بقلم: أحمد عمرابى البابا يدين الإباحية في المجتمع الأميركي. كان هذا المعلم الرئيسي في سياق أحداث الزيارة البابوية للولايات المتحدة خلال الاسبوع فهل يتجاوب المجتمع الاميركي او على الاقل مجتمع الطائفة الكاثوليكية في الولاياتالمتحدة مع مثل هذه الادانة؟
لقد اشار البابا الى حادثة معينة تتمثل في ضلوع عدد من الكهنة في اعتداءات جنسية على اطفال قائلا انها «مصدر خزي» للكنيسة، ورغم بشاعة هذه الوقائع وحرص رأس الكنيسة الكاثوليكية على التشنيع بها الا ان الملاحظة العامة التي استخلصها هي الاهم.
فقد تحدث البابا عن «الاطار» الذي وقعت فيه تلك الفضائح وهو السلوك الجنسي في المجتمع الاميركي.. هنا يتساءل البابا: ما معنى الحديث عن حماية الطفل عندما يمكن رؤية الاباحية واعمال العنف في الكثير في البيوت من خلال وسائل الاعلام التي يمكن الوصول اليها بسهولة في ايامنا هذه؟
ولتقييم ملاحظة بابا الفاتيكان بصورة موضوعية علينا ان نفرق اولا بين الديانة- اي ديانة- وسلوك اتباعها فانحراف فئة او فئات من المسيحيين عن تعاليم وقيم الديانة المسيحية ومثلها العليا التي جاء بها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لا ينبغي ان يؤخذ على هذه الديانة حتى لو شمل الانحراف مجتمعا بأكمله.
مع ذلك هناك سؤال أساس ينبغي ان يطرح:
لماذا فقدت الكنيسة تأثيرها الاخلاقي ليس على المجتمع الاميركي المسيحي وحده وانما على المجتمعات الغربية قاطبة؟
كانت البداية قبل بضعة قرون عندما قبلت المؤسسة الكنسية ان يفرض عليها المبدأ العلماني الاعظم المتمثل في «فصل الدين عن الحكم». فقد كان إيذانا كما ثبت لاحقا باضمحلال سلطة الكنيسة الاخلاقية بالتوسع التدريجي لتطبيق فصل الدين عن الحكم ليشمل اولا فصل الدين عن السياسة على اطلاقها وثانيا فصل الدين عن المجتمع برمته.
هذا هو الهاجس الاعظم الذي ينبغي ان يؤرق مؤسسة البابا الكاثوليكية والمؤسسات الكنسية الاخرى بهدف اعادة الاعتبار لتعاليم المسيح خاصة ان الاضمحلال الاخلاقي بلغ درجة ان يستخف قادة الكنيسة انفسهم بثوابت الاخلاقيات الدينية المسيحية فبعض الكنائس في الولاياتالمتحدة اصبحت تعترف بأن للشواذ جنسيا حقوقا بل تذهب ابعد من ذلك بأن تعقد وتبارك زواجا شرعيا بين «مثليي الجنس» رجالا ونساء.
ومن المثير ان البابا انتقد في سياق زيارته ما اطلق عليه «الطابع السطحي للتدين» في المجتمع الاميركي ومن ذلك مثلا ان الاسر الاميركية «المتدينة» تذهب الى صلاة الاحد في الكنيسة لا لاي سبب سوى مجرد الالتقاء الاجتماعي مع اسر اخرى.
صفوة القول ان مبدأ «الحرية الشخصية» في الغرب طغى على التدين من المنظور الاخلاقي فالمبدأ يشمل ايضا حرية الاباحية الجنسية وهو في حقيقة الامر امتداد لمبدأ الحرية الاستهلاكية التي تشكل لب النظام الرأسمالي.
تفكر في المشهد: كم من الصناعات تنهار حتما لو شاع الالتزام الاخلاقي المسيحي في المجتمعات الغربية من صناعة الافلام وصناعة الاعلان التجاري الى صناعة علب الليل ودور الدعارة المرخصة الى صناعة الاتجار بالبشر بأشكالها الاخرى وصناعة السياحة.