حالة من الجدل فرضت نفسها على مسار قضية المصالحات بين الهلايل والدابودية بأسوان عقب الأحداث الدموية التى وقعت بين الطرفين مطلع شهر إبريل الماضى، والتى أودت بحياة 26 شخصًا، ولا يزال طرفا النزاع القبلى يتمسكون بشروط تعجيزية تعطل أعمال لجنة المصالحة المشكلة بقرار من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمعنية بجهود المصالحة، حيث أعلنت قبيلة بنى هلال تمسكها بشكل نهائى بقيام أبناء قبيلة الدابودية ذات الأصول النوبية بتقديم أكفانهم (القودة) المعروف فى العادات العربية، إلى أبناء قبيلة بنى هلال داخل مقر جمعية بنى هلال بمنطقة السيل الريفى شرق أسوان التى شهدت المجزرة البشعة بين الطرفين. واعتبرت بنى هلال هذا الشرط غير قابل للنقاش وبتنفيذه يمكن التفاوض بشأن البنود الأخرى للمصالحة. فى المقابل، رفض ما أطلق عليه اتحاد شباب النوبة مسألة تقديم الكفن (القودة) لأبناء قبيلة بنى هلال، الأمر الذى اعتبروه خروجًا عن الشريعة الإسلامية. وأكد هانى يوسف رئيس الاتحاد النوبى العام السابق بالمحافظة، أن فكرة تقديم الأكفان أو القودة، كما يطلق عليها فى الأعراف العربية، هى عودة للوراء لعصور الجاهلية، مشددا فى الوقت ذاته، على أنه لا يمكن أن تسمح مصر التى أبهرت العالم عقب ثورتيها الأخيرتين فى تفويض لجنة المصالحات المعنية بجهود المصالحة بين الهلايل والدابودية، والمشكلة تحت رعاية شيخ الأزهر، أو أن تتورط فى مسألة إرغام أبناء النوبة فى تقديم أكفانهم للطرف الثانى فى النزاع بهذه الطريقة. وطالب، مشيخة الأزهر الشريف، بأن تنأى بنفسها بعيدًا عن مثل هذه الأمور التى لا أساس لها فى الشرع ولا الشريعة الإسلامية، وأن الأزهر لا يمكن أن يغامر بدوره وسمعته العالمية فى التمسك بمعتقدات وموروثات تتنافى مع الشريعة. وشدد على ضرورة تبنى الأزهر الشريف إلغاء مثل هذه العادات التى تعيد مصر إلى العصور القديمة وتتنافى مع مبادئ الدستور المصرى الجديد، وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على التنوع الثقافى فى مصر، حيث من غير المعقول أن يقر الدستور مادة للتنوع الثقافى وتجد هناك مطالبات تسعى إلى إلزام النوبيين بتقديم (القودة)، على رغم أنها من العادات العربية وليست النوبية. يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه اتحاد شباب النوبة بأسوان وقرى مركز نصر النوبة خلال المؤتمر النوبى الذى تم عقده بجمعية دار الضيافة بمنطقة السيل الريفى شرق المحافظة عن رفضهم بشكل تام لمسألة القودة (الأكفان)، لتسوية النزاع القبلى مع قبيلة بنى هلال، معلنين عن تمسكهم بالشريعة الإسلامية فى تسوية الخلاف. كما رفضوا أيضًا قرارات لجنة المصالحة المشكلة من قبل شيخ الأزهر، واعتبروا أن اللجنة منسحبة، واعتبروا أن اللجنة المعنية بالمفاوضات، والتى تضم ممثلى النوبة منسحبة أيضًا، مطالبين بإعادة تشكيل لجنة المصالحات المشكلة من قبل شيخ الأزهر بضم عدد من الحكماء من مختلف محافظات مصر. كما طالبوا فى الوقت ذاته الأجهزة الأمنية بالإفراج عن شباب النوبة الذين تم اعتقالهم على خلفية أحداث الهلايل والدابودية. من جانبه، كشف الشيخ كمال تقادم، المتحدث الإعلامى باسم لجنة المصالحات فى أحداث قبيلتى الهلايل والدابودية بأسوان المشكلة من قبل شيخ الأزهر، أن هناك محاولات لعرقلة عمل اللجنة من خلال الادعاء بتوقف أعمالها بشأن وضع تسوية نهائية للأزمة المفتعلة بأسوان، مشيرًا إلى أن هناك أيادي خفية تلعب لتوسيع الفجوة فى التقريب بين وجهات نظر القبيلتين المتناحرتين وتأخير إجراءات الصلح بينهما.