رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت قال في مقابلة مع صحيفة يديعوت احرنوت إن على إسرائيل الانسحاب من كافة الأراضي تقريبا التي احتلتها عام 1967 وتقاسم القدس مع الفلسطينيين، إذا كان الإسرائيليون يرغبون في السلام. وقال ايضا إن على اسرائيل الانسحاب من هضبة الجولان مقابل السلام مع سوريا. هذا الصدق على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي يأتي متأخرا، ويأتي مناقضا للافعال. وفقا لجماعة السلام الآن الإسرائيلية تضاعف بناء المستوطنات اليهودية تقريبا في ظل حكومة اولمرت، وزاد عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية بنسبة عشرة في المائة ، وبلغ هذا العدد اليوم حوالي 290 الفا. المنازل اليهودية الجديدة لا تقام فقط في المستوطنات القريبة من اسرائيل والتي يمكن ضمها الى اسرائيل في اي اتفاق سلام نهائي، بل إن هذه المنازل تقام ايضا في عمق الضفة الغربية وفي مواقع اعلنت حكومة اولمرت انها غير شرعية، لأنها لا تحظى بمباركة رسمية من الحكومة. كما ان اولمرت وعد بتفكيكها وإزالتها. في عام 1992 خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق شامير من الحكومة ، ثم قال في مقابلة صحفية إنه لم يكن جادا على الإطلاق في مفاوضات السلام التي اجراها مع الفلسطينيين، وإن هدفه الحقيقي كان كسب الوقت وتعطيل المفاوضات عقدا من الزمن تتمكن خلاله اسرائيل من توطين مئات الآلاف من اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة. في ذلك الوقت كان ايهود اولمرت وزيرا في حكومة شامير يشاركه حلم (اسرائيل الكبرى). اليوم يبرر اولمرت سجله الطويل المؤيد للتوسع في المستوطنات بقوله: خلال جزء كبير من هذه السنين التي مرت، لم اكن مستعدا ان انظر الى الحقيقة بكل اعماقها. عبر ستة عشر عاما، من 1992 حتى اليوم، تغيرت اسرائيل سياسيا بصورة كبيرة. فقبل 1992 لم يكن هناك قبول لفكرة دولة فلسطينية مستقلة، بل ولم يكن هناك لدى الأغلبية البرلمانية قبول لمفاوضات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية. اليوم يستطيع اولمرت وهو زعيم سابق لحزب الليكود اليميني المتشدد ان يقول جهرا إن على اسرائيل الانسحاب من كافة الأراضي المحتلة باستثناء جزء صغير. وباستطاعته ايضا ان يتحدث عن اقتسام القدس عاصمة لدولتين. وراء هذا التغيير الذي حدث عبر 16 عاما حقيقة ديموغرافية مؤلمة للإسرائيليين. ورئيس الوزراء اولمرت يدرك اليوم ان البديل عن الانسحاب هو تحول اسرائيل الى دولة ثنائية القومية، ثلاثية الدين، يكون فيها اليهود اقلية امام الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين. وهذا الواقع الديموغرافي يجد صداه لدى الشعب الإسرائيلي، إذ توضح استطلاعات الرأي ان اغلبية الإسرائيليين يتفقون مع اولمرت في تقييمه. رغم هذا الإدراك ، ورغم التغيير السياسي الكبير في اسرائيل، نجد ان اولمرت خلال حوالي عامين في الحكم، لم يبدل سياسة اسرائيل. والدليل هو معدل بناء المستوطنات والزيادة في عدد اليهود الذين يعيشون اليوم في الضفة الغربية. ما تبدل في اسرائيل هو استعداد نظري فقط لقبول دولة فلسطينية تقام داخل حدود يقبلها معظم العالم. لكن بناء المستوطنات مستمر ببطء حثيث. وزعماء اسرائيل غير راغبين او غير قادرين على وقفه. وهذا يأخذنا الى رئيسة الوزراء المقبلة التي يرجح ان تخلف اولمرت وهي وزيرة الخارجية الراهنة تسيبي ليفني، التي تقول إن هناك حاجة عاجلة الى سلام شامل مع الفلسطينيين لأن الوقت لا يخدم مصلحة اسرائيل. وهي تتفق مع الفلسطينيين في ضرورة التفاوض على معاهدة شاملة تغطي كافة القضايا وليس على اعلان بالمبادئ، كما اراد اولمرت. هذه المعاهدة كان يفترض ان تتم بحلول يناير 2009 وهو موعد خروج جورج بوش من البيت الأبيض. من قبل نحن ما زلنا نتذكر كيف ان الرئيس بوش اراد قيام دولة فلسطينية في العام 2005. لكن الأهم اليوم هو ألا يأتي يوم بعد اربع سنوات من الآن نسمع فيه تسيبي ليفني تقول في مقابلة صحفية: على اسرائيل الانسحاب إذا كانت تريد السلام، لأن مرور الوقت لا يخدم مصلحة اسرائيل.