصه : اولا : أن موقف ” الجماعة الاسلامية ” ” وحزب البناء والتنمية ” بفضل الله تعالى ثابت وراسخ منذ الانقلاب على الشرعية وحتى اليوم وينطلق من عدة ثوابت اهمها : وجوب نصرة الدين والدفاع عن قضايا الامة والوقوف فى طليعة الثوار لاسترداد الحق والعدل والشريعة والشرعية . ثانيا : ان ” الجماعة ” ” والحزب ” تدار بطريقة مؤسسية تقوم على تفعيل مبدآ الشورى الواجبة والملزمة وأنه لا مجال نهائيا بعد تشكيل الجمعية العمومية للجماعة والمؤتمر العام للحزب للادارة الاستبدادية التى تعتمد النزعات الفردية او الآراء الشخصية . ثالثا : ان القرارات الرسمية النهائية تعبر عنها البيانات الرسمية ” للجماعة ” و” الحزب ” وليس التصريحات او المقالات الشخصية والتي تعبر بطبيعة الحال عن الأراء الشخصية لاصحابها والتي يلتزم أصحابها في النهاية بالقرارات الرسمية ” للجماعة والحزب ” . فى المقابل، أعلنت جماعة الإخوان أنها مستمرة فى ثورتها، وأن رؤية «الزمر» لن تؤثر عليها على الإطلاق. وقال أحمد البقرى، عضو قسم الطلبة بالإخوان، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر، إنهم لا يهتمون كثيرا بمثل هذه التصريحات، وإن الشباب فى الشارع أقوى من كل الحركات والأحزاب.