لو فهم الناس الإسلام فهما صحيحا .. لاستقامت خطاهم .. واستوت دروبهم .. واستقرت حياتهم بعيدا عن الزيغ والضلال والشقاء ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ) 123 من سورة طه ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) 13 من سورة الأحقاف .. ولو استوعبوا مقاصد الدين .. وانشغلوا بكلياته .. والتفوا حول أسسه وأركانه .. وتسامحوا في فروعه وجزئياته .. وانصرفوا عن الجدل والمراء .. وابتعدوا عن مواطن الخلاف .. لما شغلتهم التفاصيل .. واستغرقتهم المتاهات .. وضيعوا أوقاتهم في دهاليز التفكك والتحزب .. فالفرقة هي الداء العضال .. وهي أس البلاء .. وهي السبب المباشر للضعف والهزيمة .. بل إن القرآن الكريم قطع بما لا يدع مجالا للشك أن الذين يفرقون الدين ويمزقون وحدة المسلمين بعيدون تماما عن الإسلام الصحيح ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) 160 من سورة الأنعام ( ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا .. كل حزب بما لديهم فرحون ) 31 – 32 من سورة الروم .. فليس الإسلام طقوسا أو ألفاظا أو مظاهر أو شعارات .. وليس انعزالا أو انكفاء على الذات أو تفاخرا بالآباء والأجداد .. وليس بكاء على الأطلال .. أو اختلاقا لمبررات العجز والكسل والهوان والوهن .. الإسلام دين القوة ومواجهة الباطل ومقاومة الفساد .. والمسلم لا يطأطيء رأسه لمخلوق أيا كان ولا ينحني ولا يركع إلا لله .. ولا يسلم أخاه ولا يخذله .. ولا يكون عونا لأعداء الله أبدا .. فما بال المسلمين اليوم – رغم كثرة عددهم – يتساقطون وينبطحون أمام كلاب الأرض .. ويلهثون وراء كل سفيه .. ما بالهم سكرى يترنحون .. وينخرطون في دوامات البغي والفسق والفجور والظلام .. هل يعجز مليار ونصف مليار مسلم إن ينقذ شعب فلسطين المجاهد من ضراوة الحصار وخطة التجويع التي يفرضها عليه ألد أعداء البشرية أهل الغرب الذين يدعون أنهم حماة حقوق الإنسان ؟ ! .. هل يعجز مليار ونصف مليار مسلم أن يوفروا لأطفال فلسطين ونساءه ورجاله ما يقيم أودهم ويحفظ حياتهم .. ويكفيهم ذل انتظار المعونات من أعدائهم ؟ ! .. أليس الواجب الحتمي يجعلنا نؤكد لهم بالقول والفعل ألا يقبلوا هذه المعونات من الأعداء .. وأن تكون أمتهم هي ملاذهم ؟ ! .. لقد سرق الغرب أموالنا .. واستولى على ثرواتنا منذ عقود طويلة بالتوافق مع أنظمة حكم عميلة تعطيهم كل شيء مقابل البقاء في السلطة .. والآن يعاقبنا هذا الغرب بمنع رغيف الخبز عن شعب صامد .. لأنه اختار طريق المقاومة والجهاد .. وتطلع إلى الكرامة والحرية .. وقرر التخلص من الاحتلال والعدوان .. واسترداد حقوقه المشروعة .. فهل نكون عونا لهم على إحكام الحصار على الشعب البطل الذي يدافع عن شرف الأمة كلها ؟ ! .. وهل نسمح لهم أن يفرضوا على حكومة حماس تنازلات يضطرون إليها تحت وطأة الحصار والتجويع والمقاطعة ؟ ! .. والله لو حدث ذلك فلن نستحق الحياة .. وسيكون باطن الأرض خير لنا من ظاهرها .. ولا يليق بنا حينئذ أن نتشدق بادعاء الإسلام .. أو نزعم انتسابنا لأي دين سماوي أو حتى أرضي .. هل يستمر البعض في وقوفه مع الأعداء بدعوى الحنكة والحكمة والمصلحة .. إلى آخر هذه الألاعيب المكشوفة ؟ ! .. لقد ضيع هؤلاء أفغانستان بمساندتهم أمريكا وحلفاءها الأوغاد .. ووقفوا مع تحالف الشمال .. ومن قبل أجهضوا التغيير السلمي في الجزائر .. وساندوا الحكومات المتعاقبة التي تحتمي بالغرب لمنع إقامة حكم إسلامي .. ووقفوا ضد صانع النهضة الصناعية في ماليزيا مهاتير محمد .. ويساندون الآن قوات التحالف في العراق ضد المقاومة العراقية الباسلة .. كما يحاولون زعزعة استقرار الحكم في سوريا لاحتضانه رموز المقاومة في كل من فلسطين والعراق .. وفي مصر أيضا يقفون حجر عثرة في طريق التغيير الذي يتوق إليه الشعب المصري .. وهكذا في كل بلد نجد المعوقين والمرجفين والمثبطين والمنافقين .. ونجد التدني والتآمر والتشتت واتباع الهوى .. وليست كل هذه الأعمال من صنع الحكام وحدهم .. بل إن العديد من الجماعات والأحزاب المنتسبة للإسلام تفعل نفس الشيء أيضا .. والمتابعون يعرفون ذلك جيدا .. إذا .. لابد أن نتجاوز هذا الغثاء .. وهذا الزبد الذي يذهب جفاء .. ولنوحد جهودنا وطاقاتنا فيما ينفع الناس بعيدا عن الشرذمة والزندقة .. ولنقدم أقصى ما نملك لنجدة ونصرة أهلنا في فلسطين .. فنحن أحوج إلى ذلك منهم .. والأمة كلها ستهلك إذا قبلت هذا الحصار المهين .. وتركت هؤلاء الأبطال يعانون ويكابدون وحدهم مكر الأعداء والعملاء.