جاء قرار قبول تظلم المتهمين الأمريكان في قضية التمويل الأمريكي أو المنظمات الحقوقية التي مارست عملا بدون ترخيص علي قرار منعهم من السفر في الوقت الذي كانت تقف فيه طائرة عسكرية علي ممر مطار القاهرة صادما بكل المقاييس مخيبا لآمال المصريين موجعا ينخز كل أوتار الكرامة داخل مفاصلنا.لم يحمل القرار إهانة الشعب فحسب بقدر ما تضاعفت الصدمة في الطريقة التي خرج بها قضائيا، فلم نفقد الثقة في المجلس العسكري وإنما تكرست أزمة الثقة في القضاء المصري ، ومحاولة الضغط علي المحكمة التي تنظر القضية لاتخاذ القرار برفع الادراج علي قوائم المنع من السفر ولما رفضت أجبروها علي التنحي، وعندها أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة القرار العار. لم أعتد الكتابة في موضوعات عادة ما يكتب فيها الكثيرون ، لكن الصدمة أوجعت قلوبنا وفضحت الذين حاولوا اللعب بعواطف المصريين طيلة الشهور الأخيرة التي تفجرت فيها قضية التمويل الأجنبي بما يفرض علينا جميعا الضغط في كل اتجاه من أجل محاسبة المسئولين عن هذه الفضيحة ، وإذا كنا نكافح من أجل انهاء حكم العسكر قيراط ، فما جري في هذا الملف يجعلنا نكافح 24 قيراطاً من أجل رحيلهم بل ومحاكمة الذي أصدر القرار. حاولت الفترة الماضية أنتصر للقضاء المصري ضد كل الحملات التي وجهت ضده ، لكن ما جري نسف كل النوايا الحسنة بحيث أصبح الواجب ضرورة فتح تحقيق واسع النطاق للوصول إلي حقيقة ما جري ومحاسبة من تورط في المساس باستقلال القضاء وخضوعه لسلطة ما تنفيذية أو عسكرية كان لديّ شعور قوي أن الحكاية تمثيلية ، وأن الحملة الرسمية ضد التمويل الأجنبي والعنترة ضد الأمريكان هي تمثيلية رخيصة يختفي وراءها بعض الحكام في بلادنا لمقايضة امريكان بشئ ما نجهله لكن نتوقعه ، فقد سمعنا مثلا أن الأمريكان رافضين تماما فكرة تولي أحد من المجلس العسكري رئاسة الجمهورية أو خوض الانتخابات المقبلة للرئاسة ، ومن هنا جاءت مناورة العسكر بإثارة موضوع التمويل والمنظمات التي تمارس عملها دون ترخيص . قلت في مؤتمر دعت إليه أسرة الشيخ عمر عبد الرحمن من أسبوعين تقريبا أن الأزمة سوف تنتهي قريبا ، لكن لم أكن أتوقع أن يكون الإخراج بهذه الطريقة الرديئة المهينة. لقد أهانونا ، أهانوا مصر الدولة ، وأهانوا مصر الشعب ولا بد أن يدفعوا ثمن جريمتهم ، كلهم مسئولون في المجلس العسكري ومحكمة استئناف القاهرة.