رئيس مصلحة الجمارك: «التسهيلات الجمركية» تدفع حركة التجارة وتعزز تنافسية الاقتصاد    شعبة الذهب: 2.17% ارتفاعا فى سعر الذهب عيار 21 بمصر خلال أسبوع    خليل الحية: حماس متمسكة باتفاق غزة وترفض كل أشكال الوصاية والانتداب    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 70,663 شهيدا و171,139 مصابا    مدرب الأردن: سندافع عن حلم التأهل إلى نهائي كأس العرب 2025 رغم الغيابات    تشكيل منتخب مصر للناشئين مواليد 2009 أمام اليابان وديا    فرق الطوارئ بمرسى مطروح تتعامل مع تجمعات المياه بالمناطق بالمتأثرة بالأمطار.. صور    التعليم: تكثيف نشر كاميرات المراقبة بمجموعة مدارس النيل المصرية الدولية    تأجيل محاكمة سائق قتل شخصا بسبب خلافات بينهما بشبرا الخيمة ليناير المقبل    سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات    رئيس الوزراء يُتابع استعدادات المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    حزب الغد يتقدم بمقترح لتعديل قوانين الانتخابات الأربعة لرئيس مجلس الشيوخ    نقيب الزراعيين يطالب بتخصيص عام 2026 للزراعة والأمن الغذائى    بدء المؤتمر الصحفي لإعلان نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2026    محافظ أسوان يتابع جهود مكافحة مرض السعار ويوجه بتكثيف حملات حماية المواطنين    وزير التعليم يكلف «جبريل» بإدارة تطوير المناهج.. وأكرم مساعدًا لشؤون المبادرات الرئاسية    موعد مباراة ريال مدريد و ديبورتيفو ألافيس في الدوري الإسباني    كاميرات المراقبة أظهرت برائته.. محمد صبحي يخرج عن صمته في أزمة سائق سيارته    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    بعد فيديو محمد صلاح.. أحمد السقا: أموت وأدخل النار أهون من اللي حصل فيا    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    السفير محمود كارم: التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان يأتي في ظرف إقليمي بالغ التعقيد    لماذا زار طلاب جامعة بني سويف شركة النصر للكيماويات الوسيطة؟    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "صحح مفاهيمك".. "أوقاف الفيوم" تنظم ندوة توعوية حول التعصب الرياضي    الإعلام الإسرائيلي يربط حادث إطلاق النار في سيدني بمعاداة السامية    عبلة سلامة تتصدر التريند بحلقة عمرو يوسف وتوجه رسالة للجمهور    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    ألمانيا.. إحباط هجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد واعتقال 5 أشخاص    إعلان نتائج لجان الحصر السكنى بعدد من المحافظات وفقا لقانون الإيجار القديم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    فليك: بيدري لاعب مذهل.. ولا أفكر في المنافسين    «متحف الطفل» يستضيف معرضًا فنيًا عن رحلة العائلة المقدسة في مصر    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    استمرار لقاءات رئيس شركة الصرف الصحي للاستماع لشكاوى العاملين ومقترحاتهم    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغني ال POP يوسف إسلام يعود إلى الأضواء من جديد
نشر في الشعب يوم 28 - 04 - 2014

عاد المغني البريطاني "يوسف إسلام" كات ستيفن سابقا إلى الأضواء وإلى واجهة الأحداث من خلال وما تناقلته الصحافة العربية والأجنبية ، وذلك في حفل لتكريمه في حفل خاص بقاعة ال"روك آند رول" في السبت 26 أبريل 2014حيث أثار جدلا واسعا حيث القاعة مخصصة لمشاهير رقصة ال"روك آند رول "
بالطبع لم يكن الحدث كذبة أبريل، بل الحنين إلى الماضي أو كما قيل حين عاد بعد 33 عاما من إسلامه ليقف ممسكا بجيتاره وسط معجبيه ، الذين يحدوهم الحنين إلى أغنياته التي لم تغادر الذاكرة الغربية لحظة حتى بعد أن توارى عن الأضواء ..
كانت مؤشرات الراديو في العالم تشير إليه وبإلحاح، وسرعة صعوده ونجاحه كانت مثار إعجاب، أخذ طريق النجاح قفزا بخلاف الكثيرين، أغانيه كانت تحمل الشجن المفقود لدى الأوروبيين ، كان يُعد من أشهر وأهم مغنيّي البوب POP الإنجليز، أغنياته كانت تتصدر قوائم أهم الأغنيات في جميع العالم، وكانت المفاجأة أنه أشهر إسلامه في أواخر السبعينات، وغيَّر اسمه إلى يوسف إسلام، وصار من أهم الدعاة للإسلام في إنجلترا والعالم الغربي
وله الكثير من المؤسسات الخيرية في العالم تحمل اسمه، واهتم بالطفل المسلم وهويته في الغرب ، فافتتح العديد من المدارس الإسلامية التي أثارت في مناهجها إعجاب الكثيرين على رأسهم الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، والرئيس الروسي السابق ميخائيل جورباتشوف، ويشارك في الدعوة إلى الله الآن وبقوة، والمثير للدهشة أن هذه الحقبة شهدت إسلام عدد من الغربيين من الذين طبقت شهرتهم الآفاق ،مثل الدكتور مراد هوفمان السفير والسياسي الألماني السابق في المغرب ، وروجيه جارودي المفكر والمنظر الفرنسي وغير أولئك .

كات ستيفن Cat Stevens لا أظن أن أحداً من الغربيين لم يسمعه أو يسمع عنه ، مغنّي البوب ال POP الذي كانت تتسابق الإذاعات ومحطات التلفاز الغربية على بث أغانيه،حتى أني لم أجد عناء في وجود مادة غزيرة عنه على شبكة الإنترنت لقد وجدت على الشبكة عند البحث عن الاسم يوسف إسلام وجدنا حوالي 9,280,000 نتيجة!!، أما عن الاسم Cat Stevens فقد وصلت النتائج إلى6.270.000 نتيجة عبر محرك جوجل ، ولا نعجب من أن الذاكرة لا زالت تتابع أخباره سواء كان كات ستيفن أو يوسف إسلام ، إنه شغف لا حدود له بهذه الشخصية التي أتعبت الكثيرين ، لا يزال كات ستيفن مغني البوب ، في ذاكرة محبيه، رغم تركه للأضواء منذ العام 1977 حين أعلن إسلامه، ولكن ظلت أغانيه الأكثر استماعا، وإقبالا.
لقد وجدت كمّا من الصور والأخبار والمتابعات ، وتقييم أغانيه إلى الآن في موقع لم يقم هو بتأسيسه، ولم ينفق عليه،وإنما قام بذلك محبوه، وجمعياتهم التي فاقت الحصر بعد أن شبّت شبكة الإنترنت على الطوق، لقد أطلق الكثيرون اسمه على أولادهم، ويدفعهم الفضول لأن يتعرفوا على أسباب دخوله الإسلام، وكان لهذه الخطوة الكبيرة منه أثر في دخول الكثيرين للإسلام، واكتشفت أن هناك أكثر من شخصية قد لا تكون بشهرته يطلق عليها كات ستيفن ،وأيضا وجدت الكثيرين يهاجمونه فقط لأنه اختار الإسلام معتقدا.
وكانت للنجم العالمي عدة محاولات يطل بها على العالم عقب إسلامه، منها عودة نجم البوب للغناء، في 2006 ، ثم أعقب ذلك عددا من المشاركات ، وواضح أنه لم يفقد بريقه ولا جمهوره القديم ، والجمهور الذي دفعه الفضول للاستماع إليه ليرى ماذا فعل الإسلام في الفنان العجوز، الذي ترك الأضواء ..

السقوط في الهاوية
نشأ كات ستيفن في أسرة مسيحية لأب يوناني أرثوذكسي ،وأم سويدية كاثوليكية، وكان يتلقى المعرفة الدينية في الكنيسة الإنجيلية،كان لهذا التنوع المعرفي أثر عليه ، فقد أتاح هذا له المقارنة المحايدة ليكون لذلك أثر في ما بعد ، الناس أطلقوا عليه ستيف وليس كات حيث ولد في 21 يوليو1947، كانت الأسرة لها ارتباط بالكنيسة وكشأن الغربيين كانت العلاقة مجرد جانب شكلي في غالبه ، يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد لحضور القدّاس،أو يحتفلون بقدوم الأعياد،أو تعميد الطفل الصغير ليكون مسيحيا في المستقبل، يقول يوسف عن نفسه : " كانت أسرتي تدين بالمسيحية وكانت تلك الديانة التي تعلمتها وتعلمت أن الله موجود ولكن لا يمكننا الاتصال المباشر به فلا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق Jesus Christ يسوع المسيح فهو الباب للوصول إلى الله، وبالرغم من اقتناعي الجزئي بهذه الفكرة إلا أن عقلي لم يتقبلها بالكلية".

كان يراوده الشك في الطقوس التي يؤديها في الكنيسة ، لقد صارت الكنيسة في بريطانيا مليئة بالتماثل سواء للسيد المسيح ،أو أمّه السيدة مريم Our Lady أو الكثير من القديسين Sainthood يقول عن نفسه : كانت فكرة التثليث أو ثلاثية الإله تقلقني وتحيرني ولكني لم أكن أناقش أو أجادل احتراماّ لمعتقدات والدي الدينية.
تحت الأضواء
بدا نجم كات ستيفن يلمع كموسيقي ومغن في بداية حقبة السبعينات، وإن كان البداية قبل ذلك بكثير منذ وطئت قدماه انجلترا وصدر له الألبوم الأول "ماتيو والولد" يعني كلبه الذي كان يحبه وذلك في العام 1967، لقد نجحت أغانيه في هذا الألبوم وحاز على مراكز متقدمة مما أهله للمنافسة ،وظل في شهرة تتنامى حتى النصف الثاني من عقد السبعينات حين قام بعمل يعود ريعه إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة وذلك في العام 1974 حينها ظهر ك يوسف إسلام المغني المسلم .
ابتعد كات ستيفنس رويدا عن والده وما يعتقد، كانت له رغبة أن يكون نجما مشهورا لديه من المال ليقتني كل ما يريد، وهذا حلم الكثير من الذين عشقوا هذا العالم ،الأضواء هي الهروب ،وهي الحلم الذي يكون ملاذا للكثيرين ، البيئة المرفهة ،والأضواء المبهرة والأعمال الفنية المبهرة والموسيقى العذبة بأصابع كات ستيفن الذهبية ،وإقبال المعجبات لتوقيع الأوتوجراف ،والكثيرات كن يطمعن في نظرة بل أي ذكرى من النجم الشهير .
لا نستغرب إذن حين وجدنا عالما خاصا من محبي كات ،وجمعيات تؤسس موقعا على الشبكة خاصا به ، وكان من المفترض أن يأفل النجم بمجرد أنه أقلع عما يحبون ،ولكن أفادت بعض المؤشرات أن معدل بيع أغانيه لا يزال معدلا مقبولا رغم مرور ربع قرن على غيابه .
عشق الثراء
رغب كات ستيفنس أن يكون نجما لامعا، اتخذ أحد أقاربه خاله مثلا أعلى له ، لقد أحب المال وسعى إلى جمع الثروة، فهو يريد أن يكون مثله، ووجد طرقا مفتحة لإنفاقه في غياب وازع يحدد له ما يفعل وما يترك، ووجد أنّ الغناء هو السبيل الذي عليه أن يسلكه للثراء المطلق، كان المجتمع ينظر إليه بإعجاب شديد حيث مثالا أعلى للنجاح، والمجتمع من حوله كان له أثر لترسيخ فكرة جمع الثروة، فالدنيا هي كل شيء، وهي الإله الذي يعبد حتى وإن أنكروا كلمة العبادة قولا، ونذكررواية تاريخية عن عدي بن حاتم الطائي الذي تنصّر،وجاء إلى رسول الله بعد الفتح وقد علق الصليب على صدره، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) 31 التوبة فقال عدي : ما عبدناهم، فقال: (ألم يحلوا لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فأطعتموهم؟) فقال عدي: نعم، فقال: فتلك عبادتكم إياهم.

قدوته كانت في ذلك الوقت أيضا أحد مطربي البوب الذي وضع في مصاف العالمية، لقد قدّم كات الكثير من الأعمال الفنية والنجاح، ولكن تمر به لحظات للتأمل، ما هو الهدف من الحياة بعد ذلك؟ ، كان يلح عليه حديث الذات، و يحاول أن يرضي حديث نفسه بمساعدة ذوي الأزمات من الفقراء والمعاقين والأيتام، نداء الإنسان في أعماقه أتعبه كثيرا ، فاستجاب لرغبة مساعدة الفقراء أثناء وعقب تحقيقه النجاح والثراء، ولكن كان يصاب كشأن البشر بالنسيان، والمنع ،واستكثار العطاء فيتناسى ما وعد به لقد أدرك بعد إسلامه هذا الجانب جيدا في جلسة الحساب مع النفس ، فالإنسان أي إنسان إن لم يكن لديه وازع من التقوى وقع في مثل ما وقع فيه كات قبل إسلامه وكذلك كل إنسان حتى لو كان مسلما (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فالنفس البشرية كما يحكي يوسف عن نفسه : .. لا تفي بكل ما تعد به وتزداد طمعا كلما منحت المزيد .
النجاح المبكر
لم يكن قد تعدى التسعة عشرة من عمره حين حقق هذا النجاح، تفرد الصحف ،والمجلات له الصفحات ، تعلق صوره على الملصقات العملاقة، والساعات الطوال في لقاءات متلفزة أو مسموعة ، وتغطى حفلاته على الهواء وتنقل إلى معجبيه في العالم، ولا يمر يوم إلا ويزداد النجم لمعانا ويصير خارج المنافسة، لقد جعلوا منه أسطورة أكبر من الزمن الذي عاشه، ولكن كشأن الكثيرين حين ينغمسون في الملذات لا يكفيهم شيء، كان يظن أن الدنيا بأسرها لا تسعه !!، فيريد أن يخرج عن حدود الزمن ويسعى لقدرات فائقة كما يتوهم كثير من المشهورين يسعى للزيادة ولو كان على حافة الخطر، لقد سقط كات ستيفن في وهم غيبوبة المخدرات!! ولا يكاد يمر عام واحد من وصوله إلى ذروة المجد الفني ،والحياة المنغمسة في الترف والأضواء والشهرة ،إذا به ينهار ويسقط مريضا بالسل .
بحث عن الحقيقة
دخل كات ستيفن المستشفى لمدة عام للعلاج ، كانت الفرصة سانحة لكي يفكر في حياته،وشهرته، ومستقبله، يفكر في حاله أهو جسد فقط يحيا هكذا بلا هدف ؟ ، وما هي النهاية ،وماذا هو فاعل إن حدث ذلك، وهل الغاية هي تحصيل اللذة بكل أشكالها والغراب بالأضواء وكثرة المعجبات و.. المعجبين؟ .
ثم ماذا بعد ذلك إن مر قطار العمر ولم يصل إلى الأمان وإلى الرضا الذي ينشده ، والأهم الاستقرار ، كلها تساؤلات ألحّت عليه ، وعلى كل من كان في ظروفه التي مر بها ، ولا بد أن يحدث هذا الحوار بصورة أو بأخرى ليحدث الانقلاب في مسيرته والمراجعة لمسيرته ، لقد كان يبحث عن المصير ، وكان محور التساؤل : ماذا بعد ؟ كان يريد الحقيقة ، ولكنه لم يستدل بعد على الاختيار ..
الشدائد نعمة
لقد كانت الأزمة نعمة كبرى له، فمجرد التفكير والحوار الذاتي سيدفع حتما إلى البحث عن الحقيقة، لقد كانت المسيحية بين يديه تتمثل في أمه وأبيه، الكنيسة، ورغم أنها ديانة سماوية إلا أن الصورة التي وصلت بها كانت مضطربة، تدعو إلى الحيرة والشك، لم يعرف الهدف أو الطريق إلا إذا سلّم بالتصور الهلامي للإله، وامتزاج الناسوت باللاهوت ،وبنوّة المسيح عليه السلام لله بصورة من الصور رغم اختلاف المسيحيين أنفسهم في هذه القضية، ويحاول رجال الكنيسة جاهدين إقناع المسيحيين بهذه المعتقدات، ولكن أمام الاجتهادات البشرية التي صبغت المسيحية ككل ،وامتزاج المسيحية المعاصرة بكثير من التراث الإغريقي وغيره كان من المستحيل أن يركن إلى هذه الأفكار بسهولة ،أزمة المرض صارت بداية للبحث عن المصير أو كما قال عن نفسه :حتى أفتح عيني,وأعود إلى الصواب.

اعتناق عقائد شرق أسيا كان حينذاك تقليعة جديدة، ففي حقبة السبعينات انتشرت الديانات الآسيوية في أوروبا، وبنيت لها المعابد، وأصبح مألوفا أن ترى من يمارس الطقوس في الطرق أو الحدائق من الآسيويين والغربيين على حد سواء، وكان لذلك أثر كبير على الباحثين عن الحقيقة، أو الفضوليين الذين يريدون تجربة كل شيء .بدأ كات ستيفنس يقرأ في هذه المعتقدات ولأول مرة يفكر في الموت وأدرك أن الأرواح ستنتقل لحياة أخرى ولن تقتصر على هذه الحياة‍‍، لقد شعر آنذاك أنه على بداية طريق جديد ليعرف ذاته ،وبدأت رحلة الهداية .

اكتسب من تجربة المرض والرقاد الطويل عادات روحية:أن يتفكر ويتأمل، كما أصبح نباتياً في طعامه يأكل القليل كي تسمو نفسه ويعينها على الصفاء الروحي ،لقد كان في حاجة للسلام النفسي وسط صراع وتكالب على المادة ، نظر للحياة نظرة جديدة، أصبح يتأمل مفردات الطبيعة بعين أخرى، وبنظرة أخرى إلى الأشياء الجميلة في الكون بعينين ملؤهما السعادة، كان يشعر أنه سيصل إلى شيء ،ولكن ما هو ؟ لم يكن يدري، أدرك أنه إنسان ذو إرادة وليس مجرد جسد كما بدأ يفهم من خلال قراءاته للمعتقدات الشرقية أشياء عن الكون والحياة ، وتصادف أن تعرض أيضا للموت بحادث غرق إضافة لمرضه ليصادف ذلك عودة أخيه من رحلة القدس التي أحضر فيها هدية له عبارة عن نسخة مترجمة من القرآن. كل هذه الأحداث جعلته يسعى للتعرف على الله .

رحلة البحث عن الله
لا يعني هذا أن الله سبحانه غائب عن الكون ،ولكن قد يكون غير معروف للكثيرين بالصورة التي يريدها الله سبحانه ويكتب الله الشفاء ل كات ،ويعود لعالم الموسيقى ولكن بنظرة جديدة تعكس معتقداته، وأفكاره الجديدة فأصدر ألبوما به أغنية ذات شجن تصور الحيرة التي يريدها ويحب أن يصل إليها رغم أنه لم يصل بعد إلى ما يصبو إليه ، لا شك أنه كان في حال أفضل كالذي يتأهب للوصول إلى الحقيقة في تلك الفترة، ولم تتبدّ له كاملة، أو يراها تلوح في الأفق ولا يتبين ملامحها قال حينها في إحدى أغنياته"ربما أموت الليلة" :
" ليتني أعلم
ليتني أعلم من خلق الجنة والنار
ترى هل سأعرف هذه الحقيقة وأنا في فراشي
أم في غرفة ملؤها التراب
بينما الآخرون في غرفات ينعمون"
وتبدو من كلماته الحيرة التي يمر بها، وإن كان بداية الطريق بدأت تلوح له ، كم كانت خطوة موفقة حيث بث في الأغنية كل حيرته، وكانت سببا في ازدياد شهرته ، المجتمع الغربي يحتاج إلى من يؤثر فيه بالكلمة الصادقة ليتلاشى التعالي ، وتحدث اليقظة .لم يصل إلى ما يريد، زهد في الشهرة في ذلك الحين، كان يريد الحقيقة ،لم يجد ضالته في البوذية، لان فيها تركا للدنيا وهو متعلق بها، البوذية قد تكون فيها التعاليم الراقية، ولم يكن مستعدا أن يكون راهبا في محراب، لقد أحس بالحيرة مرة أخرى، فلجأ إلى معتقدات أخرى كثيرة ،ولم يصل إلى القناعة التي يرجوها .

لقد حققت أغنيتاه "الطريق لمعرفة الله"، و"ربما أموت الليلة" نجاحًا كبيرًا زاده حيرة وشهرة !!، فطرق باب البوذية، وظن أن السعادة هي أن تتنبأ بالغد لتتجنب شروره، فصار قدريًا وآمن بالنجوم وقراءة الطالع، ثم انتقل للشيوعية ظنًا منه أن السعادة هي تقسيم ثروات العالم على الجميع ولكنه شعر أنها لا تتفق مع الفطرة، فاتجه كات ستيفنز إلى تعاليم الكنيسة التي أخبرته أن الله موجود ولكن يجب أن تصل له عبر وسيط، فأدى هذا به إلى أن يختار الموسيقى دينًا له يفرغ فيها أفكاره ومعتقداته .
هدية سبب الهداية !!
كان أخوه قد زار فلسطين ، وذهب إلى المسجد الأقصى سياحة ولم يكن أخوه قد أسلم بعد ووجد أن هذا المكان يختلف عن الكنائس والمعابد ، لقد وجد فيه سكينة على الوجوه وراحة للمكان ، وعند عودته اقتنى هدية قيمة لأخيه كات ، لقد ظن أن فيه بداية النهاية لمعاناته عقب مرضه ، لقد كان صادقا في ظنه .. ويحكي كات هذه اللحظة في مذكراته: "أمسكت بالمصحف فوجدته يبدأ باسم الله، فنظرت للغلاف فلم أجد اسم مؤلف، حاولت أن أبحث فيه عن ثغرة أو خطأ فلم أجد، إنما وجدته منسجمًا مع الوحدانية الخالصة؛ فعرفت الإسلام ويقول عن نفسه حين قرأ القرآن الكريم .. لقد وجدت فيه الهداية فقد أخبرني عن حقيقة وجودي والهدف من الحياة وحقيقة خلقي ومن أين أتيت. وعندها أيقنت أن هذا هو الدين الحق وأن حقيقة هذا الدين تختلف عن فكرة الغرب عنه لقد كان الإسلام دينا عمليا وليست معتقدات يمارسها الإنسان عندما يكبر سنه وتقل رغبته في الحياة مثل المعتقدات الأخرى .".
بدأت أدرك أن كل شيء من خلق الله ومن صنعه وأنه لا تأخذه سنة ولا نوم وعندها بدأت أتنازل عن تكبري لأني عرفت خالقي وعرفت أيضاً السبب الحقيقي وراء وجودي وهو الخضوع التام لتعاليم الله والانقياد له وهو ما يعرف بالإسلام. وعندها اكتشفت أني مسلم في أعماقي. وعند قراءتي للقرآن علمت أن الله قد أرسل بكافة الرسل برسالة واحدة .

القدس أيضا ثم الإسلام
قرر كات ستيفنز السفر إلى فلسطين، ودخل المسجد الأقصى فأحسّ بالطمأنينة، وعندما رجع إلى لندن التقى بأخت مسلمة اسمها نفيسة وأخبرها برغبته في اعتناق الإسلام فدلته على مسجد نيو ريجنت، كان ذلك في العام 1977 بعد عام ونصف تقريباً من قراءته للقرآن ، قال عن هذه الخطوة الكبرى:" كنت قد أيقنت عند ذلك الوقت أنه على أن أتخلص من كبريائي وأتخلص من الشيطان وأتجه اتجاها واحدا، وفي يوم الجمعة بعد الصلاة اقتربت من الإمام وأعلنت الشهادة بين يديه ، في تلك اللحظة فقط طوى الشاب الإنجليزي صفحة "كات ستيفنز" تمامًا وأصبح يعرف باسم "يوسف إسلام".
إنسان جديد وعمل دؤوب
ليس الذين يدخلون الإسلام باختيارهم مثل من توارثوه عن آباءهم، أنهم يقدمون عليه برحلة بحث طويلة وقناعات وموازنات وحيرة ، كلها من عوامل ثباتهم على هذا الدين ومحاولة المعايشة له وإيجاد المحضن الذي يحتوي المسلم الجديد ، وهذا ما يحدث في الغرب.فالذي يدخل الإسلام في الغرب كأنه يريد تعويض ما فاته من خير فيسارع لفعل الخيرات وابتكار السبل لذلك بل يجد أبوابا مشرعة.
لقد استغل يوسف إسلام موهبته التي أعطاه الله إياها في خدمة الدعوة إلى الله فقام بتسجيل عدد كبير من الأعمال بالإنجليزية مع تطعيمها بكلمات وتعبيرات عربية إسلامية لإكسابها روحًا إسلامية عذبة، فبدأ منذ 1993 ثم واصل هذا النهج في العام 1997، وحرص في تلك الألبومات على إيصال قيمة ومفهوم الإسلام للمسلمين وغير المسلمين؛ إذ تضمنت هذه الشرائط أناشيد وأغنيات دينية ذات محتوى تثقيفي تعليمي.
حياة النبي محمد
قدّم أول ألبوماته الإسلامية بعنوان "حياة آخر الأنبياء" الذي روى فيه القصة الكاملة لحياة الرسول، كما تضمن أغنية "طلع البدر علينا"، وبالإضافة إلى هذين الألبومين سجل يوسف إسلام عددًا من الأغنيات الإسلامية للأطفال من أشهرها "هذا من أجل الله" التي تحولت إلى نشيد رسمي في عدد كبير من المدارس الإسلامية في بريطانيا، وقدم بعدها أغنيتين مع فريق الأناشيد الماليزي "ريحان"، وهما: "الله هو النور"، و"خاتم الرسل" كانت كلها على نفس المستوى الفني والتقني لألبوماته السابقة وكانت بديلا ملائما للإسفاف الفني السائد.

واهتم يوسف إسلام بالطفل المسلم وتربيته فافتتح العديد من المدارس الإسلامية في بريطانيا وأوروبا تقوم بتدريس المواد الإسلامية والعربية لجانب المنهج البريطاني،وامتدت هذه المدارس لأكثر من بقعة في العالم ،إضافة لدعم المشروعات الخيرية الإسلامية التي لاقت قبولا من الكثيرين وحربا من المناوئين للمسلمين في العالم، ويكفي أنه كان يدعم اللاجئين الفلسطينيين، ورغب في زيارة القدس فألقت سلطات الاحتلال القبض عليه وسجن لأنه يدعم العمل الخيري الذي تجرّمه كثير من الحكومات ، كما منع من دخول الولايات المتحدة في العام 2005 كشخصية غير مرغوب فيها !!.
ومن هذه المشروعات الخيرية مؤسسة "العطف الصغير" التي تقدم خدماتها في مجال رعاية الأطفال وضحايا الحرب في منطقة البلقان، وهي معتمدة لدى الأمم المتحدة، حيث مثل يوسف شخصيًا المؤسسة في اجتماعات المؤتمر السنوي الخامس والخمسين للجمعيات غير الحكومية NGOS في سبتمبر 2002 بنيويورك ، كما يشرف يوسف إسلام على جمعية "عمّار المساجد" الدينية بجانب تأسيسه لعدد من الحلقات الدراسية للمسلمين الجدد في بريطانيا، ويساهم في كل ما يخدم الإسلام والمسلمين في العالم وخاصة بعد الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين عقب أحداث ال 11 من سبتمبر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.