حذر عدد من المحللين اللبنانيين من انهيار اتفاق الدوحة الذي اتفق فيه الفرقاء على اختيار العماد ميشيال سليمان رئيسًا للبلاد، والذي بدوره كلف رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة بتشكيل الحكومة وإلى الآن لم ينجز شيئًا في ظل خلافات جوهرية بين الفرقاء حول حقائب كل طرف. ويقول المحللون: إن تعذر تشكيل الحكومة بعد 35 يوما من توقيعه واستمرار الاشتباكات بين أنصار المعارضة والموالاة في مناطق متفرقة من لبنان بالإضافة إلى استهداف الجيش من قبل عناصر مجهولة، كل هذه عوامل قد تعرض اتفاق الدوحة ل"خطر الفشل". واختلف المحللون فيما يتعلق بالمتسبب في تعريض اتفاق الدوحة للفشل؛ فبعضهم حمل المسئولية للمعارضة، معتبرا أنها "تعرقل" تشكيل الحكومة بمطالبها التعجيزية، فيما حمل البعض الآخر المسئولية كاملة للموالاة التي يرون أنها هي "من تفجر الوضع الأمني لتحسين شروطهم في التفاوض". وقال المحلل السياسي اللبناني إلياس الزغبي (مقرب من الموالاة): إن اتفاق الدوحة "يعاني الخطر الآن بعد محاولات المعارضة للانقلاب عليه، سواء من خلال توتير الأوضاع الأمنية، أو من خلال تعطيل تشكيل الحكومة". وأضاف الزغبي: "حزب الله (زعيم المعارضة) اكتشف فجأة أن اتفاق الدوحة لم يحقق له ما كان يتطلع إليه بعد سيطرته على بيروت بالقوة، يحاول الآن تعطيل تنفيذ هذا الاتفاق لأجل الضغط للحصول على أكبر مكاسب ممكنة". أما خليل فليحان المحلل السياسي اللبناني فيرى أن "اتفاق الدوحة دخل الثلاجة فعليا منذ اليوم الذي تم فيه انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية (25 مايو الماضي)، وذلك من خلال عجز المعارضة والموالاة على تشكيل الحكومة التي هى البند الثاني من الاتفاق. واعتبر فليحان أن هذا التجميد الذي يعانيه اتفاق الدوحة "يعود لأن الراعي القطري والجامعة العربية أرادوا أن يتحمل اللبنانيون مسئولياتهم ويتفقوا على تشكيل الحكومة باعتبارها أمرا داخليا بحتا؛ وهو ما فشل فيه اللبنانيون بامتياز". من جهته، اعتبر المحلل السياسي اللبناني رفيق نصر أن "اتفاق الدوحة ولد هشا منذ البداية ولم يكن أكثر من هدنة لسحب المسلحين من شوارع بيروت وانتخاب نائب الرئيس، وهذا ما كان يريده فريق الموالاة، وبعدما تحقق له هذا الأمر بدأ هذا الفريق في تعطيل بنود هذا الاتفاق التي أهمها تشكيل الحكومة". وشدد نصر على أن "الوضع في لبنان الآن مشابه جدا للوضع في الفترة التي سبقت المواجهات العنيفة بين المعارضة والموالاة في مايو الماضي؛ فالأحداث الأمنية زادت بشدة، والتوتر المذهبي حاضر بقوة وبالتالي مستقبل اتفاق الدوحة غامض.. وإن كنت أرجح فشله والعودة لنقطة الصفر". ونفى نصر أن يكون العماد ميشال عون هو من يعطل تشكيل الحكومة كما تقول الموالاة، معتبرا أنه (عون) زعيم الأكثرية المسيحية، وأن مطالبه مطالب مشروعة؛ فهو عندما يطالب بحقيبة سيادية فهذا حقه، ولا أحد يستطيع لومه على ذلك". ومضى يقول: "الموالاة هي من يضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة لأنهم أغرقونا في التفاصيل؛ لأنهم أساسا لا يريدون إنجاح اتفاق الدوحة، هم كانوا يريدون رئيسا للجمهورية وقد تحقق لهم ما أرادوه، وبالتالي هم غير مستعدين لأي تنازل عن أي حقيبة هم يريدونها وتخدم معركتهم الانتخابية المقبلة في ربيع 2009". المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد اعتبر من جهته أن من يعرقل تنفيذ اتفاق الدوحة هو "ضعف الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية؛ وهو ما يحد من حركة الرئيس ميشال سليمان في سياق الضغط على المعارضة والموالاة في مسألة تشكيل الحكومة". وينص اتفاق الدوحة على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا للجمهورية في غضون 24 ساعة، مع تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم 16 وزيرا للأكثرية، و11 وزيرا للمعارضة، و3 وزراء لرئيس الجمهورية التوافقي، مع تعهد جميع الفرقاء بعدم الاستقالة أو إعاقة عمل الحكومة، والتوافق على قانون انتخاب يعتمد القضاء كدائرة انتخابية. وتم تنفيذ البند الأول وهو انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبلاد، لكن تعثر المفاوضات حول تشكيل الحكومة عطل باقي بنود الاتفاق.