بعد فشل محاولته الانقلابية الأولى في شباط/ فبراير الماضي، حاول اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” مجدداً إنجاز انقلاب فعلي في ليبيا، عبر شنّه حملة عسكرية صباح يوم الجمعة 16 أيار/مايو 2014 ضد “أنصار الشريعة”، وغيرها من القوى الإسلامية في بنغازي، حيث أثارت هذه المعارك عدداً من الأسئلة حول خريطة الكتائب العسكرية في ليبيا، ومدى قدرة حفتر على إنجاز انقلاب على الثورة الليبية، وعلى الرغم من أن المعارك الأخيرة، أثبتت أن الكتائب الإسلامية هي التي تملك القوة الفاعلة على الأرض، وأن قوات حفتر لا تملك سوى التفوق الجوي مجهول المصدر، فإن “المصيدة” رأت نشر خريطة الكتائب العسكرية في ليبيا. -طرابلس وغرب ليبيا، وتهيمن عليها ثلاثة قوى مسلحة: 1- غرفة عمليات ثوار ليبيا وهي تجمع لعدد من الكتائب التي شاركت في الثورة، ولها حضور قوي في العاصمة طرابلس، حيث تسيطر على أغلب العاصمة، وقد قام الثوار بتشكيلها بعد بروز مخاوف من اختطاف الثورة والانقلاب عليها، وهي تقف مع شرعية المؤتمر الوطني وتساند حكومة أحمد معيتيق. 2- كتائب مصراتة الكتبية الأقوى في غرب ليبيا، وتتميّز بأنها الأكثر انضباطاً، حيث لعبت دورا أساسياً في انتصار الثورة من خلال صمودها لأشهر أمام الحصار والقصف، ومن ثم ساهمت بفاعلية في دخول طرابلس وإسقاط نظام القذافي، وإلقاء القبض عليه في مدينة سرت. وقد لعبت كتائب مصراتة دوراً كبيراً في المعارك الأخيرة، حيث دخلت إلى العاصمة طرابلس وقامت بضبط الوضع داخله، وتعد كتائب مصراتة محسوبة على الإسلاميين، كما أنها تساند رئيس الوزراء الحالي “أحمد معيتيق” المنحدر من مصراته. 3-كتائب الزنتان هي قبيلة جبلية (الجبل الأخضر)، تقع في الجنوب الغربي لطرابلس، ومن أشهر كتائبها القعقاع والصواعق، وقد قامت بالسيطرة على مطار طرابلس خلال الثورة، وإلقاء القبض على سيف الإسلام القذافي، في عملية أثيرت حولها الكثير من علامات الاستفهام، وبعد الثورة تحالفت مع قوات حفتر، وقامت باقتحام مقر البرلمان الليبي أكثر من مرة، وهناك من يتهمها بأنها تتبع لمحمود جبريل، وسبق لها دعم رئيس الحكومة الفار علي زيدان. -شرق ليبيا، تركيبتها القبلية أكثر تعقيداً، وأهم الفاعلين فيها هم: 1-كتيبة شهداء 17 فبراير: تسمى اللواء 319، وهي من الكتائب القوية التي شاركت في الثورة الليبية، وتعد هذه القوة محسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين، وقد انضمت إلى قيادة الأركان الجيش الليبي الجديد، لكن خصومها يتهمونها أنها تخضع للجيش اسميا فقط، خاصة بعد رفضها الانسحاب من مقرها في بنغازي، عندما طلبت قيادة الأركان ذلك، ولكنها في الحقيقة لم ترفض الطلب، وإنما اشترطت انسحاب جميع الكتائب المسلحة من المدن دون استثناء، حتى تنفّذ انسحابها. 2-كتيبة رف الله سحاتي: من الكتائب القوية التي يقودها إسماعيل الصلابي شقيق الداعية والمؤرخ علي الصلابي، عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والمقيم في قطر، وهي الأخرى محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، لذلك تعرّضت لهجوم مفاجئ من قوات حفتر المدعومة من مصر والسعودية والإمارات. 3- جماعة أنصار الشريعة: وتتركز أكثر في بنغازي ودرنة في الشرق الليبي، وتنتمي إلى السلفية الجهادية، وقد صنّفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية كمنظمة إرهابية، رغم نفيها الانتماء إلى تنظيم القاعدة. وتمتلك أنصار الشريعة عدة مؤسسات خيرية وعيادات طبية ، وسبق لها أن دخلت في اشتباكات مسلحة مع قوات الصاعقة. 4- جماعة تحكيم الدين جماعة جهادية جديدة محسوبة على تنظيم القاعدة، تأسست حديثاً، وتبنّت التفجير الذي استهدف أحد مقرات قوات الصاعقة، وتتركز في بنغازي. ويخشى ثوار ليبيا أن تكون هذه الجماعة مؤسسة من قبل بعض الجهات الاستخبارية بهدف ضرب كتاب الثوار. 5- قوات الصاعقة وهي قوات خاصة انشقت عن نظام القذافي، وانحازت للثورة، وتعدادها 3 آلاف مقاتل، وأحد قادتها يسمى النايلي ويلقب بعفاريت.. لم تلعب أي دور يذكر خلال الثورة، وكان يفترض أن تكون نواة الجيش الليبي الجديد، لكنها اصطدمت بالكتائب الإسلامية وقوات قيادة الأركان، ومع أن قوات الصاعقة تحاول أن تعلن الحياد، إلا أنها في الحقيقة تساند قوات حفتر. 6- قوات حفتر وتطلق على نفسها “الجيش الوطني”، ويقودها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وهي ترتكز بشكل أساس على كتائب مدينة طبرق، كما قادت مجموعات مسلحة خلال الثورة على القذافي. وفي هجومه الأخير على بنغازي وطرابلس، انحازت له عدة قطاعات عسكرية في الجيش الليبي، خاصة من القوات الجوية، وانضم إليه إقليم برقة الانفصالي،وكذا قوات الصاعقة في بنغازي، وكتائب القعقاع والصواعق في الزنتان وطرابلس، وشكّلوا تحالفاً عسكرياً ضد الكتائب الإسلامية، سواء كانت محسوبة على الإخوان أو محسوبة على السلفية الجهادية، ولكن من الواضح أنها لاتملك قوة كبيرة. 7- إقليم برقة وهو تنظيم ”انفصالي” يهدف إلى الحصول على الفيدرالية للمناطق الشرقية من ليبيا، التي تملك 60% من احتياطات النفط الليبية، ويتبع للمكتب السياسي لإقليم برقة حرس الموانئ النفطية، الذين سيطروا على 4 موانئ نفطية وسط ليبيا، وتمكّنوا من تقليص صادرات ليبيا النفطية، إلى مستويات كادت أن تعلن طرابلس معها إفلاسها، وتتركز القوات التابعة للإقليم في حوض سرت، وفي طبرق أقصى الشرق الليبي، كما تسيطر على آبار نفطية في الجنوب الغربي، ولكنها قوات ضعيفة ولاتملك قوة عسكرية كبيرة. -صحراء ليبيا جنوباً وشرقا وغربا، وهي تضم مجموعات قبلية مسلحة: 1- قبائل التبو: وهم من الزنوج، الذين تعود أصولهم إلى تشاد، ويتهمون الحكومة المركزية بتهميشهم، وفيهم من نادى بالانفصال بسبب ما اعتبروه تهميشاً لهويتهم وتمييزاً ضدهم عن بقية الليبيين، ويتمركزون في الجنوب الغربي على الحدود مع تشاد. 2- الطوارق تعد مدينة غات على الحدود مع الجزائر معقلهم الرئيس، وقد ساند الطوارق القذافي خلال الثورة ضده. 3- القبائل العربية مثل أولاد سليمان، الذين خاضوا معارك مسلحة ضد التبو لأسباب قبلية. 4- قبيلة القذاذفة تتمركز في سبها في الجنوب الغربي، وتضم أنصار العقيد المقتول معمر القذافي، ومنها انطلقت بعض العمليات المسلحة ضد الحكومة المركزية بعد سقوط القذافي، لكن تم إخمادها مراراً. 5-الجماعات المسلحة العابرة للحدود إضافةً للقبائل الأصيلة في “فزان”، تضم الصحراء الجنوبية العديد من المجموعات العابرة للحدود، مثل (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة الموقعون بالدم، ومافيا التهريب ..). من خلال هذه الخريطة، يتضح لنا أن قوات حفتر، لا تتحالف سوى مع ثلاثة ميليشيات، وهي: كتائب الزنتان في الغرب، وقوات الصاعقة، وقوات إقليم برقة في الشرق، فأما كتائب الزنتان في الغرب، فهي لا تستطيع وحدها مواجهة كتائب مصراتة، وغرفة ثوار عمليات ليبيا، أما قوات الشرق فهي ليست كبيرة، فقوات الصاعقة لاتزيد عن 3000 ألف شخص، بينما قوات إقليم برقة أشبه ما تكون بعصابة مسلحة منها إلى قوة عسكرية. وهكذا، نجد أن القوات التي تتحالف مع حفتر، غير قادرة على إحداث الفوضى فقط، أما قوات حفتر فهي قوات مجهولة العدد والهوية، والسبب في ذلك أنها لا تنتمي إلى أي مجموعة، فهي تعتمد على مجموعات من مدينة طبرق، وهي أيضاً ليست مجموعات كبيرة، وفي أغلبها قوات قبلية غير منظمة عسكرياً، وبالتالي نجد أن فرص حفتر في السيطرة على ليبيا تكاد تكون معدومة إن لم نقل مستحيلة.