يوسف إسلام هو الاسم الذي اختاره لنفسه مغني البوب الإنجليزي الأشهر (كات ستيفنس)، حين اعتنق الإسلام عام 1977، وكان إذاك يتربع على عرش الأغنية البريطانية، ومنغمسا في حياة الترف والغنى والشهرة، منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره، ووصلت أعداد اسطواناته المبيعة إلى أكثر من ستين مليون اسطوانة، وهو رقم خرافي في عالم الموسيقى، حققه وهو لم يتعدّ الثلاثين، ومن أشهر أغنياته (الأب والابن) Father and son، و(عالم متوحش) Wild world، ومن استمعوا إلى أغنياته في ذلك الوقت، استشفوا من كلماتها؛ التي كتبها هو؛ أنه يبحث عن الحقيقة التي يفتقدها، يبحث عن الله، ووجد ضالته في الإسلام حين هداه الله، واعتزل الموسيقى والغناء، وتفرغ لدراسة الإسلام والقرآن وعمل الخير، فأسس عدة مدارس إسلامية في بريطانيا، كما أفتتح مؤسسة خيرية كبيرة، إسمها العطف الصغير Small Kindness، توفر المساعدات الإنسانية لليتامى والفقراء في البوسنة وكوسوفو والعراق وإفريقيا، وطالب إسلام الحكومة البريطانية بتخصيص ميزانية للمدارس الإسلامية، أسوة بالمبالغ التي تخصصها الحكومة للطوائف الدينية المسيحية واليهودية، ورغم أن الحكومة لم تستجب لطلبه آنذاك فإنه لم ييأس، بل واصل حملته إلى أن وافقت حكومة توني بلير على تخصيص ميزانية لدعم المدارس الإسلامية في بريطانيا، وأسلم على يديه كثيرون. انقطع عن العمل الفني منذ اعتنق الإسلام، ثم عاد إليه عام 1995، فكتب وغنى العديد من الأغنيات الرائعة، ذات الكلمات الراقية والألحان الجميلة، والأداء الناضج الذي تعود عليه محبوه منذ كان كات ستيفنس، كان ألبومه الأول بعد عودته للغناء (قصة النبي الخاتم) The story of the last prophet ، أتبعه بعدد من الأغنيات عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أشهرها (المحبوب) The beloved، وحين تستمع إلى أداء يوسف إسلام، سواء في حفلاته أو في استوديوهات التسجيل؛ فستشعر أنك تستمع إلى داعية مسلم، يدعو إلى الله بالغناء الراقي الرائق، وبصوت ملائكي عذب، وبكلمات استوحاها من ثقافة الإسلام، وسماحة الإسلام، ومن سيرة الرسول العطرة، فقط إستمع له..
ونأتي إلى أسامة بن لادن.. ولد لأبيه الملياردير السعودي محمد بن لادن، وعندما توفي أبوه ورث عنه ثروة تقدر بثلاثمائة مليون دولار، وفي عام 1982 قرر السفر إلى أفغانستان للمشاركة في الجهاد ضد القوات السوفييتية، وتلقى دعما من وكالة المخابرات الأمريكية، بعلم الحكومة الأمريكية قدر بثلاثة مليارات دولار، وانهزم السوفييت وخرجوا من أفغانستان، وبقي أسامة هناك يدير عمليات تنظيمه (القاعدة) عبر العالم، وأعلنها حربا على الولاياتالمتحدةالأمريكية، واتهم تنظيمه بأنه وراء تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام عام 1998، والهجوم على المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول) في ميناء عدن باليمن، ثم ختمها بأحداث سبتمبر 2001 التي قتل فيها أكثر من ثلاثة آلاف إنسان، وبسببها أعلنت أمريكا الحرب على الإرهاب الإسلامي، بدأتها بالحرب على أفغانستان التي كان من نتائجها مقتل أكثر من مائة ألف أفغاني مسلم، وتلتها الحرب على العراق في 2003، وقدرت أعداد من قتل فيها ب 2 مليون مسلم، ومعها بالطبع كانت الحرب على الصومال التي قضى فيها عشرات آلاف المسلمين.. المهم أن القوات الخاصة الأمريكية أعلنت في أول مايو 2011 أنها قتلته، وألقت بجثته في البحر..!
وبغض النظر إن كنت أصدق أن بن لادن هو الذي ارتكب جريمة 11 سبتمبر في أمريكا، أو إن كنت أشك في وجود تنظيم مخابراتي أسمته المخابرات الأمريكية تنظيم القاعدة، أو إن كنت متأكدا أن أسامة بن لادن عميل مخلص للمخابرات الأمريكية من أيام الحرب على السوفييت؛ أقول بغض النظر عن هذا كله، وجدت نفسي أسألها سؤالا: أي الرجلين أفاد من عمله الإسلام والمسلمين؛ يوسف إسلام أم أسامة بن لادن ؟ أي الأعمال التي أتى بها هذان أقرب لما كان يقوم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أحدهما يدعو إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، والآخر وافق على أن يُنسب إليه أكبر عملية إرهابية في التاريخ.
أحدهما حصل من حكومة بريطانيا على تمويل للمدارس الإسلامية، والآخر أعلنت بسببه الحرب على الإسلام (الإرهابي) والمسلمين في العالم.
أحدهما يتزايد بعمله عددُ المسلمين في بريطانيا وأوروبا وأمريكا، لأنه يدعو إلى الصدق والسماحة والعدل، والآخر ينفر نتيجة لأعماله الناسُ من الإسلام، لأنه يدعو إلى الإرهاب والقتل وسفك الدماء.
أحدهما يرعى من مؤسسته الخيرية آلاف اليتامى والفقراء والمصابين والثكالى والمسنين في العراق وأفغانستان والصومال، والآخر هو الذي تسبب؛ بأمواله وعمالته؛ في مقتل الملايين من شعوب هذه الدول الثلاث.
أحدهما يسكن في بيت معروف في لندن، وهو يحيّي كل من يلقاه بتحية الإسلام، والآخر يعلم الله في أي مخبأ وضعته المخابرات الأمريكية بعد ادّعاء قتله، أو في أي بحر ألقوا جثته، إن كانوا قتلوه بالفعل لانتهاء مهمته معهم.
كما قال المغفور له الدكتور مصطفى محمود: إن قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته.. إسلمي يا مصر.