مرسي عبدالحميدفي الوقت الذي أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين عدم نيتهما خوض المنافسة في انتخابات رئاسة الجمهورية ، أو حتي دعم أي مرشح ينتمي للتيار الإسلامي ، لم يبد المجلس العسكري أي نية لترشيح أي من المنتمين إلي المؤسسة العسكرية في الانتخابات الرئاسية ، ولأن كل شيء مباح في اللعبة السياسية فإن كل الأمور تغيرت الآن ، وأصبح اللعب علي المكشوف بين الجماعة وذراعها السياسي ممثلا في حزب الحرية العدالةو المجلس العسكري .وجاء إعلان نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان خوضه سباق انتخابات الرئاسة والذي يعتبره كثيرون ممثلا للمؤسسة العسكرية وبالتالي للمجلس العسكري ويدعم هذا الرأي إنه بعد أن أعلن الرجل نيته الترشح تنازل منصور حسن رئيس المجلس الاستشاري ومحمود الشريف وزير التنمية المحلية السابق عن خوضهما الانتخابات ، ليفجر الصراع المكتوم منذ فترة بين الإخوان والعسكري.وعلي الفور طالب البعض داخل مجلس شوري الجماعة ومكتب الإرشاد بخوض الانتخابات بأحد أعضائها وانصبت الترشيحات بالفعل في نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر ، أو علي الأقل تدعيم مرشح إسلامي وعلي الأرجح يكون الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح .دخول عمر سليمان لعبة الانتخابات غير كثيرا في موازين القوي فرغم أنه محسوب علي نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك ، إلا أن مباركلجأ إليه في فترة شديدة الحساسية من عمر الثورة والوطن ظنا منه أن مدير المخابرات السابق لديه قبول لدي الشارع إلي حد كبير وفي نفس الوقت فإن القوي الخارجية خاصة أمريكا وإسرائيل يريدون أن يكون هو البديل للنظام السابق ، كل هذا يجعل سليمان الكومي الذي قد يخطف الأضواء من الجميع في تلك المرحلة خاصة المحسوبين علي النظام السابق أمثال أحمد شفيق وعمرو موسي مما يعضد موقفه أمام المرشحين الذين أفرزتهم الثورة وعلي رأسهم عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي وحازم صلاح أبو اسماعيل وهشام البسطويسي ، الذين عليهم حاليا أن يتحدوا أيضًا لمواجهة نائب الرئيس السابق بمرشح قوي يمثل جميع التيارات السياسية الثورية وأيضا الإسلامية .وبعقد مقارنة بين نائب الرئيس السابق و نائب المرشد العام للإخوان المسلمين الحالي ، يتأكد للجميع أننا أمام رجلين لهما باع في العمل السياسي والتنظيمي ويجيدون العمل من خلف الستار ، ف عمر سليمان كان مدير جهاز المخابرات العامة ويعمل في صمت جعله يمتلك الكثير من الملفات والمعلومات عن جميع اللاعبين حاليا في الحياة السياسية وكان يدير هذا الجهاز في فترات شديدة الأهمية واستطاع التعامل مع اليهود في فترات كثيرة بما يملكه من كاريزما ورضا من الخارج والداخل ، وحتي عندما اختاره الرئيس السابق ليكون نائبا له في فترة شديدة الحساسية استطاع أن يصل بالأمور إلي التهدئة لولا تباطؤ الرئيس السابق في اتخاذ بعض القرارات وتأثير من حوله خاصة نجله جمال وقرينته سوزان خوفا من التفريط في السلطة .وحتي بعد سقوط النظام اختفي الرجل تماما لكنه كان اختفاء عن العيون فقط وكان يعمل ويدير الأمور ولكن من خلف الستار كعادته.أما المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين فهو الرجل الأقوي في الجماعة وكلمته مسموعة و محبوب لدي الصغير والكبير في الصف الإخواني ولهذا فإن اسمه دائما ما يطرح عندما يكون الأمر متعلقا بتولي حكومة أو الترشح للرئاسة كما هو حاصل حاليا .الرجل يدير الجماعة منذ فترة ولكن لا يظهر لأنه لا يحب الظهور ولديه الكاريزما التي تؤهله ليكون رئيسًا للجمهورية والقدرة علي القيادة ، وكان له دور بارز مع جهاز مباحث أمن الدولة المنحل في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 ،وهو الأمر الذي جعلهم يغضبون منه النهاية وكانت النتيجة تقديمه للمحاكمة العسكرية في قضية مليشيات جامعة الأزهر في عام 2006 .وبعد الثورة بدأ يبزغ نجمه بشكل واضح داخليا وخارجيا علي أنه رجل المرحلة بالنسبة للإخوان ومصر كلها وتم تكليفه من قبل الجماعة ليقوم بإعداد مشروع وخطط لنهضة مصر وبالفعل سافر الرجل إلي تركيا وأمريكا وبعض دول الخليج لنقل التجارب الناجحة ودعوة الجميع للاستثمار في مصر في المرحلة المقبلة التي يحكم فيها الإخوان ، كل ذلك تم ويتم أيضا في هدوء تام دون ضجيج أو إعلان .هذه المقارنة تضعنا أمام رجلين من العيار الثقيل في مجال السياسة ، فكل منهما له تأثيره ومريدوه في الحياة السياسية وبالتالي في حالة المواجهة بينهما في الانتخابات الرئاسية سواء المباشرة أو غير المباشرة إذا رشح الإخوان رجل غيره ولكن يتمتع بدعم الشاطر فستكون المواجهة قوية وحديدية .باختصار ستصبح هناك ما يسمي بحرب تكسير العظام بين الاثنين تلك الحرب سيكون مباح فيها كل شيء لأن اللعب وقتها سيكون علي المكشوف ، لكن السؤال الأهم حاليا هو في حالة انتصار طرف علي الآخر هل تكون هذه نهاية الطرف الآخر ؟!وهذا ما دعا بعض شباب الثورة لجمع توكيلات لترشيح الدكتور محمد البرادعي ويحاولون إقناعه بكل قوة للعودة من جديد إلي خوض الانتخابات الرئاسية ليكون المنافس القوي الذي يتفق عليه الجميع لمواجهة سليمان.وفي هذه الحالة قد يشترط البرادعي - حسب مصادر مطلعة- أن ينال تأييد القوي الإسلامية التي لا تريد وصول عمر سليمان لكرسي الرئاسة للعداء الشديد بينهما ، والتي لن يكون منها بالطبع التيار السلفي الذي يرفض تأييد البرادعي ، هذا بالاضافة إلي القوي الثورية والليبرالية التي تعمل بكل قوة من أجل إعادة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية للسباق الرئاسي مرة أخري.