يسألني صديق في حوار على قهوة الصباح: هل تتوقع اندلاع حرب جديدة؟ وقبل ان اهم بالاجابة كنت أقرأ تصريحات وتحذيرات قائد الاسطول الاميركي الخامس في منطقة الخليج العربي الموجهة الى ايران التي يقول فيها: (لن نسمح لايران باغلاق مضيق هرمز). وكانت اللهجة حاسمة انطلاقا من قوله (ان مضيق هرمز ممر حيوي وغالبية صادرات النفط تعبر من خلاله.. وفي حالة حاولت ايران تنفيذ تهديداتها فستكون للمجتمع الدولي ردة فعل ازاء ذلك). وفي غضون ذلك كانت الانباء الواردة من الكويت تتحدث عن انها تطور بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي خططاً وقائية لضمان تدفق الصادرات النفطية، في حالة أغلقت ايران مضيق هرمز. وجاء ذلك تعليقاً على تهديدات طهران بعرقلة الملاحة في المضيق الحيوي لنفط الخليج، اذا تعرضت لهجمات من أي طرف كان. وهي تهديدات ردّت بها طهران على التدريبات والمناورات العسكرية الاسرائيلية في البحر المتوسط، والتي قيل انها كانت على أهداف مشابهة لما في ايران من مواقع عسكرية ومنشآت نووية. وما يبدو على السطح، غير ذلك الذي يجري في الأعماق، ومن هناك يحتاج المراقب والمحلل إلى رؤية عميقة ليكتشف احتمالات الحرب من بوادر السلام في صراع حول ملف بالغ التعقيد هو ملف العلاقات الايرانية مع كل من اسرائيل والولاياتالمتحدة. ومع أن الجهود الدبلوماسية لم تتوقف بهدف الحيلولة دون وصول ايران إلى مرحلة التصنيع النووي للاغراض العسكرية، وفي حين ان طهران لا تزال تتمسك بحقها في استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية، تبدو الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية مستعدة لممارسة اقصى درجات الضغوط الاقتصادية والسياسية، وسياسة العصا والجزرة لكي تثني الحكومة الايرانية عن غاياتها النووية، وهي ضغوط لا يظهر اثرها الكبير حتى الآن، بينما تظهر طهران صموداً واضحاً امامها. ومع ان ايران لا تهيمن على مضيق هرمز الا ان تهديداتها باغلاقه اوعرقلة الملاحة فيه تأتي في إطار الردّ السريع على الضغوط الاميركية والتهديدات الاسرائيلية. ولا يخفى ان أمن المنطقة واستقرارها الذي هو مسؤولية جماعية، وليست منفردة، يقتضي التوقف عن التهديدات وردود الفعل المضادة، معا اذ ان مصلحة الجميع في ابعاد المنطقة عن مخاطر اسلحة الدمار الشامل. واذا كانت ايران مطالبة بالتخلي عن التهديدات، فان اسرائيل والولاياتالمتحدة مطالبتان بالكف عن استغلال ظروف الملف الايراني النووي، والوضع العراقي المأزوم للنفاذ إلى أهدافهما التي لا تخدم بالضرورة أمن المنطقة واستقرارها ومسيرة التنمية فيها. أيدي الجميع على الزناد كما يقولون، والادارة الاميركية التي باتت على وشك الرحيل، لا مصلحة حالية لها في نشوب نزاع جديد الا اذا ارادت ان توظفه لمصلحة المرشح الجمهوري للرئاسة، في حين ان حكومة اولمرت تستخدم تهديداتها ضد طهران لتحافظ على وحدة المجتمع السياسي الاسرائيلي المتأزم والمنقسم او لاعادة تصليب موقفها امام خصومها الطامحين إلى الحلول محل اولمرت في رئاسة الحكومة. اما طهران فلا يوجد ما يدعوها الى اشعال نار حرب مدمرة لا تعرف نتائجها أبدا. ويظل السؤال مفتوحا.