أفادت أحلام طوبيا وهي طبيبة تعمل مع اللاجئين في القاهرة أن العديد من اللاجئين العراقيين المقيمين في مصر، والذين يتراوح عددهم بين 70 الف و150 الف يعانون من أمراض نفسية خطيرة ومن حالات مرضية أخرى مرتبطة بالإجهاد بما فيها أمراض القلب. بالإضافة إلى ذلك، أفادت عبير عطيفة الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن العديد من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري. وقالت ان "التوتر الناتج عن وصول الأخبار السيئة من الديار وعن نفاذ الأموال وانعدام فرص العمل والتعليم تسبب في ارتفاع حالات الإصابة بأمراض القلب والسكري". وأضافت أن نسبة إصابة اللاجئين العراقيين في مصر بالمشاكل الصحية هي أكبر من نسبة إصابة غيرهم من اللاجئين الآخرين مثل السودانيين والصوماليين. كما أشارت إلى أن الأطفال العراقيين يعانون بدورهم من مشاكل صحية فريدة خاصة بهم، تعتقد أنها ناتجة عن تعرضهم للإشعاعات التي خلفتها حرب العراق مع إيران وحرب الخليج الأولى لعام 1991. وتنتشر العديد من القصص المروعة بين اللاجئين العراقيين، بدءاً من النساء اللواتي فقدن القدرة على النطق بسبب ما مررن به من صدمات، إلى الأطفال الذين تقزَّم نموهم إلى الشباب الذين بدأوا يفقدون سمعهم أو أبصارهم. كما أشارت أحلام إلى أن أحد اللاجئين مصابٌ بمرض خَلقي وقد بدأ يفقد قدرته على التحرك بسبب تدهور في المخ. وأضافت أن "الأمراض الخلقية لدى المجتمعات اللاجئة الأخرى نادرة جداً، إذ قد نجد إصابةً واحدةً في كل 100 شخص أما لدى اللاجئين العراقيين فإننا نجد إصابةً بين كل عشرة أشخاص". مشاكل نفسية إلا أن انتشار المشاكل النفسية بين اللاجئين العراقيين في مصر أصبح مدعاةً للقلق، كما أن ارتفاع حالات الإصابة بالتوتر الذي يلي الأزمة أصبح يشكل مشكلاً كبيراً. وجاء في قولها أن "هناك حتماً ارتفاع في حالات الإصابة بالمشاكل النفسية لأن معظم اللاجئين إما نجوا من أعمال عنف أو من عمليات اختطاف". وبالرغم من أن الإصابات النفسية قد تبدو تافهة إذا ما قورنت بالتشوهات الجسدية، إلا أن الصحة العقلية والنفسية للاجئين ظلت موضوع إهمالٍ كبيرٍ. وأوضحت عبير أن الفقر الذي يعاني منه اللاجئون يساهم في تفاقم مشاكلهم الصحية، كما أن محدودية ميزانيات المنظمات غير الحكومية المهتمة بمساعدة اللاجئين مثل كاريتاس ومنظمة إفريقيا والشرق الأوسط لدعم اللاجئين تعني اضطرار اللاجئين لإعالة أنفسهم وتمويل علاجهم. وأشارت أيضا إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعاني بدورها من محدودية ميزانيتها. هادة شخصية تصارع ندى (ليس اسمها الحقيقي) وهي لاجئة عراقية قدمت إلى مصر قبل عامين ونصف مع زوجها وبناتها الأربع، من أجل البقاء، فنظراً لارتفاع تكاليف الحياة، قررت الأسرة الانتقال من القاهرة والاستقرار في مدينة تبعد عن العاصمة حوالي 150 كلم. وتضطر ندى إلى اصطحاب ابنتها التي تعاني من تضخم خلقي في الكليتين إلى القاهرة للعلاج والخضوع للفحوصات مرة كل أربعة أو خمسة أشهر. وهذا أقل بكثير من العناية التي كانت تحظى بها في العراق. وتقول ندى "كان لدينا في العراق العديد من الأطباء الذين يستطيعون مساعدتها. كنت أصطحبها للعلاج والخضوع للفحوصات مرة كل شهر ولكنني لا أستطيع تحمل تكاليف ذلك هنا. نحن لا نستطيع أن نعمل ولا نقدر أن نتحمل تكاليف أدوية الكلى". إعادة الاستقرار أفادت أحلام أن اللاجئين العراقيين غادروا بلدهم الذي تمزقه الحرب وقَدِموا إلى مصر وقد بُترت أطراف بعضهم واحتاج البعض الآخر إلى الخضوع لعمليات إخراج الرصاص من جسمه في حين فقد بعضهم القدرة على التحكم في الإخراج لهول ما مر به في العراق. أما عبير، فقد أشارت إلى ضرورة منح الأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة تصعب معالجتها في مصر فرصة إعادة الاستقرار في بلد ثالث. غير أن ذلك يعتمد على قبول البلد الثالث لهم. وأوضحت عبير أن اللاجئين المسجلين لدى المفوضية يحصلون على بعض الدعم المالي كما تتحمل المنظمة عادة جزءاً كبيراً من تكاليف علاجهم وأدويتهم. ولكن إذا تجاوزت تكلفة علاجهم أو خضوعهم لتدخل جراحي مبلغاً معيناً فإن المفوضية تعمل على إيجاد فرصة لإعادة استقرارهم في بلد ثالث. وينطبق هذا بشكل خاص على مرضى السرطان والحالات التي تحتاج إلى جراحة دقيقة. وأضافت أن "إعادة الاستقرار عملية طويلة. وقد طالبنا دائما بتعجيل الإجراءات المرتبطة بها لأن عدداً كبيراً من الأشخاص ينتظرون منذ أمدٍ طويلٍ". كما أشارت إلى أنه في عام 2007، تمت إحالة 22 الف عراقي لإعادة الاستقرار ولكن لم يستفد من ذلك حتى الآن سوى ثلثهم.