حذر مسؤول صحي بمستشفى الطفل والولادة في البصرة، الجمعة، من تنامي ظاهرة إصابة الفتيات من فئات عمرية صغيرة بسرطان الثدي في المحافظة، داعيا إلى دراستها والتقصي عنها، فيما ربط باحث نمو الظاهرة بتعرض مناطق جنوبي العراق لليورانيوم المنضب خلال الحروب السابقة. وأوضح الدكتور جنان الصباغ للوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) أن "السرطان عموما هو مرض خبيث معناه سلوك الخلية طريقا مختلفا من الناحية الفسلجية، وتبدأ بالتأثير على الخلايا المجاورة في سلوك فسلجي شاذ، وهو مثبت علميا وعالميا ويظهر في الفئات العمرية الكبيرة في إشارة إلى الشيخوخة". واستدرك "لكن في العقود الأخيرة اتسعت ظاهرة الإصابة بسرطان الثدي لدى الفئات العمرية الصغيرة والمتوسطة بشكل ملحوظ وغير مسبوق في البصرة أو العراق عموما". وأشار إلى أن حالات الإصابة بسرطان الثدي بشكله الطبيعي تحصل بين سن 55 إلى80 عاما وهذا مثبت علميا وإحصائيا في العراق والعالم. ولفت إلى أن هناك أسباب كثيرة لظهور الإصابة بهذا المرض منها الأسباب الوراثية والزواج المبكر أو الزواج المتأخر أو سن اليأس المتأخر. وتابع "بعد ذلك ظهرت أسباب بيئية كتلوث الماء والهواء والطبيعة بكاملها، لكن في السنين الأخيرة أخذت الإصابة بهذا المرض منحى آخر، يدق نواقيس الخطر وخصوصا بين الفتيات دون سن العشرين وقبل مرحلة الزواج". وأوضح الصباغ أن "إحصاءات قسم سرطان الثدي في مستشفاه تشير إلى إصابة 137 امرأة عام 2003 بينهن 40 امرأة دون سن الثلاثين منهن تسع فتيات دون العشرين، وفي عام 2004 كان عدد النساء المصابات بهذا المرض 126 امرأة بينهن 41 امرأة دون سن الثلاثين، وفي عام 2005 ارتفع العدد الى 145 امرأة بينهن 11 بين 15 إلى 20 عاما. وقد سجل المستشفى عام 2007 نحو(262) إصابة بينها 14 إصابة لفتيات دون العشرين". وأضاف "يجب أن نقف وقفة علمية مسؤولة للبحث عن أسباب تنامي ظاهرة الإصابة بهذا المرض خصوصا بين الفتيات الصغيرات اللواتي لم يبدأن مشوار حياتهن بعد، فضلا عن إن إصابة المرأة بهذا المرض معناه اندثار عائلة بكاملها. ونوه الصباغ إلى أن لديهم فريق طبي شامل بدأ العمل منذ ثلاث سنوات، شكل من جميع الاختصاصات الطبية فضلا عن الباحث البيئي خاجاك وارتانيان وإن هذا الفريق يقوم بعملية مسح شامل في البصرة للوقوف على أسباب ظهور هذا المرض. وقالت خالدة عبود 20 عاما (مريضة بالسرطان)متزوجة قبل عامين تسكن منطقة 5 ميل "أصبت بهذا المرض منذ عام، إذ لاحظت ورما بسيطا على الثدي فذهبت إلى الطبيب فاستأصل الورم وبعد زرع عينة منه قال أنه ورم حميد فسرني ذلك كثيرا وبدد مخاوفي". وأضافت "لكن بعد شهرين راح ثديي يتورم بشكل ملحوظ، فذهبت إلى طبيب آخر فقال أنك مصابة بالسرطان فنزل علي الخبر نزول الصاعقة ولكن خضعت للأمر الواقع فأجريت عملية استئصال لكامل الثدي". وتابعت "بعدها التهبت الغدد اللمفاوية تحت الإبط وقال طبيبي أن المرض في مرحلته الثالثة". وأشارت إلى أنها قضت ستة أشهر بين العلاج الكيماوي والإشعاع الذري لكن دون فائدة. وأردفت " لكن المرض تحفز وظهر الآن في الرئة وأنا الآن لا انتظر سوى رحمة الله لعله يرأف بطفلي الوحيد ويمنحني الفرصة للعيش من أجله". ورأى الباحث البيئي خاجاك وارتانيان أن " تنامي ظهور هذا المرض في البصرة مرتبط بتعرضها لضربات الأسلحة المشبعة باليورانيوم المنضب في الحربين الأخيرين، فالمعروف عالميا والمثبت علميا أن الإشعاع المؤين يسبب السرطان". وأوضح أن "اليورانيوم معدن مشع بالإضافة إلى كونه عنصر ثقيل تمتد سلسلته إلى الرصاص وكلها مسببة إلى مرض السرطان ". ورجح أن يكون هذين السببين هما المسببان للإصابة بأمراض السرطان ومنها سرطان الثدي. ولفت إلى أنه لم تسجل في العقود السابقة إصابات بسرطان الثدي بين الفتيات من فئات عمرية صغيرة . وقال خاجاك "خلال ال (15) سنة الأخيرة الشيء الدخيل على بيئتنا هو اليورانيوم المنضب وقد تبين ذلك من خلال قيامنا كفريق بحثي منذ ثلاث سنوات إذ نقوم بعملية مسح عشوائي في مناطق مختلفة من البصرة".لافتا إلى أن الفريق سيصدر نهاية العام الجاري نتائج ما توصل إليه. وأشار خاجاك إلى أن المناطق الأكثر إشعاعا هي التي تعرضت لضربات اليوارنيوم المنضب خلال الحربين الأخيرين ، فقد تعرضت مناطق الزبير وصفوان والبادية الجنوبية في حرب 91 لضربات قوية، فيما تعرضت مناطق ابي الخصيب والمعقل والمطار الدولي والقرنة والقبلة ومركز المدينة وأغلب مناطق البصرة الى ضربات باليورانيوم المنضب عام 2003. ونوه إلى أن هناك عدة أفكار ومقترحات قدمت من خلال الأبحاث والمؤتمرات العلمية وحاليا هناك أعمال للتخلص من (السكراب) الذي هو بقايا معدات عسكرية مشبعة باليوارنيوم لإخراجها إلى خارج المدينة. وتشير مصادر شبه رسمية أن ما استعمل على العراق من قذائف وإطلاقات اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج الثانية اثر غزو العراق للكويت في عام 1991 وخلال ستة أسابيع قارب 940,000 إطلاقه عيار 30 ملم و14,000 قذيفة مدفع ودبابة من مختلفة العيارات، وهو ما يقارب 300 طن . فيما تشير مصادر عسكرية عليمة أن ما استعمل على محافظة البصرة من أسلحة اليورانيوم خلال عام 2003 من القوات البريطانية فقط هو 1.9 طن ولكن تقديرات أخرى تشير إلى أنه يقارب ال 100 طن.