أوردت نيويورك تايمز تقريرا حول حث دولة إيران مواطنيها على مضاعفة الإنجاب، بعد قلقها بإنخفاض معدل الإنجاب داخل البلاد. قالت الصحيفة : "بيتا في الثلاثين من عمرها، متزوجة، ولديها احتمالات لمستقبل مهني ناجح، إذاً من الطبيعي أن تبدأ بالتفكير في الخطوة المنطقية التالية في حياتها، وهي أن تصبح أماً! ولكن بالنسبة لبيتا وعدد متزايد من الشباب المنتمين إلى الطبقة المتوسطة في إيران، أصبحت تربية طفل هي شيء من الماضي بالنسبة لتفكيرهم، خاصةً وأنهم متشائمون للغاية بشأن مستقبل بلادهم. وقالت بيتا، والتي طلبت مثل زوجها عدم نشر اسم عائلتها حتى يتمكنوا من التحدث بحرية، بأنها قامت بالإجهاض مرتين، رغم أن هذه العملية غير شرعية في إيران. وأضافت “نحن جادون حقاً بشأن عدم الحصول على أطفال”. وقد عبر قادة إيران عن قلقهم من التراجع الحاد الذي تشهده معدلات الخصوبة في البلاد، والتي يتوقع الخبراء أن تخفض نسبة النمو السكاني إلى الصفر في غضون 20 عاما، ولهذا بدأت طهران بمبادرة واسعة لإقناع الأسر الإيرانية بإنجاب المزيد من الأطفال. الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، دق ناقوس الخطر في خطاب في الشتاء الماضي، قائلاً أنه “يهتز من الخوف بشأن هذه القضية الخطيرة”. وأضاف: “بعد بضع سنوات، وعندما يصبح جيل الشباب الحالي كبيراً في العمر، لن يكون هناك علاج لهذه المشكلة”. وتابع الخامنئي بالقول بأن الآمال الآن معلقة ببرنامج وزارة الصحة “14 نقطة”، الذي أعلن عنه أواخر الشهر الماضي، بأن يؤدي إلى مضاعفة عدد سكان إيران إلى 150 مليون بحلول عام 2050. ويتضمن البرنامج إقامة مستشفيات للتوليد والسماح للنساء بأخذ إجازة الأمومة لفترات أطول. كما، وعلى العكس من السياسات السابقة للسيطرة على النمو السكاني، ألغت الحكومة الدعم عن الواقي الذكري وحبوب منع الحمل وعمليات قطع القناة الدافقة الحرة. وحتى اللوحات الإعلانية في العاصمة طهران تظهر هذه الأيام والداً وأطفاله الخمسة يركبون الدراجات جنباً إلى جنب ويضحكون، بينما تركوا وراءهم شخصاً مستاءً لديه طفل واحد فقط. هؤلاء الآباء الذين ينتجون بالفعل خمسة أطفال أصبحوا الآن مؤهلين أيضاً للحصول على مكافأة قدرها 1500$. وقال هادي النجفي، 25 عاماً، وهو لاعب كرة قدم محترف سابق عاطل عن العمل حالياً، “عندما أرى تلك الإعلانات أتساءل: كيف يمكن لهذا الوالد أن يبتسم حتى؟ شخصياً، لم يكن لدي المال لأتزوج، ناهيك عن مواكبة زيادة الإيجارات بنسبة 25 في المئة سنوياً”. وأكد النجيفي: “أي شخص لديه الكثير من الأطفال هو إما غني جداً أو غير مسؤول للغاية. ليس هناك أي حل آخر”. وعلى الرغم من تضاعف عدد السكان منذ عام 1979، معظم الزيادة جاءت في السنوات التي تلت ثورة 1979 مباشرةً، عندما طغى الفرح والآمال الهائلة على التوقعات بشأن مستقبل أفضل، وهو ما أوصل معدل المواليد في إيران إلى 3.6 طفلاً لكل زوجين. هذه الزيادة المفاجئة في أعداد السكان دفعت إلى الخوف من أن اقتصاد البلاد لن يكون قادراً على توفير فرص عمل لعدد متزايد من الشباب، وهو أمر قد يتشابك مع التداعيات السياسية ويجعلها قابلة للانفجار. وبالتالي قدم رجال الدين الأكثر اعتدالاً في إيران حملة “أطفال أقل، حياة أفضل” لإنقاص معدل المواليد. وبالفعل تضاءل عدد الأطفال لكل زوجين الآن إلى 1.3، وهو ما يعد أكثر نموذجية من تجارب البلدان الأكثر تطوراً وذات الدخل المرتفع مثل ألمانيا، والتي معدل خصوبتها الآن يقف عند 1.4. هذا وتتشابك هذه المشكلة الديموغرافية في إيران مع فترات طويلة من الصراع مع الغرب بسبب برنامجها النووي، والذي يعد واحداً من المصادر الرئيسية لمشاكلها الاقتصادية بعد فرض الدول الأوروبية وأميركا لسلسلة من العقوبات الاقتصادية القاسية في السنوات الأخيرة لمعاقبة طهران وإحضارها إلى طاولة المفاوضات.