من وجهة نظر إسرائيل التي ترى علاقاتها مع مصر فقط من خلال النوايا، فإن فوز السيسي يمثل بشرى سارة. "حيث اهتم بالتشديد على تمسكه باتفاقات كامب ديفيد، حتى إذا ما سعى لتغيير صيغتها، فسوف يتم ذلك من خلال النظر لمصالح إسرائيل. ويدور الحديث تحديدًا عن البنود المتعلقة بتكثيف المنظومة العسكرية بسيناء من أجل محاربة التنظيمات الإرهابية".
كانت هذه الكلمات ل "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في معرض تعليقه على فوز المشير عبد الفتاح السيسي بانتخابات الرئاسة المصرية، معتبرا أنه " يمكن التوقع ألا يواجه التعاون الاستخباري والعملياتي مع مصر- الذي كان قائمًا أيضًا في السابق- أي صعوبات أو تساؤلات شعبية".
مع ذلك اعتبر "برئيل" أن هذا لا يعني أن تكون سياسة إسرائيل والسيسي متطابقة في مختلف الملفات في الشرق الأوسط وتحديدا في الشأن الفلسطيني، مشيرًا إلى أنَّ كلاهما يعتبران حماس تهديدًا أمنيًا، لكن السيسي وفي المقابل يؤيد حكومة وحدة فلسطينية، ويؤيد "استقلال فلسطين". كذلك ورغم مشاركته تل أبيب في اعتبار إيران تهديدا، فإنه قد يغير هذا الاتجاه قريبًا بعدما قررت السعودية استئناف علاقاتها مع طهران.
إلى أحضان أمريكا وأضاف المحلل الإسرائيلي أنَّ أمريكا هي الأخرى بإمكانها الآن أن تكون أكثر هدوء مع السيسي الذي لم يعد بعد الجنرال الذي قام ب "انقلاب عسكري" بل زعيم منتخب، متوقعًا أنَّ تعود واشنطن وفي ظل التآكل المستمر في مكانتها بالشرق الأوسط، إلى احتضان مصر من جديد، ودعم السيسي، وإعادة القاهرة التي نمت فيها المشاعر المعادية لأمريكا إلى دائرة الأصدقاء، نظرًا لأن هذا التحالف يعتبر حيويا من وجهة نظر أمريكا بشكل لا يقل عن أهميته بالنسبة لمصر.
شرعية الرئيس "برئيل" تطرق أيضًا إلى ضعف المشاركة في التصويت على الانتخابات الرئاسية رغم فوز السيسي بنسبة 95 % بحسب النتائج غير الرسمية، معتبرًا أنَّ نسبة التصويت التي بلغت نحو 40 % من إجمالي أصوات الناخبين تطرح من جديد مسألة الشرعية الشعبية لانتخاب السيسي.
وقال إن الذرائع التي حاول البعض تبرير ضعف الإقبال من خلالها كموجة الحر الشديد أو ضرورة التصويت في محل الإقامة غير كافية، على اعتبار أن الانتخابات التي فاز فيها الرئيس المعزول محمد مرسي شهدت أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة، لكن هذا لم يمنع مشاركة أكثر من 51 % في التصويت بها.
مع ذلك رأى المحلل الإسرائيلي أنه ورغم أن فوز السيسي بهذه النتيجة يذكر بأيام سابقة في مصر، إلا أنه لا يجب تجاهل أن هناك اختلافات بين هذه الانتخابات وبين العمليات الانتخابية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي كانت تخلو من أي بدائل وكانت نسبة الفوز معروفة مسبقا، إذا كان الحصول على أقل من 98 % يعد خسارة، لكن في هذه المرة تنافس السيسي مع مرشح آخر ليس هامشيًا أو غير معروف في إشارة إلى حمدين صباحي.
وتابع بالقول: "صحيح أن السيسي تمتع بميزة قوية في المعركة الانتخابية. حيث تم تمويل حملته الإعلانية بواسطة ميزانيات حكومية وكان الجهاز الحكومي تحت تصرفه، وكذلك معظم وسائل الإعلام التي قدرت جيدًا أنه في طريقه كي يصبح الرئيس القادم فدعمته ولم تقف في وجه برنامجه الانتخابي الغامض الذي تضمن أحيانًا أفكار غريبة مثل استخدام اللمبات الموفرة لتوفير تكاليف الطاقة".
الاستقرار والديمقراطية واستدرك بالقول: "لكن يبدو أن نجاح السيسي اعتمد في الأساس على الاختيار بين الطموحات الشعبية لنظام قوي، مستقر، مثل هذا الذي بإمكانه مواجهة الإرهاب، والعمل ضد الإخوان المسلمين وإنشاء منظومة علاقات جيدة نسبيًا مع دول الغرب والدول العربية، وبين نظام قد يبدو أكثر ديمقراطية، كذلك الذي يمثل مبادئ الثورة، لكن ليس بمقدوره تحسين فاتورة البقالة للمواطنين. ولا تختلف مصر في ذلك عن دول أخرى يفضل المواطنون فيها خلال الأزمات زعماء أقوياء، وإن كانوا عسكريين، على الكمال الديمقراطي".