الكونجرس يوجه ضربة قاسية للاقتصاد الأمريكى ويفشل فى تمرير الموازنة الجديدة.. و800 ألف موظف يدخلون فى عطلة «إجبارية» كارثة مالية تنتظر أمريكا فى 17 أكتوبر إذ لم يوافق الكونجرس على «سقف الدين» «أوباما» يرفض التنازل والقبول بشروط الجمهوريين.. ويؤكد: الكونجرس يضع أمريكا رهينة رغبات أيديولوجية قانون «أوباما كير»يثير الأزمة.. وخلافات البيت الأبيض والجمهوريينتؤججها الحكومة تصاب بالشلل..وإغلاق الحدائق يكلف «واشنطن» 30 مليون دولار خسائر يومية الدولار يتراجع.. والبنك الدولى: عدم إقرار الموازنةيثير قلقنا إلى أعلى درجة «ستوكهولم»: فشل أمريكا فى إقرار الموازنة يشكك فى إمكانية شن عملية عسكرية ضد سوريا خبراء: المديونية الأمريكية تبلغ 17 تريليون دولار.. وضياع 600 مليار على الحروب الأسواق تتضرر بفعل الأزمة..و«النقد الدولى»يشدد على ضرورة حل الأزمة سريعا وجه الكونجرس الأمريكى ضربة قاسية للاقتصاد الأمريكى بعد فشله فى تمرير الموازنة قبل بدء العام المالى الجديد فى 1 أكتوبر، الأمر الذى أدى إلى دخول أكثر من 800 ألف موظف حكومى فى عطلة إجبارية غير مدفوعة الأجر مع توقعات بتخفيض جميع المؤسسات الأمريكية لموظفيها وتسريح عدد كبير منهم، باستثناء الجيش، فضلا عن الخسائر الهائلة داخل أسواق البورصات المرتبطة بالدولار الأمريكى والأسهم الأمريكية. ويعد قرار الإغلاق للخدمات واحدا من بين أزمتين ماليتين تواجهان الحكومة الأمريكية، ففى السابع عشر من الشهر الجارى تنتهى سلطة وزارة الخزانة الأمريكية فى اقتراض الأموال لتمويل التزامات الديون ما لم يوافق الكونجرس على رفع ما يعرف بسقف الديون الأمريكية. توقف الرواتب وبدأت أزمة الميزانية، بعد إصرار مجلس النواب الأمريكى للمرة الثالثة على تأجيل تمويل برنامج الرعاية الصحية «أوباما كير»، فى الميزانية الجديدة قبل إحالتها إلى مجلس الشيوخ الذى بدوره عارض القرار، ويتطلب إقرار الميزانية الموافقة عليها من مجلسى «الكونجرس»، وهما «مجلس الشيوخ»الذى يسيطر على الأغلبية فيه الديمقراطيون، و«مجلس النواب»والأغلبية فيه من الجمهوريين. وبعد جولة مفاوضات مكثفة وتبادل النصوص والاقتراحات بين مجلسى النواب والشيوخ، حتى مساء الإثنين الماضى، عجز الكونجرس الأمريكى فى إقرار الموازنة المؤقتة قبل الساعات الأولى من شهر أكتوبر وهو الموعد المحدد لإقرارها، وعلى خلفية ذلك أمر البيت الأبيض دوائر الحكومة الفيدرالية بوقف جزئى للعمل وصرف رواتبهم بأثر رجعى، وهو ما يهدد باضطرابات واسعة لم تشهدها الولاياتالمتحدة منذ 17 عاما فى عهد إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون. التوقف عن العمل وينتظر أن تغلق حدائق ومتاحف في واشنطن أبوابها وهو ما سيكلف الولاياتالمتحدة خسارة بنحو 30 مليون دولار يوميا، حيث يزورها بشكل يومى نحو 750.000 شخص، كما ستؤجل الأزمة صرف شيكات المعاشات والمحاربين القدماء وستعانى تعاملات كروت الائتمان وجوازات السفر معوقات لإتمامها. أما الخدمات الأخرى، مثل خدمات مراقبة الملاحة الجوية وخدمات تفتيش الأغذية، فإنها ستستمر، كما أخطرت وزارة الدفاع الأمريكية موظفيها بأن المجندين فى الخدمة العسكرية سيستمرون فى «أداء مهامهم الطبيعية». «أوباما كير».. محل الأزمة وقانون الرعاية الصحية - محل النزاع - صادر منذ 3 سنوات وقد أيدته المحكمة العليا عام 2012، حيث سيستطيع أولئك الذين لا يتمتعون بخدمات تأمينية أن يحصلوا على التأمين الصحى، بينما يصر الجمهوريون على أن القانون يحتاج إلى تأجيله لعام على الأقل، وهو ما سعت الإدارة الأمريكية له قبل شهرين بالفعل بإعلان تأجيل بعض بنود القانون. القانون تم تمريره فى مارس 2010، بعد جدل واسع داخل الولاياتالمتحدة لمدة عام كامل حشد فيه الرئيس الأمريكى كل طاقته لإقناع نواب جمهوريين كانوا يعارضون القانون؛ خشية استغلاله فى تمويل عمليات معينة تتعلق بالإجهاض. الجمهوريون يسعون لإلغائه وكانت الإدارة الأمريكية، قد أعلنت فى يوليو الماضى، عن رغبتها فى تأجيل إحدى مواد القانون لمدة عام واحد، وهى المادة المتعلقة بقيام الشركات الكبيرة بتوفير التأمين الصحى، فسارع الجمهوريون باستغلال هذا التأخير للمطالبة بإلغاء نظام الرعاية الصحية بأكمله، حيث وصفه البعض بأنه يميل نحو الاشتراكية. ورفض الرئيس الأمريكى باراك أوباما التنازل أمام الكونجرس والقبول بالشروط التى وضعها الجمهوريون؛ للموافقة على تمرير الموازنة، وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض قبل 7 ساعات من قرار إغلاق بعض خدمات الحكومة الفيدرالية، أن الكونجرس لا ينبغى أن يضع أمريكا رهينة رغبات أيديولوجية، فى إشارة إلى مطالبة الجمهوريين فى مجلس النواب بتأجيل تفعيل جزء مهم من قانون «أوباما كير»، والذى يتضمن تمويل وسائل منع الحمل للسيدات وأمور أخرى يراها المحافظون داخل الحزب الجمهورى معوقات للاقتصاد الأمريكى وتناهض معتقدات البعض. إغلاق الوظائف أمر حتمى واتهم الرئيس الأمريكى مجلس النواب بعدم المسئولية بعد إصراره على تأجيل برنامج الرعاية الصحية فى الميزانية الجديدة قبل إحالتها إلى مجلس الشيوخ، وهو ما أدى إلى رفضها. وأكد «أوباما» أن «قانون التأمين الصحى سيدخل حيز التنفيذ، مهما كان موقف نواب الكونجرس»، وطالب مجلس النواب بأن يسير على خطى مجلس الشيوخ الذى صوت لصالح الموازنة دون شروط، مشيرا إلى أن ذلك سيكون له تأثير كبير على الأمريكيين، لافتا إلى أن إغلاق الوظائف أصبح أمرا لا مفر منه وسيصبح مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين بلا عمل وهو ما سيضر الاقتصاد الأمريكى بشكل كبير. سلسلة من التنازلات وقالت «سيلفيا بورويل»، مدير مكتب الإدارة والميزانية فى البيت الأبيض فى بيان لها، «نحن نحث الكونجرس على المسارعة إلى إصدار قرار لتوفير تمويل قصير الأجل يضمن وقتا كافيا لإقرار ميزانية لبقية السنة المالية، ولإعادة تشغيل الخدمات العامة الحيوية»، هذا فى الوقت الذى يطالب الجمهوريون فى مجلس النواب، وحلفاؤهم فى مجلس الشيوخ بسلسلة من التنازلات- أبرزها ما يتعلق بقانون الصحة واللوائح البيئية والمالية - مقابل زيادة سقف الدين. وذكر المتحدث باسم البيت الأبيض «جاى كارنى»: «أى عضو من الحزب الجمهورى يصوت لصالح هذا المشروع فإنه يصوت لصالح تعليق وظائف حكومية»، مشيرا إلى أن الرئيس سيرفض مشروع القانون الذى يقدمه الحزب الجمهورى، وإذا علق عمل الموظفين الحكوميين فى الأول من أكتوبر الأول، ستغلق متنزهات وطنية ومتاحف سميثسونيان فى واشنطن. تضرر الأسواق العالمية وعلى نفس الصعيد، تضررت الأسواق المالية جراء إغلاق الخدمات الحكومية الأمريكية، وشملت التداعيات عدة جوانب اقتصادية وصلت أبعادها إلى أبعد من حدود الولاياتالمتحدة، فقد هبطت البورصة فى إيطاليا بنسبة 2%، بينما انخفضت الأسهم فى لندن وفرانكفورت وباريس بنسبة 1%، وهبط اليورو إلى أقل معدلاته منذ يونيه مقابل الفرنك السويسرى. وقال رئيس البنك الدولى، جيم يونج كيم، إن شلل الميزانية فى الولاياتالمتحدة يمكن أن يلحق أضرارا جسيمة بالأسواق الناشئة والنامية فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، لافتا إلى أن الأزمة المالية فى الولاياتالمتحدة تثير قلقنا إلى أعلى درجة. وأضاف «كيم»، فى كلمة ألقاها فى واشنطن، أن «الشكوك المالية فى الولاياتالمتحدة تثير قلقنا إلى أعلى درجة»، وكان تعذر التوصل إلى اتفاق على الميزانية بين النواب الجمهوريين والديمقراطيين، الإثنين، اضطرالحكومة الأمريكية إلى إغلاق أجهزتها غير الأساسية. وأوضح رئيس البنك الدولى أن «هذه الشكوك مع وجود مظاهر هشاشة أخرى فى الاقتصاد العالمى يمكن أن تلحق أضرارًا خطيرة بالأسواق الناشئة»، وأضاف: «أملنا هو أن يتمكن النواب الأمريكيون من سرعة حل هذه المسائل». وكان صندوق النقد الدولى اعتبر أيضا ، الأسبوع الماضى، أن التوصل إلى حل سريع لمشكلة الميزانية فى الولاياتالمتحدة «بالغ الأهمية» لانتعاش الاقتصاد الأمريكى وأيضا الاقتصاد العالمى. عمليات عسكرية خارجية سياسيا ، استبعد معهد «ستوكهولم الدولى»لأبحاث السلام، قيام الولاياتالمتحدة بعملية عسكرية فى سوريا مرجعا ذلك لأزمة الموازنة الأمريكية، وقال «تيلمان بروك» مدير المعهد: «سيتم تجميد نشاط جزء من القوات المسلحة الأمريكية بصورة مؤقتة لتوفير النفقات. لذلك، فإن الدفع فى تجاه تدخل عسكرى كبير فى سوريا قد لا يكون ممكنا لأوباما من الناحية المالية». وذكر «بروك» أن هناك «خوفًا هائلًا» فى الولاياتالمتحدة من «انزلاق البلاد فى حرب طويلة المدى»، لافتا إلى أن واشنطن علمت أن «فائدة الحملات العسكرية الأخيرة قليلة وأن قيادة حرب فى الخارج أمر مكلف بشكل كبير»، مشيرا إلى أن الحرب فى العراق وأفغانستان تكلفت أكثر مما كان متوقعًا. ويخشى بعض الخبراء أن يؤدى هذا الشلل المالى إلى إضعاف القوة الاقتصادية الأولى فى العالم، مع ما ينطوى على ذلك من خطر جر دول أخرى معها لأزمة مالية دولية. تراكم المديونية من جانبه، علق الخبير فى الشئون الأمريكية الدكتور كامل وزنة على هذا الحدث، مؤكدا أن «هناك أزمة بنيوية داخلية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، لا تتوقف على مشروع باراك أوباما الصحى»، مشيرا إلى أن «الولاياتالمتحدةالأمريكية تظهر اليوم على حقيقتها دولة اقتصادية بمديونية كبيرة تفوق 16.7 تريليون دولار وهى بحاجة إلى رفع المديونية من جديد، وبذلك فإنها تغرق فى المديونية عاما بعد عام». وقال«وزنة» فى حديث لموقع «العهد» الإخبارى إنه «منذ قدوم أوباما إلى السلطة كانت المديونية 10.3 تريليون دولار، وبأقل من 5 سنوات راكم أوباما المديونية نتيجة السياسات المالية الخاطئة التى ترتكبها الولاياتالمتحدةالأمريكية فى السياسات النقدية والحكومية التى أدت إلى زيادة التضخم وفقدان القيمة التى يحتذى بها للدولار، على أنها عملة استقرار وليست عملة تهدد احتياطات العالم». على حافة الموت وأوضح«وزنة»أن «الدولار الذى انخفض بشكل كبير أمام العملات الأجنبية، سوف ينعكس ذلك على الاقتصاد الأمريكىوالعالمى»، لافتا إلى أن «الخروج من الركود الاقتصادى سيكون أصعب مما كان عليه، وثقة المستثمرين بأمريكا سوف تتقلص اليوم». وأشار إلى أن «حجم المديونية اليوم هى أكبر بكثير من عام 1995 و 1996، ففى عهد «كلينتون» كان النمو الاقتصادى مرتفعا أمام المديونية التى كانت 4% بنسبة أقل من 5 تريليونات دولار، وكان الاقتصاد الأمريكى فى أفضل نموه وازدهاره، أما اليوم فأمريكا على حافة الموت السريرى الاقتصادى مع السياسات الخاطئة التى تتبع صرف الأموال من دون محاسبة أو رقابة». وأكد أن «عبء هذه المديونية ينتقل من جيل إلى جيل ويرغم الأجيالالأمريكية القادمة على تحمل مديونية غير مسئولةأنفقت فى أغلبها على الحروب وكانت نتائجها خاسرة، وصرفت على مؤسسات عسكرية فاقت ميزانيتها 600 مليار دولار سنويا، وتركت قسما كبيرا من الشعب الأمريكى يعيش على المساعدات الغذائية». ماذا تعنى آلية تعطيل الدولة الفيدرالية؟ يقصد بآلية التعطيل إقفال العديد من مؤسسات الدولة الفيدرالية الأمريكية بسبب عجزها عن تمويل أنشطتها الاقتصادية والإدارية بعد رفض الجمهوريين المصادقة على الميزانية الجديدة لعام 2014. آلية تعطيل الدولة الفيدرالية هى عبارة عن قانون يتم تفعيله فى حال لم يصادق الكونجرسعلى الميزانية، وهذا ما وقع بداية فى واشنطن بعدما رفض الجمهوريون، الذين يملكون أغلبية المقاعد فى الكونجرسمنذ نوفمبر 2010، المصادقة على الميزانية لعام 2014، والسبب هو رفض «أوباما» تأجيل القانون القاضى بتوفير الضمان الاجتماعى والصحى ل46 مليون أمريكى من أصحاب الدخل المنخفض. وسبق أن تم تفعيل آلية التعطيل فى سنتى 1995و1996 خلال العهدة الأولى للرئيس بيل كلينتون، حيث إن الجمهوريين صوتوا ضد الميزانية لعام 1996 بعد أن رفض بيل كلينتون التخلى عن قانون منح حق الضمان الاجتماعى والصحى للأمريكيين الذين تتعدى أعمارهم 65 سنة. ودامت الأزمة المالية المرة الأولى ستة أيام،من 14 إلى 19 نوفمبر الثانى 1995، ثم من 16 ديسمبر إلى 6 يناير 1996، وخلافا للأزمة الحالية، استطاع الجمهوريون والديمقراطيون آنذاك إيجاد حلول لتمويل وزارة الدفاع، لكن رغم ذلك، وجد نحو700 ألف موظف أمريكى أنفسهم فى عطلة قسرية لمدة شهر تقريبا. قرار آلية التعطيل سيطال الرئيس الأمريكى شخصيا، على اعتبار أن ثلاثة أرباع موظفى البيت الأبيض - 1701 موظف- سيغيبون عن العمل. فى واشنطن مثلا، عمال النظافة وجمع القمامة سيتوقفون أيضا عن العمل، وهكذا من الممكن لمليون موظف أن يجدوا أنفسهم فى عطلة قسرية من جهة أخرى، ستنخفض وتيرة العمل بشكل كبير فى الإدارات الأمريكية الكبرى فى حين سيواصل العسكريون نشاطهم اليومى مع العلم أنهم سيتلقون أجورهم لاحقا.