لأن الفساد فى عهد «العسكر» لم يتغير عن الفساد فى عهد «المخلوع» صار طبيعيا أن يتم حماية المفسدين والتنكيل ممن يتصدون للفساد. ففى الوقت الذى كان يعتقد البعض استدعاء النيابة لرئيس صندوق دعم نشاط التمويل العقارى «مى عبد الحميد»وأعوانها وعلى رأسهم نائبها عبد الله رشدى للتحقيق معهم فى المخالفات التى نشرتها «الشعب »، والتى وردت فى خطاب المستشار هشام جنينة - رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات - إلى رئيس النيابة الإدارية والتى تصل إلى 40 مليون جنيه، من بينها أكثر من 3 ملايين جنيه فى مزاد واحد كشف عنها تقرير الجهاز. قامت حملة واسعة عقب النشر لتلميع مى عبدالحميد رئيس الصندوق المنهوب، حيث انتفض لمؤازارتها إبراهيم محلب وزير الإسكان وعدد من المستشارين والمستفيدين بنشر إعلانات وأخبار تجميلية مكثفة فى أكبر عدد من الصحف والقنوات التليفزيونية،والإعلان عن تسليم الصندوق لشقق وغيرها من الإنجازات المزعومة والتى لا علاقة لها بما تم ارتكابه من جرائم إهدار المال العام التى أكدها التقرير الرقابى وتستلزم التحقيق مع رئيسة الصندوق وأعوانها. وفى الوقت نفسه تم التنكيل بالمسئول بالصندوق الذى رفض التواطؤ وقام بإبلاغ المستشار «جنينة» مدعما بلاغه بعشرات المستندات، فتم توقيع أشد الجزاءات ليصل الخصم من مرتبه وحوافزه وبدلاته إلى 1800 جنيه فى شهر واحد، بينما ينعم المفسدون والمتسترون عليهم بأكبر المكافآت، كما تم نقله إلى وظيفة وهمية بلا أى عمل ومساومته على ترك العمل فى الصندوق مقابل التغاضى عنه حتى تمتلك «العصابة» المفاتيح. فماذا عن ورنيش التلميع للمدعوة «مى» رئيس الصندوق بدلا من التحقيق معها؟ وماذا عن التنكيل ممن يتصدى للفساد؟ بداية، تجدر الإشارة إلى أن تقرير جهاز المحاسبات والصادر بتاريخ 3 يوليو 2013 كشف عن عشرات المخالفات فى الصندوق أبرزها يتعلق بشقق محدودى الدخل، حيث يتم وضع مرتبات وهمية ومخفضة جدا عن الحقيقة لإمكانية استفادة أصحابها بالحصول على الشقق والمخصصة أساسا للفقراء، وكذلك مخالفات جسيمة فى المحلات التى يمتلكها الصندوق والمفترض فى بيعها تنمية موارده، فإذا به يقوم ببيعها بأسعار تقل عن مثيلتها منذ ثلاث سنوات وبإهدار أكثر من 3 ملايين جنيه فى مزاد واحد، ليتم الكشف عن أعضاء اللجان فى كافة مراحل المزاد هم أشخاص بعينهم، ومن بينهم متهم سبق الحكم بإدانته فى قضية أموال عامة!،إضافة إلى مخالفات عديدة أخرى منها الإفراط والسفه فى المشتريات وفى مبنى للصندوق وتأسيسه، كما كشف البلاغ عن طابور من التعيينات«بالكوسة» لضمان الولاء ومجاملة المسئولين. إمبراطورية مى أما عن حملة«التلميع» التى انطلقت عقب النشر فى «الشعب» فقد جاءت للتستر على الفساد من ناحية، وتدارك غضب المواطنين المتقدمين للحصول على شقق وسددوا المقدمات، بل ويقومون بسداد الأقساط دون تسلم الشقق، فظهر فجأةإبراهيم محلب وزير الإسكان ليعلن عن طرح صندوق الست «مى» ل 2850وحدة سكنية ونشر إعلاناته أو أخباره التجميلية فى عدد من صحف وقنوات الفلولوترتيب مداخلة تليفزيونية لرئيسة الصندوق بقناة «أون تى فى»، كما قام فتحى السباعى -عضو مجلس الإدارة عن بنك التعمير ورؤساء خمسة بنوك ورئيس البنك المركزى- بالنشرعن تقديم مقترحات التمويل العقارى وتخفيض الفائدة، وأعقب ذلك نشر إعلانات فى صدى البلد وفيتو الفجر والمال. كما نشر «اليوم السابع»إبرام الصندوق مع نادى هيئة قضايا الدولة لمنح أعضائه وحدات، وهو ما يطرح سؤالا وهو، هل أعضاء قضايا الدولة من محدودى الدخل أم ماذا؟ ووصل أمر« التلميع» إلى نشرفتوى تجيز لمستخدم الزكاة فى تمويل شراء محدودى الدخل للوحدات السكنية. أما الأكثر عجبا فإن كل هذا التلميع لم يتناول الرد على أى واقعة فساد أو اعتداء على المال العام والمفترض فيه دعم الفقراء بدلا من استجداء الزكاة! التنكيل بالشرفاء أما عن الجانب الآخر من حملة الفساد، فقد جاءت فى التنكيل بمن قدم البلاغ للمستشارجنينة ودعمه بالمستندات. فتم تقديم شكاوى كيدية ضد حسن الطوبجى- مقدم بلاغ كشف الفساد- وإخفاء الإجازات التى تقدم بها وعدم الاعتداد بشهادة التأمين الصحى لإمطاره بالجزاءات، خاصة أنهم لا يملكون أى واقعة فساد ضده، وهو أمر يطرح التساؤلا حول مدى وجود جهات للتفتيش القضائى من عدمه، وعليه فإن وصول الجزاءات إلى ثلاثة أيام فى الشهر يؤدى إلى منع الحوافز والمكافآت والبدلات وغيرها،إضافة إلى الخصم من المرتب ليصل الخصم الموقع عليهفى شهر واحد فقط إلى 1800 جنيه فى وقت لم يتم تطبيق القانون فى أحقيته للدرجة، ووصل الأمر إلى القول له «أحسن لك ترك المكان»أى الانتقال إلى جهة أخرى مقابل السكوت عن التنكيل به، خاصة أنه أصبح بلا عمل بالفعل منذ كشفه للمخالفات، حيث تم إنشاء إدارة تسمى للتخطيط لا يعمل بها سواه وبالأدق لايعمل، حيث إن الإدارة المذكورة وهمية، ومن الطريف أنه تمت مجازاته بحجة الامتناع عن العمل!، وهو ما استدعاه للاستعانة بمحام لإيقاف هذا الظلم إلا أن النيابة الإدارية تعنتت معه فى الحصول على أية إفادة، وهو ما يثير التساؤل عن تعيين المستشارين لأقاربهم بالصندوق. فقد تضمن بلاغ «الموظف النزيه» حسن الطوبجى العديد من الأمثلة عن التعيينات بالكوسة من خلال طرح مسابقات وهمية من أجل تسكين المعارف وأعضاءمجلس الإدارة وغيرهما؛ حتى إن الخطاب الذى تم إحالته به للتحقيق موقع من موظف معين منذ شهور بالمخالفة لكل الأعراف والقوانين بتولى أى موظف حديث موقعا قياديا، ويحصل هؤلاء على بدلات ومكافآت تفوق الخيال، خاصة أن القيادات تحصل على أرقام لامثيل لها، ويقولون إنهميعملون فى جهاز يتعلق بمحدودى الدخل! وسرقوا الصندوق يا«أبو لمعة» وتركوا مفاتيحه معاهم.