Mondialisation.ca - ترجمة: عقيل الشيخ حسين هل تعلم أن عدداً كبيراً من بلدان إفريقيا ما تزال تدفع لفرنسا حتى اليوم ضريبة كانت سارية في الفترة الاستعمارية، على الرغم من كونها قد أصبحت بلداناً مستقلة؟ عندما قرر الرئيس الغيني، أحمد سيكوتوري، في العام 1958، أن يخرج من نطاق الامبراطورية الاستعمارية الفرنسية واختار تحقيق الاستقلال لبلاده، استاءت النخبة الاستعمارية الفرنسية من ذلك. وفي بادرة تاريخية مسعورة، طلبت إلى الإدارة الفرنسية في غينيا أن تدمر في ذلك البلد كل ما يمثل بنظرها فوائد حصل عليها بفضل الاستعمار الفرنسي. عندها، غادر البلاد ثلاثة آلاف فرنسي حاملين معهم كل ما يملكونه بعد أن أتلفوا كل ما لا يمكنهم نقله معهم، كالمدارس وحدائق الأطفال والمباني الإدارية والسيارات والكتب والأدوية وأجهزة معهد البحث والتراكتورات، وقتلوا ما في مزارعهم من الخيول والأبقار، وأحرقوا أو سمموا الأغذية الموجودة في المستودعات. أما الهدف من هذا التصرف الفاضح فكان بالتأكيد توجيه رسالة واضحة إلى المستعمرات الأخرى حول ما يجره الابتعاد عن فرنسا من تداعيات. وشيئاً فشيئاً، استولى الخوف على النخب الإفريقية، ولم يجرؤ أي بلد على احتذاء نموذج سيكوتوري الذي رفع شعار " نفضل الحرية مع الفقر على الغنى مع العبودية". وكان على البلدان المستقلة حديثاً أن تجد تسويات مع فرنسا. وفي هذا الإطار، فإن سيلفانو أوليمبيو، أول رئيس لجمهورية توغو، البلد الصغير في إفريقيا الغربية، وجد حلاً كان من شأنه أن يهدئ الفرنسيين. لم يكن أوليمبيو يريد الاستمرار في الخضوع للسيطرة الفرنسية، لذا رفض التوقيع على المعاهدة الاستعمارية التي اقترحها ديغول، لكنه وافق مقابل ذلك على دفع دين سنوي لفرنسا ثمناً للفوائد المزعومة التي حققتها بلاده بفضل الاستعمار الفرنسي. لم تفرض فرنسا شروطاً أخرى مقابل عدم تدمير ذلك البلد قبل خروجها منه. غير أن المبلغ المالي الذي طلبته كان ضخماً إلى الحد الذي يستلزم معه سداد "الدين الاستعماري" دفع 40 بالمئة من ميزانية البلاد عام 1963. من هنا، كان الوضع الاقتصادي لتوغو المستقلة حديثاً غير مستقر بالمطلق. للخروج من هذا الوضع، قرر أوليمبيو الخروج من النظام النقدي الذي أقامته فرنسا الاستعمارية وهو النظام القائم على الفرنك المسمى (فرنك المستعمرات الفرنسية في إفريقيا)، وأصدر عملة توغولية. وفي 13 كانون الثاني / يناير 1963، أي بعد ثلاثة أيام من البدء بطباعة العملة الجديدة، قام تشكيل من الجنود (المدعومين من قبل الفرنسيين) بالقبض على رئيس وزراء توغو المستقلة وقتله. وقد قتل أوليمبيو بيد محارب في الفيلق الأجنبي التابع للجيش الفرنسي هو الرقيب إتيان غناسينغبي الذي حصل مقابل نجاحه في تنفيذ المهمة على مكافأة مالية بقيمة 612 دولاراً دفعتها السفارة الفرنسية المحلية. كان أوليمبيو يحلم ببناء بلد مستقل، لكن فكرته هذه لم تكن متناسبة مع الرغبات الفرنسية. وفي 30 حزيران / يونيو 1962، قرر موديبا كيتا، رئيس وزراء جمهورية كينيا، الانسحاب بدوره من النظام النقدي القائم على الفرنك الخاص بالمستعمرات والمفروض يومها على 12 بلداً حديثة الاستقلال. وقد كان من الواضح لهذا الرئيس الذي كان يميل إلى اعتماد اقتصاد اشتراكي أن الاستعمار الذي استمر مع المعاهدة الاستعمارية قد تحول إلى فخ وحمل ثقيل يحول دون تنمية البلاد. وفي 19 تشرين الثاني / نوفمبر 1968، وقع رئيس الوزراء موديبا كيتا ضحية، شأن أوليمبيو، لانقلاب نفذه محارب سابق في الفيلق الأجنبي التابع للجيش الفرنس هو الملازم موسى تراووري. والواقع أن فرنسا لجأت عدة مرات، خلال هذه الفترة العاصفة التي كانت إفريقيا تكافح خلالها من أجل التخلص من نير الاستعمار الأوروبي، إلى مرتزقة ممن كانوا ينتسبون إلى الفيلق الأجنبي بهدف تنفيذ عمليات انقلابية ضد الرؤساء المنتخبين حديثاً : - في الأول من كانون الثاني / يناير 1966، قام جان بيدل بوكاسا، وهو من المنتسبين سابقاً إلى الفيلق الأجنبي، بتنفيذ انقلاب أطاح بحكم دافيد داكو، أول رئيس لجمهورية إفريقيا الوسطى. - وفي التاريخ نفسه، وقع موريس يامي أوغو، رئيس وزراء جمهورية فولتا العليا (بوركينا فاسو الحالية)، ضحية لانقلاب نفذه أبو بكر سانغولي لاميزانا، المجند السابق في الجيوش الفرنسية المحاربة في الهند الصينية والجزائر. -وفي 26 تشرين الأول / أكتوبر 1972، قام ماتيو كيريكو، الذي كان يعمل حارساً للرئيس هوبير ماغا، أول رئيس لجمهورية بنين، قام بتنفيذ انقلاب ضد الرئيس بعد أن التحق بالمدارس الحربية الفرنسية بين 1968 و1970. لقد شهدت السنوات الخمسون المنصرمة 67 انقلاباً في 26 بلداً إفريقياً، منها 16 بلداً كانت مستعمرات فرنسية سابقة، ما يعني أن 61 بالمئة من الانقلابات المسجلة في إفريقيا قد جرت في مستعمرات فرنسية سابقة.
جدول بعدد الانقلابات في بلدان إفريقيا (مستعمرات فرنسية سابقة) عدد الانقلابات مستعمرات فرنسية سابقة. انقلاب واحد توغو، تونس، ساحل العاج، مدغشقر، رواندا. انقلابان الجزائر، الكونغو الديموقراطية، مالي، غينيا (كوناكري). 3 انقلابات الكونغو، تشاد. 4 انقلابات بوروندي، إفريقيا الوسطى، النيجر، موريتانيا. 5 انقلابات بوركينا فاسو، جزر القمر. مجموع الانقلابات 45
جدول الانقلابات في بلدان إفريقية انقلاب واحد مصر، ليبيا، غينيا الاستوائية. انقلابان غينيا بيساو، ليبيريا. 3 انقلابات نيجيريا، اثيوبيا. 4 انقلابات أوغندا. 5 انقلابات السودان. مجموع الانقلابات 22
- See more at: http://almuslimon.net/article_view.php?id=4510#sthash.1xCVCzXb.dpuf
جدول بعدد الانقلابات في بلدان إفريقيا (مستعمرات فرنسية سابقة) عدد الانقلابات مستعمرات فرنسية سابقة. انقلاب واحد توغو، تونس، ساحل العاج، مدغشقر، رواندا. انقلابان الجزائر، الكونغو الديموقراطية، مالي، غينيا (كوناكري). 3 انقلابات الكونغو، تشاد. 4 انقلابات بوروندي، إفريقيا الوسطى، النيجر، موريتانيا. 5 انقلابات بوركينا فاسو، جزر القمر. مجموع الانقلابات 45
جدول الانقلابات في بلدان إفريقية انقلاب واحد مصر، ليبيا، غينيا الاستوائية. انقلابان غينيا بيساو، ليبيريا. 3 انقلابات نيجيريا، اثيوبيا. 4 انقلابات أوغندا. 5 انقلابات السودان. مجموع الانقلابات 22
- See more at: http://almuslimon.net/article_view.php?id=4510#sthash.1xCVCzXb.dpuf
جدول بعدد الانقلابات في بلدان إفريقيا (مستعمرات فرنسية سابقة) عدد الانقلابات مستعمرات فرنسية سابقة. انقلاب واحد توغو، تونس، ساحل العاج، مدغشقر، رواندا. انقلابان الجزائر، الكونغو الديموقراطية، مالي، غينيا (كوناكري). 3 انقلابات الكونغو، تشاد. 4 انقلابات بوروندي، إفريقيا الوسطى، النيجر، موريتانيا. 5 انقلابات بوركينا فاسو، جزر القمر. مجموع الانقلابات 45
جدول الانقلابات في بلدان إفريقية انقلاب واحد مصر، ليبيا، غينيا الاستوائية. انقلابان غينيا بيساو، ليبيريا. 3 انقلابات نيجيريا، اثيوبيا. 4 انقلابات أوغندا. 5 انقلابات السودان. مجموع الانقلابات 22
- See more at: http://almuslimon.net/article_view.php?id=4510#sthash.1xCVCzXb.dpuf وفق ما تظهره هذه الأرقام، تكون فرنسا يائسة تماماً. ولكنها تنشط من أجل إحكام سيطرتها على مستعمراتها بغض النظر عن الوسائل والأثمان الواجب دفعها. في آذار/ مارس 2008، أدلى الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، بالتصريح التالي : "بدون إفريقيا، ستنحدر فرنسا نحو الأسفل لتصبح قوة ثالثة في العالم". أما سابقه، فرنسوا ميتران، فقد تنبأ منذ العام 1957 : "بدون إفريقيا، لن يكون لفرنسا تاريخ في القرن الواحد والعشرين". وفي هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه الكلمات، ما تزال فرنسا تجبر 14 بلداً إفريقياً، بموجب المعاهدة الاستعمارية، على دفع 85 بالمئة من ثرواتها للمصرف المركزي الفرنسي الذي تشرف عليه وزارة المالية الفرنسية. حتى الآن، عام 2014، ما يزال متوجباً على توغو و13 بلداً إفريقياً آخر أن تدفع لفرنسا الديون المفروضة في الحقبة الاستعمارية. وكل زعيم إفريقي يرفض ذلك يكون مصيره القتل أو السقوط بانقلاب عسكري. أما من يمتثل، فإنه يحصل على الدعم والمكافأة من قبل فرنسا التي تؤمن له نمط عيش مترفاً، في حين أن شعوب تلك البلدان تكابد الفقر واليأس. لقد أدان الاتحاد الأوروبي هذا النظام الشيطاني، لكن فرنسا غير مستعدة للاستغناء عن هذا النظام الاستعماري الذي يعود على خزانتها بحوالي 500 مليار دولار تدفعها إفريقيا كل عام. نحن غالباً ما نتهم القادة الأفارقة بالفساد وبخدمة مصالح الأمم الغربية، لكن أسباب هذا السلوك معروفة تماماً. فهم يتصرفون بهذه الصورة لخوفهم من أن يقتلوا أو يسقطوا بفعل انقلاب ما. إنهم يسعون إلى التحالف مع أمة قوية ليحفظوا أنفسهم في حال تعرضهم للعدوان أو للمصاعب. ولكن حماية الغرب لهم غالباً ما تقدم لا بما هي ودية، بل بما تتم مقابل الإعراض عن خدمة شعوبهم وأممهم. وقد كان يمكن للقادة الأفارقة أن يعملوا في خدمة مصالح شعوبهم لو أنهم لا يتعرضون على الدوام للملاحقة والتخويف من قبل البلدان الاستعمارية. ففي العام 1958، وبداعي الرعب من تداعيات خيار الاستقلال عن فرنسا، أدلى ليوبولد سيدار سنغور بالتصريح التالي : "إن خيار الشعب السنغالي هو الاستقلال، لكنه يريد الاستقلال في ظل الصداقة مع فرنسا، لا في ظل الخلاف معها". لقد قبلت فرنسا منح مستعمراتها "استقلالا على الورق"، لكنها وقعت بالتوازي مع ذلك "اتفاقيات تعاون" تحدد طبيعة العلاقات مع فرنسا، وخصوصاً ربط المستعمرات بالعملة (الفرنك) وبالنظام التعليمي الفرنسي والتفاهمات العسكرية والتفضيلات التجارية. وفيما يلي لائحة بالعناصر الأحد عشر التي تشكل بنود المعاهدة الاستعمارية منذ الخمسينيات : 1- الديون الاستعمارية مقابل الفوائد التي حققتها فرنسا للمستعمرات على البلدان "المستقلة" حديثاً أن تدفع ثمن البنى التحتية التي أنشأتها فرنسا خلال الفترة الاستعمارية (عليّ أن أجد الكثير من التفاصيل حول كمية المبالغ المالية، وكيفية تقدير الفوائد المتحققة، وشروط الدفع المفروضة على البلدان الإفريقية. إنني أعمل على ذلك وأرجو كل من يمتلك معلومات حول هذا الموضوع أن يزودني بها). 2- يحق لفرنسا أن تصادر بشكل فوري ممتلكات البلد المعني، يتوجب على البلدان الإفريقية المعنية أن تودع احتياطها النقدي في البنك المركزي الفرنسي. احتفظت فرنسا بالاحتياطي النقدي لأربعة عشر بلداً إفريقياً منذ العام 1961 هي بنين، بوركينا فاسو، غينيا بيساو، شاطئ العاج، مالي، النيجر، السنغال، توغو، الكاميرون، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، الكونغو برازافيل، غينيا الاستوائية، الغابون. السياسة النقدية التي تحكم هذه المجموعة المتنوعة من البلدان يقررها المصرف المركز الفرنسي دون الرجوع إلى سلطات نقدية مركزية ك "الاتحاد الاقتصادي والنقدي لبلدان غرب إفريقيا"، و"المجموعة الاقتصادية والنقدية لبلدان إفريقيا الوسطى". وبموجب بنود الاتفاق الذي وضعه المصرف المركزي للبلدان المتعاملة بالفرنك الإفريقي، يتوجب على كل مصرف مركزي في كل بلد إفريقي أن يحتفظ بما لا يقل عن 65 بالمئة من احتياطي الصرف في "حساب عمليات" مودع في المصرف المركزي الفرنسي، إضافة إلى 20 بالمئة لتغطية الديون المالية. كما تفرض المصارف المركزية في البلدان المتعاملة بالفرنك الإفريقي حداً أعلى للقروض التي تمنح لكل بلد من البلدان الأعضاء في حدود 20 بالمئة من عائدات البلد المعني خلال السنة المنصرمة. وحتى لو تمتع البنك المركزي لبلدان إفريقيا الوسطى، أو البنك المركزي لبلدان إفريقيا الغربية بتسهيلات تسمح بسحب أموال دون رصيد لتغطيتها، فإن مثل هذه المعاملات تخضع لموافقة المصرف المركزي الفرنسي. فالكلمة الأخيرة تعود إذاً إلى هذا المصرف الذي يستثمر، باسمه الخاص، الاحتياطي الأجنبي للبلدان الإفريقية المعنية في بورصة باريس. وباختصار، فإن 80 بالمئة من احتياطي الصرف للبلدان الإفريقية المعنية يتم إيداعها في "حسابات عمليات" يشرف عليها المصرف المركزي الفرنسي. أما المصرفان الإفريقيان للبلدان المتعاملة بالفرنك الإفريقي فهما إفريقيان بالاسم، لكنهما لا يعتمدان سياسات نقدية خاصة بهما. ولجهة البلدان المعنية، فإنها لا تعلم ولا يتم إبلاغها إلى أي حد تمتلك بمجموعها أو بشكل إفرادي احتياطيات الصرف المودعة في المصرف المركزي الفرنسي. ويفترض بالأرباح التي تحققها هذه الأموال المودعة أن تضاف إلى احتياطي الصرف، لكن البلدان المعنية ومصارفها لا تحصل على أية حسابات أو تفاصيل حول ما يطرأ على المبالغ المودعة من تغيرات. وبهذا الصدد، يقول د. غاري ك. بوش : "هنالك فقط عدد محدود من كبار موظفي المصرف المركزي الفرنسي، وهؤلاء يعرفون مقدار المبالغ المتوفرة في "حسابات العمليات". وإذا ما حققت هذه الإيداعات أرباحاً، فإن هؤلاء الموظفين غير مخولين بكشفها للمصارف المركزية الإفريقية". وتذهب التقديرات إلى أن فرنسا تدير 500 مليار دولار من المال الإفريقي في مصرفها المركزي دون أن يكون هنالك ولو قليل من الإضاءة على هذا الجانب المظلم من واقع الامبراطورية القديمة. ولا يمكن للبلدان الإفريقية أن تتصرف بهذه الأموال. تسمح فرنسا لهذه البلدان أن تحصل على 15 بالمئة من هذه الأموال سنوياً. وإذا ما احتاجت البلدان الإفريقية إلى أكثر من ذلك، يكون عليها أن تقترض بفوائد تجارية على ال 65 بالمئة من أموالها المودعة في المصرف المركزي الفرنسي. ولكي تجعل الأمور أكثر مأساوية، تفرض فرنسا سقفاً على الأموال التي يمكن للبلدان المعنية أن تقترضها. أما هذا السقف فيتحدد ب 20 بالمئة من عائداتها العامة خلال السنة المنصرمة. ويمكن لفرنسا أن تستخدم حق النقض (الفيتو) فيما لو شاءت هذه البلدان اقتراض ما يزيد عن هذه ال 20 بالمئة. ومؤخراً، تحدث الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك عن أموال البلدان الإفريقية المودعة في المصارف الفرنسية. ومما جاء في كلامه : "إن النزاهة تفرض علينا أن نعترف بأن قسماً كبيراً من الأموال الموجودة في مصارفنا يأتي تحديداً من استغلالنا للقارة الإفريقية". 3- لفرنسا الحق في تملك كل مصدر من مصادر الثروة الطبيعية أو الخام في البلدان المعنية. لفرنسا حق الأولوية في شراء جميع الثروات الطبيعية في أراضي مستعمراتها السابقة. ولا يحق للبلدان الإفريقية أن تبحث عن شركاء آخرين إلا في حال امتناع فرنسا عن ممارسة حقها المذكور. 4-الأولوية للمصالح والشركات الفرنسية في الأسواق والمنشآت العامة في البلدان المعنية. يجب أن تعطى الأولوية للشركات الفرنسية في إبرام الصفقات الحكومية وذلك قبل أي نظر في صفقات مع جهات أجنبية أخرى. ولا يلغي ذلك إمكان حصول البلدان الإفريقية على عروض مالية أفضل من الجهات الأخرى. وينجم عن ذلك أن جميع الشركات والفاعليات الاقتصادية الكبرى في المستعمرات الفرنسية السابقة قد بقيت في أيدي فرنسيين هاجروا من المستعمرات بعد استقلالها. ففي ساحل العاج مثلاً، تمتلك شركات فرنسية (أو تسيطر على) جميع قطاعات الخدمات العامة كالماء والكهرباء والهاتف والنقل والموانئ والمصارف الكبرى. كما نجد الوضع نفسه في قطاعات التجارة والبناء والزراعة. ومنتهى القول إن الأفارقة يعيشون الآن، وقد ذكرت ذلك في مقالة سابقة، في قارة يملكها الأوروبيون! 5-لفرنسا الحق الحصري في تزويد البلدان المعنية بالتجهيزات العسكرية وفي تدريب الضباط وبموجب نظام معقد من عمليات البورصة والمساعدات و"اتفاقيات الدفاع" المرتبطة بالمعاهدة الاستعمارية، يتوجب على البلدان الإفريقية أن ترسل كبار الضباط ليتم إعدادهم في فرنسا أو في البنى التحتية التابعة للجيش الفرنسي. إن الوضع في المستعمرات السابقة لا ينفصل عن الواقع المتمثل في أن فرنسا قد قامت بإعداد وتغذية المئات بل الآلاف من العملاء الخونة. وهؤلاء يشكلون خلايا نائمة ما دام أن فرنسا لا تحتاجهم، لكنهم ينشطون عند الحاجة لتنفيذ انقلاب أو لغايات أخرى. 6-لفرنسا الحق في أن تنشر الجيوش استباقياً وأن تتدخل عسكرياً في المستعمرات السابقة بهدف حماية مصالحها. تحت اسم "اتفاقيات الدفاع" المرتبطة بالمعاهدة الاستعمارية، يحق لفرنسا أن تتدخل عسكرياً في البلدان المعنية، كما يحق لها أن تنشر بشكل دائم قوات عسكرية في قواعد ومنشآت عسكرية تعود إدارتها بالكامل إلى الفرنسيين. القواعد العسكرية الفرنسية في إفريقيا تقيم فرنسا قواعد عسكرية (برية، جوية، بحرية) في معظم مستعمراتها السابقة، ويوجد في هذه القواعد حوالي 10 آلاف جندي وضابط. كما تشارك فرنسا في قوات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي المنتشرة في العديد من البلدان الإفريقية. وعندما حاول الرئيس العاجي لوران غباغبو وضع حد أمام الاستغلال الفرنسي لبلاده، لجأت فرنسا إلى تدبير انقلاب عسكري بهدف إسقاطه. وخلال هذه العملية التي استمرت لفترة طويلة، تدخلت الدبابات الفرنسية والحوامات المقاتلة والقوات الخاصة بشكل مباشر وقصفت المدنيين، ما أدى إلى مقتل عدد كبير منهم. وإمعاناً منها في الوقاحة، اعتبرت فرنسا أن رجال الأعمال الفرنسيين في ساحل العاج قد خسروا عدة ملايين من الدولارات جراء مغادرتهم العاصمة أبيدجان عام 2006 (حيث قتل الجيش الفرنسي 65 مدنياً وجرح 1200 مدني آخرين). وبعد نجاح الانقلاب الذي دبرته فرنسا وانتقال السلطة إلى الحسن وترة، طلبت فرنسا من الحكومة العاجية الجديدة تعويضات عن الخسائر التي لحقت برجال الأعمال الفرنسيين خلال الحرب الأهلية. وبالفعل، استجابت حكومة وترة ودفعت ضعف المبلغ الذي قال رجال الأعمال الفرنسيون بأنهم خسروه أثناء مغادرة البلاد. 7-الفرنسية إجبارية كلغة رسمية وكلغة للتعليم . وي... مسيو. عليك أن تتكلم الفرنسية، لغة موليير! لقد فرضت اللغة الفرنسية وتم إنشاء منظمة لنشر الثقافة الفرنسية وهذه المنظمة هي "الفرنكوفونية" بفروعها العديدة التي يشرف عليها وزير الخارجية الفرنسية. وكما بينا في مقالة سابقة، فإن كونك تعرف اللغة الفرنسية وحدها يعني أنك لا تصل إلا إلى 4 بالمئة من المعارف البشرية والأفكار، ما يجعلك محدوداً جداً. 8-التعامل إجباري بالفرنك الإفريقي (عملة مفروضة فرنسياً) هذا ما يشكل البقرة الحلوب بالنسبة لفرنسا. وقد أدان الاتحاد الأوروبي هذا النظام الشيطاني، لكن فرنسا غير مستعدة للاستغناء عن هذا النظام الاستعماري الذي يعود على خزانتها بحوالي 500 مليار دولار تدفعها إفريقيا كل عام. وقد اكتشفت بلدان أوروبية أيضاً نظام الاستغلال الفرنسي عندما اعتمد اليورو في أوروبا... وقد ارتاعت لذلك بلدان أوروبية عديدة، وخصوصاً البلدان الاسكندينافية التي طالبت فرنسا بإلغاء هذا النظام، ولكن دون جدوى. 9- البلدان المعنية مجبرة على إرسال تقرير سنوي عن المداخيل والاحتياطي النقدي إلى فرنسا. وفي حال عدم إرسال هذا التقرير، لا يمكن الحصول على أية أموال. وأياً يكن الأمر، فإن المصرف المركزي الفرنسي هو من يترأس المصارف المركزية في المستعمرات السابقة، كما يترأس الاجتماع الذي يعقد كل عامين لوزراء المالية في المستعمرات السابقة. 10-حظر الدخول في أية تحالفات عسكرية مع أي بلد آخر إلا بعد الموافقة الفرنسية. البلدان الإفريقية هي الأقل بين البلدان التي تقيم تحالفات عسكرية فيما بينها أو مع بلدان أخرى، باستثناء المستعمر السابق! (أمر عجيب، ولكن لا مجال لغير ذلك!). وفي حال شاء أحد هذه البلدان أن يتحالف مع بلد آخر، فإنه يتلقى تحذيرات من فرنسا. 11-إجبارية التحالف مع فرنسا في حالة نشوب حرب أو أزمة دولية. أكثر من مليون جندي إفريقي قاتلوا من أجل إلحاق الهزيمة بالنازية والفاشية خلال الحرب العالمية الثانية. لكن هذا الإسهام غالباً ما يتم تجاهله أو التقليل من شأنه، وهذا لا يغير شيئاً في الواقع المتمثل بكون فرنسا قد هزمت أمام ألمانيا في ستة أسابيع عام 1940. ففرنسا تعرف أن بإمكان الأفارقة أن يكونوا مفيدين جداً في صيانة "عظمة فرنسا" مستقبلاً. هنالك ما هو مرضي إلى حد بعيد في العلاقة بين فرنسا وإفريقيا. فمن ناحية أولى، هنالك إدمان فرنسا على نهب إفريقيا واستغلالها منذ حقبة الاستعباد. ومن ناحية أخرى، هنالك غياب كامل للابداعية والخيال عند النخبة الفرنسية يمنعها من التفكير في ما يتجاوز الماضي والتقاليد. ومن ناحية ثالثة، هنالك مؤسستان فرنسيتان متقوقعتان بشكل كامل في الماضي. يسكنهما أشخاص مصابون بالجنون وهوس الاضطهاد. وهؤلاء هم "كبار الموظفين" الذين ينشرون الخوف من النهاية المفجعة فيما لو اضطرت فرنسا إلى التغيير والتخلي عن مرجعيتها الإيديولوجية المستمدة من رومانسية القرن التاسع عشر, وهؤلاء الموظفون هم وزير المالية والموازنة الفرنسية ووزير الخارجية الفرنسية. إن هاتين المؤسستين لا تشكلان خطراً على إفريقيا وحسب، بل أيضاً على الفرنسيين أنفسهم. يقع علينا نحن أمر تحرير إفريقيا دون طلب الإذن من أحد، لأنني لم أفهم حتى الآن كيف يمكن مثلاً ل 450 جنديا فرنسيا في ساحل العاج أن يهيمنوا على سكان البلاد البالغ تعدادهم عشرين مليون نفس. "إلى متى؟". ذلك هو السؤال الذي غالباً ما يطرحه -كرد فعل أول- جميع الأشخاص الذين يتناهى إلى علمهم خبر وجود تلك الجزية الاستعمارية. وعلى سبيل المقارنة التاريخية، أجبرت فرنسا مستعمرتها السابقة، هايتي، على دفع ما يعادل بعملة اليوم مبلغ 21 مليار دولار خلال الفترة بين العام 1804 والعام 1947 (حوالي قرن ونصف)، وذلك كتعويضات على تجار العبيد الفرنسيين جراء إلغاء الاستعباد وتحرير العبيد الهايتيين. هذا، وتقوم البلدان الإفريقية بدفع الضريبة الاستعمارية منذ خمسين عاماً. لذا، أظن أن استمرار هذا الوضع لقرن من الزمن يمكن أن يكون أمراً فادحاً.