طالب السودان بتنحية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو عن قضية دارفور، بعد الكشف عن دعوى قضائية رُفعت ضد أوكامبو قبل عامين، بتهمة التحرش الجنسي بصحفية من جنوب إفريقيا، الأمر الذي دفع بأشهر معلق قانوني في بريطانيا بمطالبة المدعي العام لمحكمة الجرائم الدولية لويس مورينو أوكامبو بالاستقالة فورا، يأتي ذلك في الوقت الذي يعقد فيه وزراء الخارجية العرب اجتماعا في القاهرة لمناقشة مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. وعقد السفير السوداني في بريطانيا عمر محمد أحمد صديق، والمستشار الإعلامي في السفارة خالد المبارك، مؤتمرا صحفيا، أكدا فيه ضرورة تنحي المدّعي العام الذي طلب توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، بتهمة التورط في جرائم حرب في دارفور. واستندا في طلبهما على ما كشفه المحرر القانوني في صحيفة "التلغراف" البريطانية، من أن الموظف الإعلامي في المحكمة الجنائية كريستيان بالمه، ادّعي قبل عامين على أوكامبو بتهمة التحرش جنسيا بصحافية من جنوب إفريقيا. واتهم بالمه المدّعي العام بأخذ مفاتيح سيارة الصحافية، وقال لها إنه لن يعيدها إليها إلا إذا وافقت على ممارسة الجنس معه، وهي تهمة نفاها أوكامبو بشدة. ورغم رفض دعوى التحرش، عندما عُرضت أمام لجنة تحقيق داخلية في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن أوكاميو لجأ بعدها إلى طرد بالمه، الذي حرّك الملف. وهو ما دفع الأخير إلى أخذ دعواه إلى محكمة العمل الدولية، التي أمرت له بتعويض يبلغ 20 ألف جنيه إسترليني، مع تعويضات أخرى، يمكن أن تصل إلى 100 ألف جنيه إسترليني، لاعتبارها أن قرار طرد بالمه لم يكن مبررا، لأنه اتُخذ من قبل أوكامبو نفسه، الذي لديه مصلحة في طرد الموظف الذي شكاه، بحسب ما نصّ عليه قرار محكمة العمل الدولية وأشار الحكم إلى أن بالمه أرفق مع دعواه تسجيلا صوتيا لمحادثة هاتفية بين الصحافية ضحية التحرش الجنسي المزعوم وبين أحد زملاء بالمه، وبدا على الضحية القلق؛ لكنها نفت أن تكون أُرغمت على ممارسة الجنس مع أوكامبو، لكنها لم تنف أنها وافقت على القيام بذلك لكي تسترجع مفاتيحها. وقابلت لجنة من 3 قضاة في المحكمة الجنائية الضحية التي نفت المزاعم، كما نفاها أوكامبو. وبناء على ذلك رُفضت دعوى بالمه؛ لأنه "لا أساس لها" في ديسمبرالماضي. وأضافت "التلغراف" أن الأمور لو وقفت عند هذا الحد لما كانت مست بسمعة أوكامبو. إذ إن اللجنة القضائية في المحكمة الجنائية أوصت بأن يبقى بالمه في وظيفته، لكن أوكامبو طرده. وعندما أخذ بالمه قضيته إلى محكمة العمل في جنيف، رأت أنه تصرف بناء على ما سمعه من زميله (أو زميلته) عن تحرش أوكامبو بالصحافية، وأنه ليس هناك ما يشير إلى أن الزميلة تصرفت بسوء نية. ورأت المحكمة أن قرار أوكامبو طرد بالمه غير مبرر، وأن قرارا من هذا النوع كان يجب ألا يتخذه هو، لأن لديه مصلحة في طرد الموظف الذي شكاه. ورأت المحكمة بالتالي أن هناك خرقا لمجرى العدالة وتعديا خطيرا على حقوق المدعي.
ديلي تلغراف: أوكامبو يجب أن يستقيل فورا وكان أشهر معلق قانوني في بريطانيا قد طالب المدعي العام لمحكمة الجرائم الدولية لويس مورينو أوكامبو بالاستقالة فورا، متهما إياه بعدم الأهلية لملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير لأنه هو نفسه تصرف بطريقة سيئة في قضية التحرش الجنسي التي رفعت ضده عندما أقال أحد موظفيه ظلما. وأشار المحرر القانوني لصحيفة "ديلي تلغراف" اليمينية جوشوا روزنبرغ إلى أن توجيه أوكامبو تهما بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية للبشير لم يكن الموضوع الذي كان يشغل بال الناس في محكمة لاهاي الأسبوع الماضي. بل إن ما كان يثير شجون موظفي محكمة الجرائم الدولية هو تهم "التحرش الجنسي" الموجهة لأوكامبو نفسه والتي كانت هيئة قضاة تابعين للمحكمة ينظرون فيها. ورغم أن أوكامبو نفى التهم الموجهة إليه، ورغم أنه ليس هناك دليل على أن ذلك التحرش قد وقع أصلا، فإن محكمة أخرى حكمت على أوكامبو بمسؤوليته الشخصية عن "خرق الإجراءات القانونية المتبعة". والذي يؤكد مدى خطورة القضية -حسب روزنبرغ- هو إقدام المدعي العام الدولي على إقالة المتحدث الإعلامي في مكتبه كريستيان بالمي بسبب فضحه لقضية التحرش المذكورة. وأضاف روزنبرغ أن المحكمة الإدارية التابعة لمنظمة العمل الدولية حكمت على أوكامبو بدفع عشرين ألف جنيه إسترليني لبالمي تعويضا عن "الأضرار المعنوية" التي لحقت به إضافة إلى ما يناهز مائة ألف جنيه إسترليني تعويضا عن الأضرار الأخرى. روزنبرغ قال إنه لا مجال للطعن في أحكام محكمة العمل الدولية مشيرا إلى أن محكمة الجرائم هي التي ستتولى دفع التعويضات بدلا من أوكامبو. والقصة حسب المعلق هي أن بالمي كان قد طالب بإقالة أوكامبو بعد أن قال إنه تحرش في حضرته جنسيا بإحدى الصحفيات من جنوب أفريقيا عندما كان في مهمة رسمية في ذلك البلد. لكن المحكمة لم تتمكن من إثبات الدعوى ضد أوكامبو، الأمر الذي قال روزنبرغ إنه كان كافيا لإغلاق الملف لو لم يقدم المدعي العام بعد شهر من ذلك في يناير 2007 على توقيف بالمي عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بتهمة "سوء السلوك الخطير". وفي أبريل من نفس السنة تم إبلاغ بالمي بأنه قد فصل نهائيا عن العمل بسبب توجيهه "اتهاما كاذبا للمدعي العام بأنه اقترف "جريمة اغتصاب" بقصد الإضرار بسمعته. لكن بالمي قدم استئنافا أمام الهيئة الاستشارية للمحكمة المكلفة بالإجراءات التأديبية، فأوصت في تقرير الصيف الماضي بإعادة بالمي لوظيفته مبررة قرارها بتدخل أوكامبو في قضية الفصل التي كان يجب أن ينأى بنفسه عنها لأن له مصلحة في الموضوع. لكن أوكامبو رفض الانصياع لقرار الهيئة وأبقى على قرار الفصل, مما دفع بالمي إلى رفع دعوى عليه أمام محكمة العمل الدولية. محكمة العمل ذكرت أن من أساسيات الإجراءات القانونية المتبعة أن لا يتخذ الشخص قرارا في أمر له فيه مصلحة شخصية, مضيفة أن أوكامبو كانت له مصلحة مباشرة في التأكيد على أن الدعوى التي رفعت عليه كانت "ملفقة وماكرة". لكن المحكمة أكدت أن أوكامبو في مثل هذه الحالة لم يكن في حاجة إلى أن يتخذ القرار بنفسه مشيرة إلى أن "خرق الإجراءات القانونية" في هذه القضية مثل "انتهاكا صارخا" لحقوق بالمي. روزنبرغ نبه إلى أن دور أي مدع عام هو التقييم الدقيق والصحيح للأدلة المتوفرة، أما واجب صانع القرار فهو الانسحاب من أي قضية له فيها مصلحة شخصية. وأضاف أن أوكامبو -حسب قرار المحكمة- فشل في الاضطلاع بهاتين المسؤوليتين الأساسيتين. وشدد على أن أي مدع عام يسعى لتقديم رئيس دولة للعدالة يجب أن تكون لديه قدرة فائقة على الحكم على الأشياء بطريقة صحيحة, الأمر الذي قال المعلق إن أوكامبو يفتقر إليه. وختم روزنبرغ تعليقه بالتوصية التالية: "أكرر ما كنت قلته من على هذا المنبر قبل أسبوعين، أوكامبو يجب أن يستقيل فورا". مصر تحذر من انفراط مفاوضات دارفور بعد قرار المحكمة الجنائية قال أحمد ابوالغيط وزير الخارجية ان الاتهام الذى وجهه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس السودانى عمر البشير هو اتهام بالغ الخطورة وغير مسئول وما كان يصح. وحذر ابوالغيط من أن الاتهام الذى وجه للرئيس السودانى أدى إلى ما يقرب من بدء انفراط المفاوضات حول دارفور، مشيرا إلى تصريحات بعض قادة تنظيمات المعارضة فى دارفور بأنهم لن يتناقشوا مع حكومة السودان ولن يتفاوضوا مع الدولة السودانية. وأكد ابوالغيط خلال مؤتمر صحفى مشترك مع الشيخ محمد الصباح وزير خارجية الكويت - ان هذا الأمر بالغ الخطورة وكان يجب التنبه لأخطاره لأن البديل هو مأساة تضاف إلى ما وقع فى دارفور على مدى سنوات. وشدد وزير الخارجية المصري على أن هناك عملية سياسية داخل السودان لايجب السماح بأن تجهض أو أن تتعقد الأمور هناك، موضحا أن موضوع المحكمة الجنائية الدولية هو عملية قانونية ممتدة ستستغرق فترة طويلة وربما لانهاية لها. وتوقع أحمد أبو الغيط أن يتخذ وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم المقبل موقفا واضحا فيما يتعلق بالاتهام من ناحية وموقف أكثر وضوحا من حيث الحاجة إلى بناء الاستقرار وأيضا البحث عن العدل من ناحية أخرى. وطالب أبوالغيط - خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع وزير خارجية الكويت فى ختام أعمال الدورة السابعة للجنة المصرية الكويتية - المجتمع الدولى بالتدخل للحفاظ على العملية السياسية بالسودان.
وزراء الخارجية العرب في القاهرة.. والسودان يؤكد عدم التعاون مع المحكمة من المقرر أن يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا في القاهرة اليوم لمناقشة مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن دبلوماسي عربي قوله إن الاجتماع يتوقع أن يبحث اقتراحا يدعو الحكومة السودانية إلى تسليم اثنين من المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية في محاولة لتفادي توجيه اتهامات ارتكاب جرائم إبادة جماعية للبشير. إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان الاقتراح سيحظى بالمساندة في الاجتماع في ظل رفض السودان لأي اتفاق يكون بموجبه تسليم رعاياه لمحكمة الجنايات الدولية. واستبعد مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني أن يكون هناك "تعاون مباشر بين السودان والمحكمة، والمواطنون السودانيون لن يسلموا لمحاكمتهم في لاهاي". يأتي ذلك في الوقت الذي تواصلت فيه التظاهرات المنددة بمذكرة مدعي المحكمة الجنائية الدولية المطالبة بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم إنسانية بإقليم دارفور في الخرطوم لليوم الرابع على التوالي، وطالب نواب برلمانيون بإعادة النظر في علاقات السودان بمنظمة الأممالمتحدة. فعلي الرغم من اتفاق غالب السودانيين على الاعتقاد بأن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو يعمل لتحقيق أجندة بعض الدول الكبرى كما تتهمه بذلك الحكومة أيضا، يبدي هؤلاء النواب خشيتهم من أن تتحول المنظمة الدولية إلي عدو للشعب السوداني في المستقبل. لكنهم يدعون في الوقت ذاته إلى العمل على معالجة وتصحيح دور المنظمة من داخلها، حتى لا تصبح الخصم والحكم في قضايا الشعوب التي نشأت من أجل معالجتها.