أكد الدكتور نبيل الفولي، أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين إسلام آباد باكستان؛ إنه منذ انطلقت ثورة الخامس والعشرين من يناير بزَخْمها الكبير ظهر الاستقطاب في مصر عنيفا، ومشكلة هذا الاستقطاب هو أنه لم يتوقف عند النخب السياسية ولا المجموعات المؤدلجة من المصريين في مواجهة بعضهم بعضا، بل تسرب إلى البنى الاجتماعية المصرية بمختلف مستوياتها. وأضاف في مقال له: "أصل المسألة هو أن الثورة قد فجرت مجموعة من القنابل عند نقاط التلاقي التي تجمع المصريين، فتقاطعت وتعارضت المصالح أحيانا والرؤى أحيانا ومصادر تلقي المعلومات أحيانا أخرى، فبدت الاختيارات في أطراف كل موقف تقريبا حادة جدا، وقد تجلى هذا واضحا في جميع الاستفتاءات والانتخابات التي أجريت عقب الثورة وإلى الآن حيث شهدنا انقساما اجتماعيا مخيفا". وتابع الفولي: "في الظروف الحالية التي أعقبت انقلاب الثالث من يوليو يبدو أننا نعيش ساعات حالكة في هذا الأمر، فالجدال والنقاش الحاد هو سيد الموقف في البيوت والمواصلات والمصالح الحكومية والخاصة، الجدال حاد بين الرجل وزوجته حين يختلفان في الرأي بين مؤيد للشرعية ومؤيد للانقلاب، وكذلك بين الأخ وأخيه، والمرأة وأبيها، وقل مثل ذلك عن الجيران في البيوت والمواصلات والأصدقاء والمصلين والمسافرين وزملاء العمل... إلخ". وحذر من استمرار هذا الجدال قائلا: "لا نبالغ حين ندق نواقيس الخطر المحدق بنا وبمجتمعنا، وأنه حتى لو حُلَّت مشكلاتنا السياسية بهذه الصورة أو تلك، فإن آثار التنازع الاجتماعي الحاد الذي ينتجه الوضع السياسي الحالي في مصر يمكن أن تبقى زمانا بل أزمانا؛ لأن الأمر يتجاوز النقاش الموضوعي والجدل الحسن إلى الطلاق والخصام والشجار والكيد لدى السلطات القابضة على الأمور في الكنانة الحبيبة، ومن شأن هذا كله أن يستعصي على العلاج اليسير". ودعا الفولي لتجاوز الجدل حول الوضع السياسي في مصر على مستوى العائلات والأصدقاء والزملاء والجيران ورفاق السفر، بل كل من نصادفهم أو نقابلهم في هذا المكان أو ذاك.. ليحتفظْ كل منا برأيه، ويبتعد عن دواعي الاستفزاز وكل ما يوقظ نار الغضب في الصدور؛ حتى نحتفظ بأواصرنا الاجتماعية سالمة من العطب، ويسهل لملمة الشمل بعد أن يزول الغثاء وتنزاح الغمة. وطالب من يرفض الانقلاب أن يتجنب هذه الصدامات الاجتماعية المروعة، قائلا: "وإذا كنت تصبر على زخات الرصاص، فأولى بك أن تصبر على السب والشتم، وتعالجه بما لا يؤدي إلى تأزم المواقف وتعقّدها، ولا يعني هذا بحال أن نسكت على من يشيع الباطل، وينشر المنكر، ويزور الحقائق، ولكن لنكن في كل هذا حكماء عقلاء؛ حتى لا يؤدي سعينا إلى تغيير منكر ما إلى منكر أكبر".