افتتح عدد من المسؤولين المصريين، اليوم الإثنين، المجمع العلمي المصري، وذلك بعد تعرّضه لحريق في 17 ديسمبر 2011، على خلفية ما يسمى إعلاميًا ب أحداث مجلس الوزراء والتي شهدت أعمال عنف بين متظاهرين وقوات أمن مصرية.وأعرب المشاركون عن سعادتهم بتجديد مبنى المجمع وتزويده بتقنيات الحماية الحديثة، مؤكدين أن ما فقدته مصر من وثائق تاريخية لا يمكن تعويضه.وقال إبراهيم بدران، رئيس المجمع العلمي في كلمته الافتتاحية: أن إعادة افتتاح المجمع يعيد الأمل مرة أخرى في نهوض علمي وثقافي مصري، مشيرًا إلى أن هذا المجمع يعد أكبر وأقدم صرح علمي بعد الأزهر الشريف، والذي تم إنشاؤه في العام 1798 على يد القائد الفرنسي نابليون بونابرت بهدف توثيق الأحداث والوقائع التاريخية، ورصد الوثائق العلمية والثقافية التي زخرت بها مصر على مر العصور.ويضم المجمع خمس شعب رئيسية الآداب، والفنون الجميلة، وعلم الآثار، والعلوم الفلسفية والسياسة، والرياضيات، والفيزياء، والطب والزراعة والتاريخ الطبيعي.وقال وزير الثقافة صابر عرب: إن العمل في المبنى المحترق استغرق ما يقرب من ثلاثة أشهر تقريبًا بتكلفة تبلغ 6 ملايين جنيه، ما يوازي مليون دولار، على نفقة القوات المسلحة، مشيرا إلى أن عدد الكتب في المجمع يصل إلى 25 ألف عنوان باللغات العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، مطالبًا بالتبرع بالكتب لإثراء المجمع.وكان المجمع قبل احتراقه يحتوى على مكتبة تضم 200 ألف كتاب، ومجلة سنوية، وفي ديسمبر 2011 أتت النيران على 70% من إجمالي الكتب والمخطوطات التي كان يحويها المجمع، بحسب عبد الرحمن الشرنوبي الأمين العام للمجمع العلمي.وأشار الشرنوبي إلى أن المجمع قبل احتراقه كان يضم مخطوطات وكتبًا أثرية وخرائط نادرة، كانت تمثل ذاكرة مصر منذ عام 1798، وكانت تشتمل على إحدى النسخ الأصلية لكتاب وصف مصر، إضافة إلى أغلب مخطوطاته التي يزيد عمرها على مائتي عام، وتضم نوادر المطبوعات الأوروبية التي لا يوجد منها سوى بضع نسخ نادرة على مستوى العالم.وأضاف: كما كان يضم كتب الرحالة الأجانب ونسخًا للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920، ويبلغ عدد الكتب التي ضمتها مكتبة المجمع 40 ألف كتاب، أبرزها أطلس عن فنون الهند القديمة، وأطلس باسم مصر الدنيا والعليا مكتوب عام 1752، وأطلس ألماني عن مصر وإثيوبيا يعود للعام 1842، وأطلس ليسوس النادر الذي كان يمتلكه الأمير محمد علي توفيق ولي عهد مصر الأسبق، كما احترقت أيضا خرائط استندت عليها مصر في التحكيم الدولي لحسم الخلافات الحدودية لكل من حلايب وشلاتين وطابا.وتعود ظروف نشأة المجمع في 20 أغسطس 1798، إلى إبراهيم كتخدا الملقب ب(السناري) والذي كانت تعود إليه ملكية هذا المبنى، والذي قام بتشييده ليكون بمثابة منزل له قبل أن تستولى عليه الحملة الفرنسية، ويتوسط المنزل فناء مكشوف عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسطها فسقية، وفي الضلع الشرقي منه غرف الخدم والمنافع، وفي الضلع الجنوبي من الفناء يقع التختبوش، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة مغطاة بسقف خشبي ذي زخارف ملونة، يرتكز على عمود رخامي، وفي الضلع الغربي لدهليز المدخل باب معقود يؤدي إلى ديوان عبارة عن حجرة ذات رواقين غطى كل منهما بقبوين متقاطعين، وفي الركن الجنوبي الغربي من الفناء سلم صاعد ينتهي بمصطبة عن يمينها باب يؤدي إلى حجرة مستطيلة في ضلعها الجنوبي الغربي شباكان، بالإضافة إلى باب يوصل للقاعات، وإلى يسار البسطة مقعد مغطى بسقف خشبي.ويرى المؤرخون أن الهدف من سعي الحملة الفرنسية في مصر بقيادة نابليون بونابرت من إنشاء هذا المجمع سببين، الأول السبب الظاهر وهو العمل على تقدم العلوم في مصر، وبحث ودراسة الأحداث التاريخية ومرافقها الصناعية، وعواملها الطبيعية، فضلا عن إبداء الرأي حول استشارات قادة الحملة الفرنسية، ولكن الهدف الحقيقي هو دراسة تفصيلية لمصر وبحث كيفية استغلالها لصالح المحتل الفرنسي، ونتج عن هذه الدراسة كتاب وصف مصر.ويحتوي كتاب وصف مصر على 20 مجلدًا يضم مجموع الملاحظات والبحوث التي تمت في مصر خلال الحملة الفرنسية، والتي تمت كتابتها وتجميعها إبان الحملة الفرنسية على مصر حيث اصطحب نابليون بونابرت معه فريفًا من العلماء من كافة التخصصات ليسجلوا ملاحظاتهم.وطالب بدران: بضرورة تطوير ودعم المجمع بكتب ووثائق تاريخية، معربًا عن شكره لشخصيات مصرية وعربية، بادرت بإهداء مكتبتها الشخصية لتعزيز مكتبة المجمع مثل الكاتب السوري هيثم الخياط والذي تبرع بأكثر من 5000 كتاب، وكذلك المركز الثقافي الفرنسي، بالإضافة إلى إهداءات تمت من بعض أساتذة الجامعات أثرت أرشيف المجمع في أقسامه المختلفة.وشارك في الافتتاح وزير الثقافة محمد صابر عرب، ونائب وزير الدفاع محمود حجازي، وإسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية، وعصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق، وعدد من العلماء والمثقفين المصريين، وممثلين لسفارات أجنبية في القاهرة.