قطعت الثورة المصرية بعد الانقلاب العسكري أشواطا عديدة ومهمة ، وحققت نتائج ايجابية واضحة من حيث الحشد وحصار الانقلاب ، واكتساب أرضيات جديدة ، وجاءت دعوة التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب لموجة ثورية ، هي الأولى من نوعها منذ الانقلاب لمدة 18 يوما متتالية ، لتفتح الحديث عن تصورات المرحلة الثورية المقبلة . ويراهن كثيرون على سرعة الحسم ، ويربطون بينه وبين آليات معينة ، لجأت لها كثير من الثورات الأخرى بعد استيفاء الحشود لأغراضها ، ويتمهل البعض ويطلب عدم حرق المراحل الباقية سريعا ، والإنتظار على نضوج كل مسار في وقته ، وبين هذا وذلك ، تدور عجلة الثورة بثبات وحراك منتظمين ومعتادين وسط قمع أمني متصاعد وإصرار على خلق مناخ لبناني أو عراقي في مصر تحت رعاية العدو ! . ومع انطلاق الموجة الثورية الجديدة مع الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير ، والصمود الثوري الأسطوري ، وانسحاب بعض القوي الاحتجاجية مبكرا من فعاليات الذكرى الثالثة ، ومحاولة الانقلابيين استمرار فرض خارطتهم الباطلة علي أجندة الاهتمامات اليومية ، مع سقوطهم في خطأ ترشيح قائد الانقلاب للرئاسة ، تبرز الحاجة الملحة لوضع خارطة ثورية تناسب هذه المرحلة وتلبي الطموحات الوطنية المخلصة . في تقديرنا أن الخارطة الثورية المطلوبة حاليا تبنى على أربعة أعمدة هي : مقاومة مدنية ، وتطوير ميداني ، وسلمية مبدعة ، واستقلال ثوري ، فى إطار مفاهيم الشعار الجامع الذي أعلنه تحالف الشرعية وهو "ثورة واحدة .. دم واحد.. قاتل واحد"، وبعيدا عن محاولات تقزيم المد الثوري المصري ، وحصاره في الداخل وابعاده عن الهيمنة الصهيوامريكية التي تقود من خلال ستار أسود وبقلب أسود. فخارطتنا المقترحة تنادي بمقاومة مدنية لا ترفع السلاح ولا تطلق الرصاص وتحافظ علي الأوراح ، وتنطلق تحت إبداع فنون المقاومة لمنع استمرار الجريمة ضد المتظاهرين العزل والوطن الأعزل والثورة المعزولة ، ويسعنا في ذلك تجارب اللاعنف واحباط اساليب البلطجة . أما التطوير الميداني فهو يتطالب استمرار الانتشار الواسع بين أطياف المجتمع، لاستقطاب القطاعات غير المسيسة المتضررة من الانقلاب، مع تجميع المسيسين أصحاب الأيدى البيضاء المصدومين مما حدث بعد 3 يوليو، وابتكار لوسائل الحسم الميدانى وشل الانقلابيين وهزيمتهم ميدانيا ، مع صبر تام على نضوج الوعى وتمكنه من القطاع اللازم لإطلاق ساعة الحسم . والسلمية جزء استراتيجي في الخارطة ولكنها تتطالب ابداع متواصل ومتصاعد ، كي نكسر أي جنوح للعنف ، من المعتدي أو المعتدي عليه ، في ضوء الواقع المصري ، مع التأكيد أن السلمية لا تعني الإستسلام أو الخضوع أو التراجع أمام العدوان أو التعود عليه ، أو رتابة التعامل معه ، خاصة مع اعتماد سلطات الانقلاب علي العنف واصطناع الأعمال العدائية ضد مؤسسات الدولة والتحريض الإعلامي القاتل . ويعتبر الاستقلال الثوري جزء رئيسي في الخارطة ، فهي تعني اقرار سياسة واضحة تنبع من الثورة ، وترفض المناكفات الحزبية ، وتسقط الهيمنة الصهيو امريكية على الوطن والتي كان من بين مخططاتها الانقلاب العسكري ، وهنا نطرح العودة ثوريا الي 11 فبراير 2011 ، والعودة سياسيا الي 2 يوليو 2013 ، والبناء عليهما بما يضمن الاستقلال الثوري وتحقيق مطالب الثوار والشهداء وتمكين المسار الديمقراطي واسقاط حكم العسكر . إننا ازاء ثورة واحدة ودم واحد وقاتل واحد ، وبالتالي فمكتسبات هذه الثورة في المسار الديمقراطي وأهدافها التغييرية ، والقصاص لكل الشهداء منذ 25 يناير حتى الآن ، من القاتل الذي انحرف بالمسار الثوري في ضباب فبراير وقاد انقلابا علي احد متكسباتها في سواد يوليو ، هي ركائز اساسية لأي تصور مستقبلي ، مع الإبداع في اخراج التصور لا تغيير الركائز لتراض حزبي غير ثوري وغير مجدي في ضوء الواقع . وبقيت كلمة .. ثورتنا ليست ثورة قزم ، أو ثورة في زقاق ، وخروجنا المبدع الواعي لاسترداد ثورة 25 يناير ومكتسباتها الديمقراطية وأهدافها التغييرية ، محل قلق داخلي وخارجي ، شأن كل الثورات الملهمة ، وهو ما يتطالب الصبر علي مشاق المسير والاستمرار حتى الانتصار ، والله غالب على امره ولكن الَّذِينَ ظَلَمُوا في غيهم يعمهون. *منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح