تستهدف الحكومة الإسرائيلية، منذ ثلاثة أعوام، تركيز استثماراتها في مناطق الأغوار، الواقعة شرقي الضفة الغربية على الحدود مع الأردن، لأهداف اقتصادية واستيطانية، واستراتيجية. وتغطي مناطق الأغوار أكبر خزان للمياه الجوفية في فلسطين، بحيث تستولي إسرائيل على نحو 95٪ من المياه المتوفرة هناك، وأكثر من 90٪ من الأراضي البالغة مساحتها نحو 433 كيلو متراً، أو ما نسبته 7.6٪ من مساحة الضفة الغربية البالغة 5647 كم. وفي آخر 3 سنوات، وبحسب تقرير حديث صادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإن حجم الاستثمارات الإسرائيلية في الأغوار، ارتفع بنسبة 250٪، بسبب التحفيزات الاقتصادية والاستثمارية التي قدمتها الحكومة لرجال الأعمال الإسرائيليين. وتغلب المشاريع الزراعية والحيوانية على الاستثمار في تلك المناطق، التي تتميز أراضيها بالخصوبة، حيث تقدم وزارة الزراعة الإسرائيلية، المياه "مجاناً" للمستثمرين الإسرائيليين الراغبين بإقامة مشاريع زراعية في تلك المناطق، بحسب تقرير الإحصاء الإسرائيلي. وقال وزير الزراعة السابق في الحكومة الفلسطينية اسماعيل دعيق، إن "إسرائيل" هجرت الآلاف من الفلسطينيين في بعض مناطق الأغوار، بهدف الاستيلاء عليها، وتحويلها إلى مناطق استثمارية، "ومن ثم استقدام هؤلاء الفلسطينيين ليعملوا بأجرة يومية في أراضيهم المصادرة". وأضاف دعيق، خلال اتصال هاتفي مع الأناضول، أن شركات التعبئة والتغليف الإسرائيلية تقوم بتصدير منتجاتها إلى غالبية الدول العربية، ودول أوروبا والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الزراعة في الأغوار تمثل استثماراً مربحاً للمستوطنين، بسبب الإعفاءات الضريبية والتحفيزات المقدمة لهم. وكانت تصريحات أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا، خلال اجتماع المجلس الاستشاري لحركة فتح في مقر الرئاسة برام الله، تشير إلى أن الأرباح السنوية للاستثمارات الإسرائيلية في مناطق الأغوار تفوق 620 مليون دولار سنوياً. وأضاف عباس في كلمته، أن إسرائيل تغطي استثماراتها الاقتصادية، بحجة أمنية، وحماية لحدودها من العدوان الخارجي، مشيراً إلى أن العديد من المزارع الإسرائيلية المقامة هناك، تتضمن عشرات البحيرات الاصطناعية لتربية التماسيح لاستخدام جلودها في صناعات متعددة، فضلا عن مئات من مزارع الدواجن والحبش " تربية الرومي" والمواشي، إضافة إلى مساحات كبيرة من المزارع. ويبلغ عدد الشركات والمصانع الإسرائيلية العاملة في تلك المناطق نحو 260 شركة ومصنعاً، ونحو 500 مزرعة للدواجن والمواشي، بينما يبلغ عدد المستوطنين الذين يقطنون الأغوار نحو 15 ألف مستوطن، يملكون أكثر 100 كيلو متر من الأراضي الزراعية. في المقابل، فقد أدت الإجراءات الإسرائيلية، إلى انخفاض مساحة الأراضي الزراعية التي تعود لفلسطينيين، بسبب التضييقات اليومية التي تمارس بحقهم، وأهمها حرمانهم من مصادر المياه الجوفية، ما يضطر بعضهم لشرائها بمبالغ كبيرة، بينما اتجه بعضهم الآخر إلى تغيير نشاطهم بالكامل. وأدت الحواجز العسكرية في الأغوار والبالغ عددها ثلاثة، إلى إعاقة عملية تسويق المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الضفة الغربية، حيث تحولت الحواجز الثلاثة (بردلة، والحمرا، والتياسير) إلى معابر حدودية، تمنع مرور البضائع من خلالها، مما يساهم في تكدس تلك المنتجات وتلفها. واستعرض وزير الزراعة السابق في الحكومة الفلسطينية اسماعيل دعيق، بعض الأرقام حول تراجع الزراعة الفلسطينية في مناطق أريحا والأغوار، "فمنذ عام 1993 بلغت نسبة الزراعة في تلك المناطق من الناتج المحلي نحو 30٪، ووصلت في العام 2009 نحو 9٪، وتراجعت مع نهاية العام الماضي إلى ما دون 3.8٪". كما أشار الوزير السابق إلى أن غالبية البضائع التي تكون دون مستوى الجودة ومقاييس التصدير إلى الخارج، يتم تحويلها إلى الأسواق الفلسطينية، عبر تجار فلسطينيين، "لذا فإن غالبية أصناف الخضار والفواكه المصدره تحمل الطبعة الإسرائيلية".