كنت أتمني ألا يصدر الدكتور مرسي إعلانه الدستوري المعيب الذي أشعل النار في جسد الوطن، وأوصل أبناءه إلي هذه الحالة من الاحتراب غير المسبوقة..وكنت أتمني ان يتأجل الاستفتاء علي الدستور ريثما يتم التوافق الوطني عليه، او علي الاقل المواد المختلف عليها والتي ربما لا تزيد عن 20 مادة، كما وعد بذلك الدكتور مرسي..لكن للأسف، لم يحدث..فزاد النار لهيبا..إن نسبة المشاركين في الجولة الأولي للاستفتاء لم تتجاوز 13% ممن لهم حق التصويت، واعتقد أن النسبة في الجولة الثانية سوف تكون حول هذا الرقم، وربما تتعداه بقليل..وبالتالي، فنحن أمام أكثر من ثلثي الشعب المصري لم يذهب الي صناديق الاستفتاء ولم يشارك في الإدلاء بصوته في الدستور الذي ستتوقف عليه طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال الفترة القادمة، وهذه خسارة كبري..فضلا عن أنها تنذر بعدم استقرار..ولاشك ان الظروف التي سادت قبل الاستفتاء، من انقسام وتشرذم وعنف وصل الي حد الدم، ناهيك عن دخول الرئاسة في خصومة مع القوي السياسية (ممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني) والهيئات القضائية المختلفة، وإصرار الأغلبية منها علي عدم الإشراف علي الاستفتاء، كل ذلك كان له اثره المباشر علي هذه النسبة المتدنية للمشاركين. لقد تمخضت الجولة الأولي للاستفتاء عن 75% من المشاركين قالوا نعم، و34% قالوا لا..والمؤشرات المبدئية للجولة الثانية تنبئ عن حوالي 56%قالوا نعم، و53% قالوا لا..وبغض النظر عن الخروقات التي وقعت في الجولة الأولي والتجاوزات الكبيرة في الجولة الثانية، الا انه من الواضح ان حوالي ما يقرب من 04% من المشاركين غير موافقين علي الدستور..وبالتالي، نستطيع إن نقول بحق ان الدستور لا يعبر عن غالبية المصريين..ان من قالوا نعم (حسب المعلومات المتاحة ساعة كتابة المقال) هم فقط حوالي تسعة ملايين أو يزيد قليلا. يخطئ من يتصور ان الأمور سوف تمضي بسلاسة وسهولة ويسر..مازالت أسباب الاحتقان والتوتر، والاحتراب قائمة..بل زاد عليها ما حدث أثناء الاستفتاء، وما سوف يجره علينا من آثار وتداعيات، ونسأل الله السلامة..لقد بعثت بهذا المقال ظهر الأحد، ولا يخفي علي القارئ الكريم ان الأحداث تتلاحق بسرعة مذهلة، وربما يكون قد حدث خلال هذين اليومين ما ليس في التصور ولا في الحسبان..فأعضاء النيابة كان من المقرر ان يحتشدوا الاحد بدار القضاء العالي للمطالبة برحيل النائب العام المستشار طلعت ابراهيم..وجبهة الإنقاذ الوطني اجتمعت أيضاً في نفس اليوم لتقويم الوضع أثناء الاستفتاء وبعده، وما سوف تتخذه من قرارات ومواقف وخطة عمل خلال الايام القليلة المقبلة..لكن من المؤكد ان موقف الرئيس مرسي وجماعة الإخوان، إيجابا أو سلبا، اقترابا او بعدا من الجماعة الوطنية، سوف يلقي بظلاله علي الوضع العام..وبالتالي سوف يحدد ما يمكن ان يتخذ من ردود أفعال..حفظ الله مصر وأهلها، ووقاهم من كل سوء.