كما هو معروف ترتكز الديقراطية علي التعددية السياسية الحقيقية والتداول السلمي للسلطة وان الامة مصدر السلطات..وكما هو معروف أيضاً انه لا تقوم ديمقراطية إلا اذا كان هناك فصل حقيقي وتوازن كامل بين السلطات، التشريعية والقضائية والتنفيذية..ويلعب الإعلام القوي والمستقل دورا في تهيئة المناخ العام للممارسة الديمقراطية الصحيحة من خلال ما يتيحه للجماهير من معلومات ورؤي وافكار وثقافة ، سياسية واقتصادية واجتماعية وبرامج خاصة بالاحزاب..الخ. كما ان حرية النقد والتعبير، وتوافر المعلومات وانسيابها، والتجمع، والتظاهر السلمي كل ذلك يعتبر من لوازم الديمقراطية..واذا كانت الحرية في ابسط معانيها هي القدرة علي الاختيار بين البدائل، فلابد ان تكون هذه البدائل علي نفس المستوي من الندية والقدرة والكفاءة، حتي يقال ان هناك حرية.. فإذا كان لدينا حزب كبير وإلي جواره احزاب اخري صغيرة ومتواضعة، فقد انعدمت الندية، وبالتالي الحرية، اذ لن يكون لدينا في هذه الحالة سوي خيار واحد..واذا ظل هذا الوضع قائما، فإن الحزب الذي تسلم السلطة، ولو عبر انتخابات حرة ونزيهة، سوف يبقي متقلدا إياها الي ماشاء الله، وبالتالي ينتفي الركن الثاني اللازم للديمقراطية وهو التداول السلمي للسلطة..ومن هنا اقول انه من اللازم وجود ثلاثة او اربعة احزاب قوية حتي تستطيع المنافسة في ما بينها، وان لم تكن هذه موجودة فعلا، فلابد أن تتجمع الاحزاب الصغيرة ذات المرجعية الواحدة في شكل كتل سياسية كبيرة، فما اكثر الاحزاب الليبرالية والقومية واليسارية، والإسلامية.يواكب الحرية، ضرورة ان تكون هناك عدالة اجتماعية، حتي لا تستغل حاجات الناس أثناء الانتخابات في دعم هذا المرشح او ذاك..نعم يلعب المال دورا مؤثرا وفاعلا في الحملات الدعائية، من حيث المؤتمرات وإقامة السرادقات ولافتات الدعاية والمطبوعات المختلفة..الخ، لكن يبقي استغلال الفقر والحاجة والعوز عاملا مهما في توجيه البسطاء من الناس، خاصة يوم التصويت..هذا نوع من التزوير لإرادة الناس الحرة..لذا من العبث ان يقال إن لدينا ديمقراطية حقيقة في ظل غياب كامل او شبه كامل للعدالة الاجتماعية..ان غالبية الشعب المصري تعيش حياة صعبة، من بطالة وتدن في الاجور وارتفاع جنوني في الأسعار، ناهينا عن مشكلات التعليم والصحة والإسكان والنقل والمواصلات..الخ. وقد لاحظنا في الفترة الاخيرة زيادة الإضرابات والاعتصامات الي حد ينذر بخطورة علي الأوضاع في البلاد.. ولكي تكون هناك عدالة اجتماعية، يجب تطبيق الحد الأدني والحد الأقصي للأجور، وفرض نظام ضريبي تصاعديا، ووصول الدعم الي مستحقيه..ليس هذا فقط وانما يجب مد مظلة التأمينات الاجتماعية والصحية علي المواطنين الكادحين..ان الاتجاه للقروض لن يحل المشكلة، بل سوف يؤدي الي تفاقمها..فصندوق النقد له شروطه وسياساته، وتدخلاته أيضاً..اذ يريد رفع الدعم او خفضه الي اقصي حد ممكن، وبالتالي رفع اسعار الوقود ( بنزين، سولار، وبوتاجاز) وبعض السلع الغذائية، وزيادة ضريبة المبيعات، والاتجاه نحو الخصخصة..الخ، وذلك كله علي حساب الطبقة الفقيرة التي تمثل اغلبية الشعب المصري.