بقلم: وليد الزبيدي قبل ثلاثة اسابيع اعلن الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش انه قرر سحب عشرة الاف جندي من العراق، ونشرت هذا الخبر وسائل الاعلام الاميركية والعراقية في صفحاتها الاولى، وربط الجميع بين هذا القرار الاستراتيجي الهام وما أسموه بالتطورات في الاوضاع الامنية الحاصلة في العراق، وذهب المحللون القريبون من الاحلام الاميركية الصفراء الى ابعد النقاط ، واقتربوا من حافات الانتصار الذي ينشدون في العراق ، وقالوا ان قرار سحب هذا العدد من الجنود، يؤكد النجاحات العسكرية الاميركية في العراق، وان القوات الاميركية لم تعد بحاجة الى المزيد من الجنود على ارض الرافدين،وان الخطوات اللاحقة ستكون بمثابة السباق السريع لسحب المزيد من القوات الاميركية من ميدان الحرب في العراق،وان القرارات الاخرى على هذا الصعيد يجري الاعداد لها وصياغتها في اروقة البنتاغون والبيت الابيض في العاصمة الاميركية ، ولس ثمة ما يقف عائقا امام هذه الخطوات التي تعبر في طبيعتها عن تحقيق النصر المنشود،هذه الخلاصة التي رسمتها افواه المطبلين للغزو الاميركي للعراق والذين يسيرون في ركب السياسة الاميركية، لكن مايثير الانتباه،ويضع العديد من علامات الاستفهام امام هؤلاء واولئك ، ان هؤلاء جميعا سواء من الصحافيين والسياسيين او المحللين، الذين ابتهجوا بخبر سحب عشرة الاف جندي اميركي من العراق،والذي تم الاعلان عنه عبر بيانات وتصريحات صادرة من البيت الابيض،لا يتطابق والمعلومات الاخرى،حيث لم يتوقف احد من هؤلاء عند الاعلان الذي جاء هذه المرة من البنتاغون، ويقول انه بصدد ارسال تسعة وعشرين الف جندي الى العراق، ورغم كل مايحمله هذا الاعلان من اخفاق كبير وضبابية وعدم قدرة على الفرز الموضوعي في قضية العراق، الا ان الذين فرحوا بالامس لقرار الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش، وصفقوا له، وسطروا المقالات والكتابات، ورسموا صورة الانتصار الكبير ، لم يتوقفوا عند اعلان البنتاغون الذي قرر ارسال ثلاثة اضعاف عدد الجنود الذين تقرر سحبهم من العراق.ولا يعرف هؤلاء الى اين ذاهبون ،وكل ما يسمعونه هو هذا الخليط من التصريحات التفاؤلية والبيانات الانشائية التي تحاول صناعة صورة في الذهنية الاميركية، مغايرة لما تكدس في عقول الشعب الاميركي الذي يشاهد عشرات الالاف من المعاقين والمجانين، اضافة الى الاعداد الهائلة من الجرحى الذين عادوا بعاهاتهم وجراحهم من ارض العراق، بعد ان طالتهم نيران المقاومة في العراق وألحقت بهم هذا الحجم الكبير من الخسائر البشرية والمادية. ان المانشيتات العريضة التي تتحدث عن صورة اخرى في العراق ،لا تنطبق على ارض الواقع وهذا ما يقر به القادة الكبار في وزارة الدفاع الاميركية، عندما يضطرون للحديث بشيء من الواقعية،فيجبرون على النطق بكلمة حق،ويتم اختصار نتائج الحرب الاميركية في العراق بالقول ان كل ما تحقق يقف على ارض رخوة جدا،وان الامن هش ولا ثقة بكل شيء. اما الذين يغادرون ليجري الحديث عن رحيلهم في وسائل الاعلام فهم المحظوظون،والقادمون خائبون ،والضحايا كثر من حشود هؤلاء الوحوش.