نجحت المقاومة العراقية في طرد قوات الاحتلال الأمريكية واستعادة السيطرة على مدينة الفلوجة الواقعة على بعد نحو 50 كيلو مترا غرب العاصمة بغداد، عقب وقوعها في أيدي الاحتلال الأمريكي منذ دخولها عام 2004. فبعد كل إجراء أمني مشدد، تتخذه تلك قوات الاحتلال الأمريكية لصد المقاومين، ما هي أيام حتى تعود شعلة المقاومة تتفجر في وجوه جنود الاحتلال الأمريكيين، وينجح المسلحون من التسلل إليها، مرة أخرى، على الرغم من إحكام السيطرات والجهات الرئيسة المؤدية إليها من قبل قوات الاحتلال الأمريكية. الإجراءات الأمنية المتخذة من قبل قوات الاحتلال الأمريكية عقب السيطرة عليها كانت مشددة جدا، فتلك القوات أحاطت بالمدينة التي تبلغ مساحتها نحو (30 كم مربع) من جهاتها الأربع، ونظمت عودة أهاليها المهجرين اثر معركة احتلال الفلوجة من خلال عملية تنظيمية دقيقة، خضع خلالها الأهالي إلى مختلف أنواع الإجراءات بدأ من اخذ بصمة العين وليس انتهاء بمنع أي غريب من الدخول إليها، إلا بعد الحصول على الموافقات من قبل السيطرات الأمريكية المنتشرة حول الفلوجة. واحتاج موظفو دائرة الضريبة، لأكثر من ساعتين، في بغداد، من أجل الدخول إلى الفلوجة على الرغم من وجود كافة المستمسكات الرسمية والكتب الموجهة إلى قوات الاحتلال الأمريكية وباللغة الإنجليزية، من أجل تسهيل دخولهم، كما روى ذلك أحد الموظفين لوكالة "قدس برس". وتشير لغة الأرقام والإحصائيات، حسب مصادر الشرطة والأهالي، إلى أن الفلوجة تشهد يوميا عشرة إلى عشرين عملية مسلحة، تستهدف قوات الاحتلال الأمريكية والقوات العراقية الموالية للاحتلال، وبحسب مصدر مقرب من المقاومة العراقية هناك، فإن فصائل المقاومة عازمة على طرد قوات الاحتلال الأمريكية من المدينة نهائيا قريبا. وأوضح أن تلك القوات بدأت تفقد سيطرتها على الفلوجة، ويضيف "لقد نفذت فصائل المقاومة العشرات من عمليات المقاومة ضد القوات الأمريكية والعراقية في الفلوجة، أغلب تلك العمليات سقط فيها قتلى أمريكيين، بل إن قواعدهم الموجودة في الفلوجة أصبحت تتعرض لعمليات قصف يومي، هناك اليوم رفض شعبي كبير لتلك القوات من قبل أهالي الفلوجة وهو ما ساعد كثيرا على عودة المقاومة ورجال المقاومة إلى المدينة، فلقد تبددت تلك الوعود التي أطلقتها تلك القوات، أبان حربها للسيطرة على الفلوجة، من عودة الخدمات ودفع تعويضات مناسبة للسكان، وما إلى ذلك من وعود، كل ذلك تبين أنه محض سراب وهو الأمر الذي زاد من نقمة أهل الفلوجة، خاصة وأن أغلب الأسر، فقدت أحد أفرادها في المواجهات، أو في القصف الأمريكي المتواصل". وبسبب شدة العمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكية، فإن تلك القوات لا تستطيع الدخول إلى حي الشهداء ليلا، وهو الحي الواقع جنوب الفلوجة، حيث تنتشر هناك وبكثافة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، التي تستهدف تلك القوات. كما أنها أصدرت تعليماتها إلى أهالي الفلوجة عبر مكبرات الصوت، حيث تضمنت تلك التعليمات بان على سائق المركبة أن يترك بينه وبين الأرتال الأمريكية مسافة 700 متر، في حين يجب على الشخص الماشي على قدميه أن يترك مسافة 100 متر، بينه وبين تلك القوات، مهددة بقتل أي مواطن عراقي يمكن أن يخل بتلك التعليمات. يقول مصدر في المقاومة العراقية، ويدعى "أبو إيثار"، إن من بين ما يلفت الانتباه في الفلوجة هو ازدياد أعداد الفلوجيين، الذين يجيدون عمليات القنص التي تستهدف القوات الأمريكية. ويضيف في حديث لوكالة "قدس برس": "لقد وصل الأمر أن قامت فصائل المقاومة العراقية المختلفة، بتشكيل "أول سرية للقناصة"، وهو اسمها، وتضم 50 قناصا من أمهر القناصة في مدينة الفلوجة"، حسب قوله. ويجزم أحد الضباط الأمريكيين في الفلوجة، بأن أي قطعة سلاح لم تدخل الفلوجة منذ المعركة الثانية، ويضيف هذا الضابط الذي كان يتحدث إلى عدد من شيوخ ووجهاء مدينة الفلوجة داعيا إياهم إلى التعاون مع القوات الأمريكية من أجل الكشف عن المسلحين، "إن الأجهزة التي تستخدمها القوات الأمريكية عند مداخل المدينة قادرة على كشف أية قطعة سلاح مهما كان نوعها أو حجمها". غير أن تلك الأجهزة لم تُجد نفعا، حيث أن مصادر عراقية مقربة من الجيش الأمريكي، قالت: "إن أكثر ما يلفت انتباههم هو عدم إمكانية التوصل إلى معرفة مصدر أسلحة المقاومة في داخل المدينة، وخاصة الصواريخ والعبوات الناسفة، وأوضحت تلك المصادر أن القوات الأمريكية تفكر وبشكل جدي بإفراغ المدينة من سكانها لتشن حملة دهم وتفتيش واسعة، من اجل العثور على تلك الأسلحة التي تستخدمها المقاومة العراقية"، على حد تعبير المصدر.