في مشهد يتكرر كل يوم في فلسطينالمحتلة، لم يكتف ببناء المستوطنات، حيث يعيش المواطن فتحي صرصور لحظات عصيبة وهو ينتظر بفارغ الصبر قرار المحكمة الإسرائيلية النهائي بشأن قضية هدم منزله وسبعة أخرى في مدينة كفر قاسم داخل الأراضي المحتلة عام 1948، خشيةً من تشرد عائلته وتشتتها. ولم يتوقع صرصور (43عامًا) يومًا ما أن منزله الذي بناه ودفع كل يملك فيه سيهدمه بيده في حال أصدرت المحكمة قرارها، حيث باتت تلك القضية تشغل باله وتفكيره طوال الوقت. وكانت محكمة الصلح الإسرائيلية في "بيتح تكفا" أرجأت مؤخرًا النظر بقضية المنازل المهددة بالهدم، دون تحديد موعد آخر للجلسة المقبلة، وتدعي ما تسمى ب "دائرة أراضي إسرائيل" أن الأراضي التي شُيدت عليها تلك المنازل تابعة لها، وأنها بدون ترخيص. وطلب الدفاع إعطاء مهلة للتفاوض وإيجاد بدائل، وطالب بتمديد أو تجميد القرار بالإخلاء على أن تكون فترة التجميد فرصة للتفاوض للخروج من الأزمة، خاصة أن هنالك منازل تسكنها عائلات كثيرة الأولاد لا بديل لها ولا سقف لها في مكان آخر، ما يعني تشريد العشرات منهم. أوضاع صعبة بألم وحسرة، يقول صرصور لوكالة "صفا" إن" القضية في أروقة المحاكم الإسرائيلية بدأت منذ عام ونصف، بعدما أصدرت دائرة أراضي إسرائيل إخطارات بهدم عدة منازل في المدينة، من بينها منزلي الذي يأويني أنا وأبنائي الأربعة، وذلك بحجة أن تلك المنازل تابعة للدائرة". ويوضح أن البت في قضية الهدم ما تزال حتى اللحظة قيد النظر بالمحكمة، ولكنني أخشى بحال هُدم منزلي أن يكون مصير عائلتي التشرد، لأنني لا أملك مأوى آخر، مبينًا أن آخر قرار بالهدم تلقاه في الخامس عشر من يناير الماضي. ويضيف "أعيش الآن أوضاعًا نفسية صعبة للغاية، لأن تنفيذ قرار الهدم يشكل إعدامًا جماعيًا لكل أفراد عائلتي، ويُنهي مستقبلي ومستقبل أولادي"، لذا أطالب الجهات المختصة بتدخل عاجل لوقف تنفيذ أوامر الهدم، ولتقديم الدعم الكامل لأصحاب المنازل المهددة بالهدم. ويشير إلى أنه بنى منزله في بداية العام 2011، ويتكون من خمس شقق سكنية، تأوي جميع أفراد عائلته، لافتًا إلى أنه تم في التاسع والعشرين من يناير الماضي تقديم استئناف للمحكمة المركزية بخصوص القضية، حيث جرى سحب الملف من محكمة الصلح. ويؤكد صرصور أن بلدية كفر قاسم تبذل جهودها مع كافة الدوائر والجهات المختصة من أجل وقف أوامر الهدم والإخلاء. ولم يكن منزل المواطن صرصور الوحيد المهدد بالهدم، بل هناك سبعة أخرى ينتظر أصحابها قرار محكمة الاحتلال النهائي، عله يأتي هذه المرة في صالحهم، لينهى رحلة طويلة من معاناتهم في أروقة المحاكم. عقاب جماعي ويصف المحامي عادل بدير قضية الهدم بأنها خطوة "ظالمة وعقابية" بحق الأهالي الذين يعانون أوضاعًا اقتصادية صعبة، لافتًا إلى أن "دائرة أراضي إسرائيل" أصدرت منذ سنة ونصف أوامر الهدم بحق 15منزلًا، ولكنه جرى إنقاذ سبعة منازل قيد الإنشاء من عملية الهدم. ويشير إلى أن القضية يتم متابعتها منذ ذلك الوقت على المسارين القضائي والمؤسساتي، لافتًا إلى أن محكمة الصلح عقدت الشهر الماضي جلستين للنظر في القضية، ولكنها تصر على تنفيذ أوامر الهدم بحق المنازل. ويوضح أن هناك حلولًا أخرى غير العقاب الجماعي وطرد ثمانية عائلات من منازلها، قائلًا "قدمنا استئنافًا للمحكمة المركزية بشأن القضية، كما طلبت تجميد أوامر الهدم لسنتين حتى يتم خلالها التوجه إلى لجنة التنظيم والبناء القطرية من أجل إيجاد الحلول التخطيطية والتنظيمية لتلك المناطق". ويضيف "طلبت بسرعة تفعيل الحراك الشعبي والجماهيري للضغط على الجهات المختصة لوقف قرار الهدم، وعدم ترك القضية في أيدي القضاء فقط، لأنه في حال عدم وضع خطة نضالية شاملة لمعالجة القضية، فإن الوضع سيزداد صعوبة". ويؤكد قائلًا "سنبذل كمحامين كل جهودنا لمنع تنفيذ الهدم"، لافتًا إلى أن المواطنين يتكبدون مبالغ باهظة في حال نفذت آليات الاحتلال عملية الهدم قد تتراوح ما بين 30-40 ألف دولار، لذا فهم يضطرون لهدمها بأيديهم. بدوره، يعتبر الناشط الاجتماعي والسياسي بكفر قاسم عادل عامر قرار الهدم بأنه يأتي ضمن سياسة معادية لتطور القرى العربية والمثلث والنقب والجليل من أجل التضييق على القرى وسكانها لإجبارهم على الرحيل وترك الوطن. ويشير إلى أن الأكثر مأساوية أن هذه المنازل ستهدم بيد أصحابها، وإلا سيتم تغريمهم بمبالغ طائلة لآليات وجرافات شرطة الاحتلال و"دائرة أراضي إسرائيل" التي تدعي ملكيتها لتلك الأراضي في المنطقة. والوضع –وفق عامر- لا يبشر بالخير في حق أصحاب المنازل المهددة، والذين يخشون صدور القرار النهائي بهدم منازلهم التي لا يملكون سواها، لافتًا إلى أن المحاكم الإسرائيلية لا تتوانى عن اتخاذ قرارات ظالمة بحق الأوساط العربية. جهود مكثفة وحول جهود وقف أوامر الهدم، يقول عامر إن هناك اجتماعات شعبية وأنشطة لدعم أصحاب البيوت المهددة والوقوف إلى جانبهم، ولكنها لم ترق إلى المستوى المطلوب، فنحن بحاجة إلى المزيد من التحركات والجهود من أجل وقف أوامر الهدم. ويقول رئيس بلدية كفر قاسم عادل بدير لوكالة "صفا" إننا لم نسمح بهدم هذه البيوت، وسنعمل كل ما بوسعنا لوقف تنفيذ أوامر الهدم، أو تجميدها حتى التوصل إلى اتفاق معين مع الجهات المختصة بشأن ذلك. ويضيف أن القرار النهائي بشأن القضية لم يصدر بعد، وأننا سنتوجه إلى المحكمتين المركزية والعليا الإسرائيليتين، وسنتواصل مع "دائرة أراضي إسرائيل" للوصول إلى صيغة معينة لمنع التنفيذ. ويشير إلى أن هؤلاء المواطنين أجبروا على بناء منازلهم دون ترخيص بسبب عدم مصادقة دوائر التخطيط المركزية على مدار أكثر من 20عامًا على توسيع الخارطة الهيكلية للمدينة.