محافظ القليوبية يستكمل إجراءات إنشاء مصنع لتدوير القمامة وتحويلها إلى كهرباء    الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة    اليمن يدين تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى" ويؤكد دعمه الثابت لفلسطين    روما يرصد 20 مليون إسترليني لضم سانشو من مانشستر يونايتد    تشكيل بيراميدز والإسماعيلي في الجولة الثانية من الدوري    الداخلية تضبط مشاركين فى موكب زفاف يستعرضون بالأسلحة البيضاء    كريم محمود عبد العزيز ينفى شائعة انفصاله عن زوجته    أمين الفتوى بقناة الناس: الالتزام بقواعد المرور واجب شرعى وقانونى لحفظ النفس والآخرين    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    بحد أدنى 225 درجة، اعتماد المرحلة الثانية من القبول بالثانوي العام بالوادي الجديد    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    بيروت التونسى وباريس السعودى فى عشية سمك طيبة بالمرسى.. خواطر ذاتية حول روايتى «فى انتظار خبر إن» و«رجل للشتاء»    24 أغسطس.. بيت السناري يفتح أبوابه لمعرض وفعاليات المدينة كذاكرة على الشاشة    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    في زيارة مفاجئة.."َوكيل صحة شمال سيناء" يتفقد مستشفيات الحسنة والشيخ زويد .. أعرف التفاصيل (صور)    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    الأهلي يتفادى أزمة القمة ويطلب حكام أجانب أمام بيراميدز    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    الشركة القابضة لكهرباء مصر تعلن عن وظائف شاغرة للمهندسين في عدة تخصصات    الشائعات والأكاذيب    بيان مشترك لوزيري الخارجية والري يؤكد رفض الإجراءات الأحادية بحوض النيل الشرقي    وزير الثقافة في لقاء حواري مع فتيات «أهل مصر» | صور    مسلسل 220 يوم الحلقة 8.. صدمة كريم فهمي وصبا مبارك بعد زيارة والدها    مميزات برنامج Pharm‐D الصيدلة الإكلينيكية بجامعة الجلالة    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    عالم أزهري: ملابس الفتاة لا تبرر التحرش وحادث الواحات جرس إنذار    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    5 طرق ذكية لتبريد منزلك في الصيف بدون تكييف    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    السبت.. عرض أولى حلقات حكاية "بتوقيت 28" على dmc    ريبيرو يرفض مشاركة هذا الثنائي ومفاجأة تخص مستقبله    تسليم لجان امتحانات الدور الثاني بالثانوية العامة لرؤسائها استعدادًا لانطلاقها السبت    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    مستشفى صحة المرأة بجامعة أسيوط تنظم برنامجا تدريبيا عن معايير GAHAR للسلامة    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    «عيب يا كابتن».. هاني رمزي يرفض دفاع جمال عبدالحميد عن جماهير الزمالك في أزمة زيزو    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    تعيين «رسلان» نائبًا للأمين العام وأمين التنظيم المركزي بحزب الجبهة الوطنية    الداخلية تضبط لصوص الهواتف المحمولة والمنازل    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش والسياسة
نشر في الشعب يوم 22 - 08 - 2013

من الكتب التي تركت في نفسي شعورا غير مسبوق بالقهر والحزن كتاب روج له اليهود الغزاة بعد انتصارهم الكاسح على الجيش المصري في5يونية 1967م . الكتاب كان متداولا في بيروت بسعر رخيص ويتم تهريبه إلى البلاد العربية بسهولة ، وتعرض له الإذاعات الأجنبية الناطقة بالعربية كثيرا. وقد رأيت نسخة منه في حينه عن طريق الإعارة ، ولكني بعد قراءته بكيت كما لم أبك من قبل . أعلم أن الكتاب فيه قدر كبير من الخيال ولكن الحقائق الراسخة لايمكن لأحد أن ينكرها . قبل بزوغ فجر الخامس من حزيران عام 1967 م، كانت أسراب الطائرات " اليهودية" تنطلق محاذية لسطح البحر، صوب القواعد الجوية العسكرية المصرية، لتنجز مهمة تحطيم الطيران المصري وهو رابض بلا حراك، وحسم المعركة مع العرب, وإلحاق الهزيمة بهم قبل أن تبدأ المعركة وفقاً لخطة محكمة رسمت خطوطها من سنوات . وعندما رجعت الطائرات اليهودية سالمة رقص قائد الطيران اليهودي موردخاي هود على مكتبه ، فقد تحقق له حلم لم يصدق أن يتحقق بنسبة خمسين في المائة ، ولكنه تحقق بنسبة 100% . لقد تم تدمير جميع طائرات المصرية على الأرض باستثناء سرب من الطائرات هرب به الفريق مدكور أبوالعز إلى السودان بعد أن استشعر الهزيمة الساحقة . وفي الوقت الذي كان يرقص فيه موردخاي هود على مكتبه كان قادة الطيران المصري يفركون أجفانهم بعد أن أيقظتهم القنابل والصواريخ التي أطلقتها الطائرات اليهودية ، عقب ليلة صاخبة من الرقص والغناء والنوم في أحضان الراقصات والساقطات وبنات الهوى ؛ شارك فيها مؤلف كتاب " وتحطمت الطائرات عند الفجر " باروخ نادل رجل المخابرات اليهودي الذي اخترق الجيش المصري ومخابراته آنئذ.
الجيش المهزوم المحطم وجد من يدافع عنه وعن قائده الأعلى المهزوم دائما جمال عبد الناصر . كان من أبرزهم محمد حسنين هيكل وأحمد سعيد ، وكلاهما يمثل مدرسة في تزييف الحقائق وتضليل الأمة ونفاق الحكام الطغاة . أذكر أن هيكل الذي سمى الهزيمة الساحقة النكراء التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ المصري بالنكسة ، طالب المصريين ألا يعيشوا فيماجرى ، وطالبهم بمغادرة الجريمة والبحث عن إزالة آثار العدوان التي لم تزل حتى الآن !
كان أهم ماركزت عليه أبواق الكذب والتضليل يومئذ هو أن اليهود لم يستطيعوا أن يسقطوا الأنظمة التقدمية التي تقود البلاد العربية !أي إن أبواق التبرير استهانت بتدمير الجيش المصري وسحققه وقتل الآلاف من جنوده وضباطه في قلب الصحراءالملتهبة .
الجريمة العظمى التي ارتكبها القائد الأعلى والقائد العام والقادة الميدانيون في الجيش المصري ،لم يحاسبوا عليها .قدموا بعض القادة الذين حكم عليهم بأحكام هزيلة دفعت الشعب الى القيام بالتظاهر مما أجبر القائد الأعلى المهزوم دائما على إعادة المحاكمات .
لقد كان هناك فساد عظيم في النظام والجيش . النظام ديكتاتوري مستبد يحكم الشعب بالحديد والنار وزوار الفجر المجرمين ، والجيش فيه فساد عظيم أيضا ، فقد تفرغ قادته للرفاهية والاستمتاع بالحفلات الفنية والخاصة ، وبعدهم عدّد زوجاته بالاقتران بالفنانات الجميلات سرا أو علنا ، وبعضهم تفرغ لتنمية ثرواته الحرام بما تم نهبه من من القصور الملكية أو عمارات الحراسة أو الشركات المؤممة ، وبعضهم تفرغ للسياسة والاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي وحروب الرجعية والتقدمية والاقطاع والعدالة الاجتماعية ، وبعضهم راح يمارس نفوذه في مؤسسات الدولة مثل الصحافة والإعلام والخارجية والداخلية وغيرها ، وبعضهم راح يقود الأهلى أو الزمالك اوالإسماعيلي أو الترماي أو الأوليمبي أو غيرها من فرق الكرة بدلا من قيادةالكتائب والألوية والتدريب الشاق لمواجهة العدوالمتربص. وشهد جيش المحروسة خيانات وسفاهات وانحرافات تجاوزت كل الحدود حتى كانت الهزيمة الكاسحة المصمية التي ألحقت عارا بكل مصري لم يغسل إلا في العاشر من رمضان بفضل الله ثم بتضحيات الشهداء والمصابين الذين بذلوا دماءهم غالية ، ثم قيادة نزيهة عفة شريفة مثلها صاحب المآذن العالية " سعد الدين الشاذلي " - رحمه الله .
لقد عشت مجندا مع مئات الألوف من أبناء جيلى مرحلة ما بعد 67 حتى العبور التاريخي في رمضان 93ه ، وعرفت الفارق بين جيشين : مهزوم لا يملك من أمر نفسه شيئا ، الجنود وضباط الصف يمثلون درجة دنيا ، والضباط يمثلون طبقة عليا ، والعلاقة بين الطرفين علاقة عبيد وسادة ، ومنتصر تساوى فيه الضباط والجنود ، انشغلوا جميعا بواجبهم العسكري وابتعدوا عن مستنقع السياسة ، وترفعوا عن الانشغال بغير الحرفة والمهنية من أجل كسر إرادة الغزاة اليهود .
كان المأمول أن يستمر تطور الأداء العسكري الباهر، ولكن جاءت كامب ديفيد ، وما تبعها من تحولات ، ونظام مستبد فاشي ينتسب إلى الجيش بصلة قوية ليضرب مؤسسات الدولة جميعا في مقتل وليؤثر على العقيدة القتالية ، وينشغل العسكر بالاستثمار في ظل قيادات هرمة جعلت منه مؤسسة فوق المؤسسات وكيانا فوق الدستور والقانون لا يخضع لرقابة ولا يقبل بمساءلة .
قامت ثورة يناير لتنهي الحكم العسكري الذي استمر ستة عقود من القهر والهزائم والعار والتبعية للغرب والتحول إلى كنز استراتيجي للعدو ، فضلا عن مصادرة الحريات ومطاردة الإسلام وإتاحة المجال لنهب البلاد وتسمين اللصوص الكبار الذين يسرقون بالقانون وازدهار الفساد وتجذره إلى الأعماق .. ولكن القيادات العسكرية حولت حلم الثورة الجميل إلى كابوس ، سالت فيه دماء حقيقية لمصريين بيد مصريين في الميادين والشوارع وملاعب الكرة وعلى الأسلاك الشائكة لوزارة الدفاع وأمام نادي الحرس الجمهوري ومنصة النصب التذكاري وداخل المساجد وعلى مداخلها .وتفننت هذه القيادات في اللعب بالثورة التي جاءت بلا قيادة وراحت تماطل في تسليم الحكم الى القيادات المدنية لأنها لم تعتزم أبدا أن يخرج الحكم من بين أيدي العسكر.
وعندما تولى الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية منتخبا من جانب الشعب ؛ فقد عاملوه بوصفه مجرد بيدق يحركونه كيفما يشاءون ، وقسموا شاشة التلفزيون الى نصفين عند صلاة الجمعة ، في الأول الرئيس وفي الآخر المشير ! ووقعت أحداث رفح المريبة التي استطاع بعدها الرئيس أن يحيل المشير إلى التقاعد ويعين مدير المخابرات وزيرا للدفاع ، وظن الناس أن حكم العسكر انتهى للآبد ، ولكن الفجيعة أنهم كانوا يرتبون لإقصائه وإنهاء الثورة وإستعادة الحكم المطلق وقهر الشعب إلى الأبد وضربه بالرصاص الحي وهو يصلي!
عاد الجيش إلى الحكم وانشغل بالسياسة واختطف الرئيس المنتخب واعتقل مئات القادة المدنيين والنواب المنتخبين والإعلاميين الشرفاء ، وصار المسئول عن الشئون المعنوية هو الرقيب على الصحف والقنوات والاذاعات يوجهها وفق ما يريد العسكر ، وفرضت البيادة أوامرها على الوزراء والقضاء ومرافق الدولة كافة ، وأصبح الاتصال العلني يوميا بوزير الدفاع الأميركي أمرا واقعا ، أما الاتصال السري بالعدو اليهودي فأمره متروك لأجهزة الإعلام اليهودية تعلن عنه وفق ما تريد !
هل نحن مقبلون على يونية آخر أكثر بشاعة ؟ وهل سنشهد مذبحة دموية جديدة للشعب المصري في رابعة العدوية والنهضة تسبق يونية المتوقع ؟ وهل ستتحول العقيدة القتالية للجندي المصرية ليكون شقيقه المصري هو عدوه بدلا من المحتل اليهودي ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.