الندوة حولت التعديات إلى التهديد بإزالة الدير وعداء للمسيحيين بادعاءات سطحية استخدام «فزاعة» الإخوان لإرهاب الوطنيين.. ومغالطات فى تاريخ إقامة الدعوى تبرير الأعلام اليونانية على جبال وأودية كاترين جريمة أمن قومى وتفريط فى السيادة الوطنية الفتنة نائمة فى سانت كاترين تهدد بأن نستيقظ على تحول سيناء إلى مستعمرة يبدو أن إفلاس حزب التجمع بعد إهدار تاريخه العتيد على يد رفعت السعيد جعله يبحث عن أى شىء للفت الانتباه ربما ينفعه فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. فقد عقد حزب التجمع منذ أيام ندوة حول التعديات على منطقة سانت كاترين، ولم يوجه دعوة إلى أى وجهة نظر أخرى، لتتحول الندوة إلى «مكلمة» على طريقة «ما قال لى وقلت له». فالندوة التى شارك فيها رفعت السعيد (الذراع اليمنى لنظام مبارك حتى هرب وفر معظم قياداته حتى أصبح نص حزب)، وإيهاب رمزى محامى الدير الذى حل محل محام آخر لعله ينقذ ما يتصورونه من ادعاءات، خاصة أنه عضو مجلس شعب سابق والظروف مواتية لعودته، والأب جريجورس من دير سانت كاترين، والشيخ أحمد الجبلى -والأخيران شاركا فى ندوة بنقابة الصحفيين- ويبدو أنهما لم يستطيعا مقاومة الطوفان الذى هتف للسيادة الوطنية، وانتقد الرضا والسكون لزرع الأعلام اليونانية على جبال سيناء، فجاءا للسعيد لعله يمنحهما بعض حبوب الهدوء والسعادة، ثم كمال زاخر وعدد ممن يحبون أن يطلق عليهم «العلمانيون». وعليه، تم تصوير ما يجرى فى خيالهم من تهيؤات على أنها حقائق دامغة؛ فبدلا من الحديث عن مواجهة التعديات صوروها كأنها صراع بين مسلمين ومسيحيين، وأن المخالفات هى لإزالة الدير والكنائس، وأن الرهبان والبدو سيفدونه على طريقة «بالروح بالدم هنكمل المشوار»، وأنهم يواجهون الأعداء الخونة.. كل هذا لاستعطاف تأييد الإخوة المسيحيين فى انتخابات قادمة، متجاهلين الحقيقة أو الفضيحة المنشورة بالصور، التى اعترف بها راهب الدير نفسه، ومندوب قبيلة الجبالية الذى وفد مع الراهب للدفاع عن التعديات، وهى صورة الأعلام اليونانية على وديان وجبال سانت كاترين، وبرروا وجودها -عند حديثهم فى ندوة نقابة الصحفيين ومشاهدتهم صورا للأعلام اليونانية- بأنها وضعت من أجل استعطاف اليونانيين للتبرع لفقراء البدو، إضافة إلى اشتراط الدير الجنسية اليونانية للرهبان، وكلها انتقاص للسيادة الوطنية. الرد على «التجمع» وأعوانه جاء أبرز ما أثاروه فى الندوة، خاصة على لسان محامى الدير إيهاب رمزى كالآتى: قولهم بأن وجود الأعلام اليونانية ليست معناها احتلال، وسؤالهم: هل العلم على أى سفارة احتلال؟ الإجابة لا تحتاج محاميا جهبذا، ولا طالبا فى كلية حقوق فى الجامعة المفتوحة أبوه معاه قرشين وحشره فيها؛ فالأعراف والقوانين الدولية تبيح وضع الأعلام فوق السفارة وعلى سيارة السفير، ولا تُوضع فى أى مكان والسلام. وحتى نوضح الصورة «هبسطها لكم» -على رأى الممثل الجميل هانى رمزى ومقولته الطريفة فى فيلم «غبى منه فيه»: «فاهم يا نصة». وبالمناسبة معلوماتنا أنه شقيق المحامى البارع الأستاذ إيهاب رمزى محامى الدير- فى اليونان منزل لمحمد على وتكية: هل تم السماح بوضع علم مصر على أى منهما؟ لم يحدث، بل إنه تم تأجير البيت ليكون فندقا، وعندما سألت سفير اليونان مؤخرا عن أحقية مصر فى المنزل الأثرى؟ أجاب: لدينا قوانين ولا نستطيع إخراجه إلا بعد انتهاء العقد. أى المنزل الأثرى المصرى يمكن أن يتهالك ولا نستطيع عمل أى شىء «ولو بالطبل البلدى»، ومن لديه رأى غير ذلك عليه أن يؤذن فى مالطة؛ لعل الأذان هناك يفيد، خاصة أنها على خلافات مع اليونان، وإن كنا نخشى من الأخ رفعت السعيد أن يحول كلمة اقتراح الأذان فى مالطة إلى مسيحى ومسلم وفتنة طائفية، ويتفزع على طريقة فؤاد المهندس فى فيلم صاحب الجلالة: «طويل العمر يطول عمره ويزهزه عصره ويثور على من يعاديه هاى هى». مقولة أخرى: أن ما يجرى يسىء للعلاقات المصرية اليونانية؟ يا سلاااااااااام؟! هل الأهم لأى مصرى الحفاظ على مصرنا أم اليونان؟! ومع تقديرنا لليونان.. هل قلوب المصريين تكون مع اليونان أو أى دولة فى العالم قبل مصر؟! وإذا كان حزب التجمع «بيمد لبرة» ليه بيهاجم السودان على طول الخط، على الرغم من أن ألف باء سياسة العمل على الروابط والمصالح المشتركة وتنميتها، والسودان أمن قومى وغذائى ومائى وعمق استراتيجى لمصر، وأقرب من أى دولة أخرى ومنها اليونان؟! الأمر ليس بغريب عن تحويل حزب التجمع وجريدته أى قضية إلى صراع أديان على حساب الوطن، ومن يرجع إلى الخلافات بين السودان وجنوبه فى بدايتها يجد أن حزب التجمع كان ينشر أخبارا كلها تؤجج الفتنة وتتمنى الانفصال، وعندما نجح الأعداء فى فصل الجنوب عن السودان احتفل وأخذ يهلل ظنا أنه نصر عالمى، خاصة أنه خارج أرض مصر، وبذلك يصبح الحزب أكثر توسعا ليصير من روسيا المفتتة حتى جنوب السودان، ولا يعرف أحد أى بلاهة هذه؟! فانفصال الجنوب يعنى تهديد عمق أمن مصر المائى على الأقل، ولكن «وما له»؟! فاستعطاف المسيحيين هو همه وشاغله. وعلى نهج التجمع نفسه، سارت قناة عكاشة المسماة «الفراعين»؛ إذ نقلت ندوة التجمع كأنها إنجاز قومى. فزاعة الإخوان مغالطة أخرى، على الرغم من أنه من واجب الأستاذ المحامى وراهب الدير العلم بها بالبداهة، وهى القول: «إن المخالفات فى عهد الإخوان!». طيب تاريخ رفع الدعوى كان وقت المجلس العسكرى، وقبل ما يأتى الإخوان.. ما رأيك فى هذه المعلومة؟! حتى مع مصادفة عمل مخالفات وقت الإخوان.. من الذى قام بها؟! ومن شاركه فى تحريرها؟! هل المرشد والجماعة؟! أم اللواء عبد العال صقر الذى عمل بالمخابرات والاستطلاع وغيرها من المواقع العسكرية؟! وبالمناسبة الجميع بمن فيهم الراهب والشيخ أحمد شهدا له فى ندوة نقابة الصحفيين على حسن أخلاقه ومعاملته، أى ليس عنده شطط. أما اللجان التى شاركت اللواء صقر بصفته رئيس مدينة سانت كاترين وقت المخالفات، فجميعها من أجهزة المحافظة، وأجهزة الأمن وغيرها؛ فهل كل هؤلاء خلايا نائمة؟! أما مقيم الدعوى اللواء أحمد رجائى عطية، فهو مؤسس الوحدة 777 الشهيرة، وتاريخه العسكرى معروف فى حرب الاستنزاف وفى نصر أكتوبر، يعنى وضع روحه على كفه، وشارك من رووا سيناء بدمائهم، ويعرف قيمتها وغيور عليها؛ فهل جاء دفاعه وقضيته من أجل الإخوان؟ اسألوا أى عسكرى أو أى وطنى عن تاريخه الذى يجب أن يدرس لتعرفوا قيم أبطال مصر؟ الدعوى انضم للشهادة بوقائعها عدد كبير من الضباط أصحاب التاريخ العسكرى المشرف، وعلى رأسهم اللواء شوشة محافظ جنوبسيناء الأسبق، واللواء مختار الفار، والضابط محمد عبده موسى وغيرهم؛ فهل كل هؤلاء اللواءات إخوان؟! وهل من جلسوا على منصة ندوة نقابة الصحفيين من لواءات والدكتور أشرف بيومى الذى صرخ وهو يحذر من الاعتداء على السيادة الوطنية بوضع الأعلام اليونانية هل هو أيضا إخوان؟! المخالفات صدرت فى عهد الإخوان.. ماشى!!! فهل كل من ارتكب جريمة خلال العام الذى حكم فيه الإخوان سيتم الإفراج عنه؟! حتى لو افترضنا أن كل هؤلاء إخوان وحرروا مخالفات وأقاموا قضايا.. هل الجريمة فيمن حررها أم فى الذى ارتكبها؟! «هنبسطها إيه أكثر من كده؟!». المسألة باختصار خلق «فزاعة»، وكما ادعى أحدهم بأن الغرض تدمير الدير ومسح تاريخه وتسكين الإرهابيين!! إذا كانت هذه الخزعبلات صحيحة؛ فلماذا لم يفعلها الإخوان وقت حكمهم؟! بل لماذا لم يقوموا بها بأيديهم وكوادرهم بدلا من الاعتماد على لواءات لا علاقة لهم بهم؟ لا لإدعاءات إزالة الدير يزعم أحدهم صدور قرار بإزالة دير سانت كاترين بالكامل، ونحن نتحداه أن يظهر أى قرار يقول بذلك؛ فلا خلاف على الدير ولا مكانة الدير أو أى دير بطول مصر وعرضها؛ فمصر ملتقى الديانات والأنبياء والتسامح على مر عصورها، والذى يقل بغير ذلك يحول الموضوع الأساسى إلى مزايدات ويثير الفتنة. والقول بأن الدير لو كان يرغب فى التوسع لفعلها وقت الاحتلال، وأن الدير لديه فرمانات بملكية أرضه، فلا أحد يشكك فى وطنية الدير، ولكن المسألة مختلفة تماما؛ فالذى حدث مؤخرا اعتداءات خارج مساحة الدير المسجلة فى تعداد الآثار التى يحترمها الجميع، وهى نحو فدان واحد لا 300 فدان. أما القول بأن عيون موسى هى التى فى رأس سدر؛ فأى أثرى، بل اللوحة التى كانت موجودة عند الترميم فى رأس سدر، تقول إنها آبار يونانية، أى لا علاقة لها بنبى الله موسى عليه السلام، والكل يعرف أن الآبار الموجودة فى رأس سدر 8 آبار، لا 12، واستغلتها السياحة الإسرائيلية عند الاحتلال باسم عيون موسى للترويج السياحى، ثم إذا كانت عيون موسى خارج سانت كاترين فلماذا توضع أسوار وأقفال حول الصخرة المعتقد أنها عيون موسى الأصلية؟! أليس الأولى تركها للجمهور؟! وحتى مع القول بأن الراهب معه الجنسية المصرية، فهذا لا يتعارض مع جنسيته اليونانية. وشرط الجنسية اليونانية العجيب لرهبان الدير ليس ادعاء، بل ذكره الكتيب الذى يوزعه الدير على السياح والزائرين، وتم تسليم نسخة منه فى حافظة الدعوى، فهل سيقول أحد إنه خارج المقرر؟ قبل أن تصبح فلسطين أخرى إن كل وطنى غيور يستغيث بكل مسئول وغير مسئول، وبكل مواطن مصرى وبكل من يخشى على تراب هذا البلد؛ أن يتحرك وينهض لإزالة وإنهاء هذه التعديات الواقعة على أغلى قطعة فى مصر سالت من أجلها دماء شهدائنا لاستعادتها، وضحى من أجلها كثير منا؛ حتى لا تتحول سيناء إلى فلسطين أخرى؛ فالقضية لا تتعلق بخلافات بين مسلمين ومسيحيين، وليس لها علاقة بالفتنة الطائفية. هذا النداء كان لب وجوهر موضوع الدعوى التى أقامها اللواء أحمد رجائى عطية بدفاع المحاميين سلوى حسبو وكريم حسبو، وانضمام العديد من اللواءات والمسئولين للشهادة فى القضية، وأيضا ركيزة ما تناولته الصحف والمجلات المختلفة فى الفترة الأخيرة، كما كان موضوع الندوة التى دعت إليها نقابة الصحفيين وتشرفت بإدارتها. فموضوع التعديات من الأهمية القصوى وخطر يهدد الأمن القومى المصرى، ويهدد سيناء بوابة الدفاع عن مصر، ليس ضد أشد أعدائها الصهاينة فحسب، بل أصبحت مستهدفة بكارثة جديدة تتمثل فى مستعمرة يونانية فى صورة إقامة أسوار على تعديات شاسعة، نخشى أن تتغير الموازين والأحداث، وتصبح بقعة للاتحاد الأوروبى داخل سيناء، وقد تتفاقم الأمور وتقوم الهيئات الدولية المعروفة بمناصرة الغرب ضد العرب بصورة دائمة، بإدخال مصر فى مشكلات نحن فى غنى عنها. حكاية الاتحاد الأوروبى الغريب أن الاتحاد الأوروبى تبرع بمشروع لمد مياه النيل التى وصلت إلى منطقة رأس سدر ولمسافة نحو 270 كيلومترا على الأقل، لكى تصل إلى منطقة سانت كاترين، وبتكلفة مبدئية 100 مليون. ومن هنا تتضح الرؤية المستقبلية المحتملة والخطر الداهم؛ فعندما تصل مياه النيل إلى هذه المناطق المعتدى عليها ستمتلئ تدريجيا بمستقدمين من الخارج تحت ستار الرهبنة لإحياء الأرض بزراعتها وصناعتها؛ لتكوين مجتمع غريب عن الجسم المصرى فى شكل مستعمرات، وسوف يصير لهم حقوق على أرض مصر تحميها البدعة الجديدة من بعض جمعيات حقوق الإنسان، والبدعة الكبرى التى تسمى مجلس الأمن، ويصبح الأمر واقعا مستتبا. ورغم تأكيد عدم وجود علاقة للتعديات بالدين المسيحى والأديان عامة، ولا بالدير كمعبد؛ فمصر مهبط الأديان والتسامح، بل إن وجود الدير نفسه دليل على تسامح الإسلام، ففى مكتبة الدير صورة من العهدة النبوية بمنح النبى صلى الله عليه وسلم الأمان للأقباط، وأن البطل صلاح الدين مر على الدير وبه مسجد صغير بنى لأداء البدو المسلمين من حراس الدير للصلاة، ولم يهدم الدير أو يعلى المسجد، واستمر الحكام المسلمون فى حماية الدير - فإن البعض، مع الأسف، يحاول جر الموضوع إلى منحى اضطهاد المسيحيين باحتجاجات مفتعلة، ومع الأسف وسط ادعاءات مردود عليها. أما الأعجب فهو -كما أوضحنا- اعتراف الراهب بحصول الدير على 300 فدان، على الرغم من أن مساحة الدير المسجلة فى تعداد الآثار نحو فدان واحد، كما جاء الاعتراف بوجود الأعلام اليونانية على مناطق خارج الدير، وبرروا وجود الأعلام اليونانية فوق الجبال وتعديات بسانت كاترين بأن البعض وضعها من أجل جذب عطف اليونانيين للتبرع لبناء 100 منزل لفقراء البدو، وهو تبرير يعنى مباركة وضع علم أى دولة حتى العدو الصهيونى ما دام سيتبرع!، وكله على حساب إهدار السيادة الوطنية. رد السفير اليونانى وتجدر الإشارة إلى مقابلتنا السفير اليونانى بالقاهرة، الذى حاول تبرير ما يجرى بأنه صراع بين البدو على ملكية الأراضى، وأن علاقة اليونان بالدير لجذور تاريخية يصعب تغييرها، كما برر وجود العلم اليونانى بوجود أعلام أخرى، وقد رددنا عليه فى حينه بأن مقيمى الدعوى ومن تصدوا للتعديات لا علاقة لهم بالحصول على الأراضى أو منافع شخصية، بل يدافعون عن الوطن والسيادة الوطنية، وأنه لا وجود لأعلام دول أخرى، وحتى بفرض هذا فإنه يجب إزالتها جميعا؛ لأنها تمثل انتقاصا للسيادة الوطنية المصرية، فمن المؤسف خضوع دير سانت كاترين لأوامر الحكومة اليونانية عمليا وواقعيا؛ إذ أغلق الدير فى وجه الزوار والسياحة بأوامر بالتنسيق مع اليونان، وكذلك ما صرح به البعض من أن موارد الدير من السياحة لا تدخل فى خزانة مصر، ولذا لا عجب من وجود علم اليونان داخل الدير وكأنه دولة داخل الدولة، ومن المؤسف أيضا أن مفتشى الآثار بالمنطقة يتبنون دفاع الدير، وينكرون التعديات، وهى كارثة بكل المقاييس، فهل نفيق بحق قبل أن نجد مستعمرة فى سيناء فى حماية الاتحاد الأوروبى؟! ولعل حزب التجمع يفرح وقتها بتوسعه إلى الاتحاد الأوروبى، وربما يظن أنه سيحصل على أصوات المسيحيين هناك؟ «شكلك فاهم يا نصة»!