ادعت أوساط صهيونية رسمية أن الحكومة اللبنانية بصدد منح تراخيص تنقيب عن النفط والغاز في مناطق بحرية أعلنت الكيان الصهيوني أنها ضمن منطقتها الاقتصادية الحصرية. ويعني هذا الإعلان خروج الخلاف الصهيوني اللبناني حول الحدود البحرية إلى حيز العلن، برغم الأنباء عن تحقيق الوساطة الأميركية نجاحات كبيرة على هذا الصعيد. يذكر أن موضوع موارد الغاز والنفط في شرقي البحر المتوسط احتلت مكانا مركزيا في لقاء لم يعلن عن نتائجه بين رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي زار واشنطن أمس الأول، وبين نائب الرئيس الأميركي جون بايدن الذي يدير هذا الملف. وقد أبلغت جهات رسمية صهيونية صحيفة «غلوبس» الاقتصادية أن لبنان يحاول فرض وقائع في منطقة مختلف عليها عند الحدود البحرية بين الجانبين. وأشارت إلى أن «لبنان يوشك على منح تراخيص تنقيب عن النفط والغاز في منطقة تنزلق إلى داخل المياه الاقتصادية الصهيونية». وقالت «غلوبس» انه ليس معروفا حتى الآن كيف ستتعامل الكيان الصهيوني مع هذه التراخيص التي قد تشعل نزاعا حدوديا مع لبنان. ويحث خبراء قانون دولي صهيونيون حكومتهم على التحرك بسرعة وإعلان اعتراضها على الخطوات اللبنانية بالسبل القانونية وحتى العسكرية. وكان لبنان قد أعلن في مطلع الشهر الماضي عن نيته منح عطاءات لتراخيص تنقيب عن النفط والغاز في خمس مناطق (بلوكات) في المياه الاقتصادية اللبنانية. لكن الخبراء الصهيونيين الذين حللوا الخطوط الكواردينية في الخرائط اللبنانية «اكتشفوا» أن منطقة الترخيص الأبعد جنوبا، والمسماة « بلوك 9 « تنزلق الى ما وراء خط الحدود الذي تدعيه الكيان الصهيوني. واعتبرت الصحيفة ان هذه المنطقة هي الأكثر جاذبية وصاحبة الفرص الأعلى لاكتشافات غازية مهمة. وقد عرض المسؤول عن النفط في وزارة الطاقة والمياه الصهيونية ألكسندر فرشبسكي، نتائج هذا الفحص في مؤتمر دولي للطاقة عقد في قبرص قبل حوالي أسبوعين. وذكر فرشبسكي أن الكيان الصهيوني يمتنع عن اتخاذ خطوة مشابهة، ولم تقم بمنح تراخيص تنقيب عن النفط والغاز في منطقة موضع نزاع. ومعروف أن الخلاف علني بين الكيان الصهيوني ولبنان على خط الحدود البحرية الفاصل بين المنطقتين الاقتصاديتين الحصريتين للجانبين. فبرغم اتفاقهما على أن رأس الناقورة هي نقطة الحدود البرية الا انهما يختلفان حول موضع اللقاء على خط المنتصف مع المنطقة الاقتصادية القبرصية. ويصل الخلاف في عرض البحر إلى 15 كيلومترا تشكل مثلا مساحته 850 كيلومترا مربعا بشكل مثلث طول ضلعيه يزيد على 180 كيلومترا ورأسه في الناقورة. وفي حينه برز الخلاف حينما عرض لبنان في العام 2010 حدوده البحرية على الأممالمتحدة وعرضت الكيان الصهيوني حدودها بعد ذلك بعام. وتشكل الخرائط الموقعة بين كل من لبنان والكيان الصهيوني مع قبرص حول خط المنتصف أرضية هذا الخلاف. ومعروف أن الولاياتالمتحدة تدير وساطة كبيرة بين الطرفين لحل الخلاف بالطرق السلمية. ويرى الخبير الصهيوني في الحدود، المحامي دافيد كورنبلوت، أن الكيان الصهيوني قد يخسر ادعاءه على المنطقة إن لم يتخذ تدابير فعالة ردا على الخطوة اللبنانية. «فالممارسة القضائية تقول بأن الدولة التي لا تعترض على خطوة كهذه تعتبر متنازلة عن ادعائها». وطالب بتسيير دوريات بحرية في المنطقة لتأكيد الادعاء عليها فضلا عن إصدار بلاغ رسمي ومطالبة دولة ثالثة بالتوسط والتوجه للشركات الدولية التي تشارك في عطاءات التراخيص وتوضيح أن هذه منطقة متنازع عليها. ومعروف أن العشرات من الشركات الدولية التي ترفض معظمها التعامل مع الكيان الصهيوني، خشية على مصالحها في المنطقة العربية، تشارك في العطاءات اللبنانية. من جهة ثانية، علم أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن تأخر عن إلقاء كلمته أمام منظمة «جي ستريت» اليهودية الأميركية ساعة ونصف ساعة بسبب اجتماعه مع رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو. وقد جرى اللقاء في البيت الأبيض بحضور وزير الخارجية جون كيري بعد اجتماع نتنياهو مع الرئيس الاميركي باراك أوباما. ولم تشر وسائل الإعلام الأميركية والصهيونية كثيرا إلى هذا اللقاء برغم أن البعض يعتبره أهم من لقاء نتنياهو مع أوباما. فاللقاء تعلق بحقول الغاز والنفط المكتشفة شرقي المتوسط والتي يركز بايدن وكيري الجهود الأميركية في شأنها. وبديهي أن الأمر لا يتعلق بلبنان والكيان الصهيوني فقط. فالاستراتيجية الأميركية تجاه اكتشافات الغاز شرقي المتوسط تتعلق بالعلاقات التركية القبرصية والتركية اليونانية فضلا عن العلاقات بين هؤلاء والكيان الصهيوني وهؤلاء ولبنان. وهناك استراتيجية أميركية وضعها معهد مارشال وتبنتها الإدارة الأميركية تقوم على استغلال الغاز لإبرام تسويات سياسية وحل النزاعات بين دول المنطقة. وتدعو الاستراتيجية أساسا إلى مد خط لانبوب الغاز من الحقول الصهيونية والقبرصية إلى تركيا وأن بوسع لبنان الإفادة لاحقا من هذا الأنبوب بعد اكتشاف مخزوناته. وسبق لبايدن في هذا الإطار أن اجتمع إلى الرئيس القبرصي في الأسبوع الماضي بعد أن اجتمع إلى رئيس الحكومة التركية قبل شهر. وقالت الصحف القبرصية ان هذه التحركات ترمي إلى حل النزاع بين تركيا وقبرص حول المياه الاقتصادية وحقول الغاز.