«إنفنيتي» توقع اتفاقية مع «فاليو» لتوفير خدمات شحن السيارات الكهربائية المنزلية    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    مدير "تعليم الجيزة": لا مجال للتراخي أو الأداء الشكلي داخل أي مدرسة    كلية العلوم بجامعة قناة السويس تستقبل طلاب مدرسة السادات الثانوية العسكرية    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    ڤاليو تنجح في إتمام الإصدار العشرين لسندات توريق بقيمة 1.1 مليار جنيه    البرهان يزور القاهرة لبحث تهدئة الأزمة السودانية وتعزيز العلاقات الثنائية    وفد الأهلي في ألمانيا لبحث التعاون مع نادي ريدبول    ضبط أحد الأشخاص لقيامه ببيع مشروبات كحولية مغشوشة ومجهولة المصدر بالإسكندرية    لحظة خروج جثمان الفنانة نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية.. مباشر    إطلاق مبادرة مصر معاكم لرعاية الأبناء القصر لشهداء وضحايا الحرب والإرهاب    الأمطار توقف مباراة السعودية والإمارات بعد الشوط الأول    الأوقاف تتابع الأعمال الجارية في مسجد سيدي مدين الأشموني بحي باب الشعرية    فيديو.. مصر تدفع قافلة مساعدات ضخمة إلى غزة لتخفيف تداعيات الطقس وتدهور الأوضاع الإنسانية    تعادل سلبي بالشوط الأول بين السعودية والإمارات في تحديد المركز الثالث بكأس العرب 2025    الأمن يضبط عدة أشخاص بمحافظات مصر لتوزيع أموال وبطاقات على الناخبين خلال الانتخابات    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الحماية المدنية تواصل جهودها في رفع الركام من أسفل العقار المنهار من أجل الباحث عن ضحايا بالمنيا    مساع سعودية وفرنسية وأمريكية لدفع خطة نزع سلاح حزب الله    إطلاق حملة ستر ودفا وإطعام الطعام لدعم الأسر الأولى بالرعاية بأسوان    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    الصحة: تقديم 11.6 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بالمنوفية    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    ضبط شخص نشر أخبار كاذبة عن تحرش بالأطفال داخل مدرسة في التجمع الخامس    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    مدن سودانية رئيسية بلا كهرباء عقب قصف بطائرات مسيّرة استهدف محطة طاقة    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    انتخابات مجلس النواب 2025.. "الشباب المصري" يطلق تقرير الساعات الأولى لليوم الثاني من جولة الإعادة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    طابور من الشباب للتصويت فى جولة الإعادة بلجان الأسمرات.. صور    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    تشكيل نابولي المتوقع أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    نفي ادعاءات بوجود مخالفات انتخابية بلجنتين بدائرة زفتى بالغربية    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدلية الفناء فى الذات.. مسرحية الخان إبداع كيميائى يستدعى الحلاج فى رحلة كنز بن غانم.. صور
نشر في النهار يوم 09 - 09 - 2019

"عجبتُ منك ومنّي يا مُنْيَةَ المُتَمَنِّي أدنيتَني منك حتّى ظننتُ أنّك أنّي وغبتُ في الوجد حتّى أفنيتنَي بك عنّي"
الحلاج كانت مأساته هى الفناء في الذات، فزهد الحياة، وتعمق في الحب الذي يلامس الروح ويسمو بها لتصل إلى محبّة الله لدرجة الفناء بالذات الإلهيّة، وهو العشق الذى أودى به إلى الإعدام، حيث لم ترق كلمات شعره لمحاكميه، فاستوجب الحد.
وهى المأساة التى عبر عنها الشاعر صلاح عبد الصبور في مسرحيته "مأساة الحلاج" قائلا: "الحب سر النجاة، تعشق تفز وتفنى بذات حبيبك، تصبح أنت المصلى وأنت الصلاة وأنت الديانة والرب والمسجد، تعشقت حتى عشقت، وأتحفنى بكمال الجمال، جمال الكمال، فأتحفته بكمال المحبة، وأفنيت نفسى فيه".
الفناء فى الذات كان طوق النجاة لإنقاذ "ابن غانم" من غياهب الجب وظلام معاصيه وخطاياه، الدنيوية، حيث أغوته شهوة الحصول على كنز قارون –وهو نباش كنوز الأرض- إلى الوقوع في الزنا وشرب الخمر وإدمان السحر، فى محاولة لإخراج ما ابتلعته الأرض بكلمة من الله.
وللتعرف على مفهوم الفناء في الذات، والتى نصح بها الناصح الأعلى وصوت الضمير اليقظ -إن جاز التعبير- عنه ابن غانم في مسرحية "الخان" للمؤلف محمد على، فنجد في كتاب «دراسة فى التجربة الصوفية» للباحث نهاد خياطة، عن مفهوم الفناء في الذات مستشهدًا بقول ابن عجيبة: «إن الفناء هو أن تبدو لك العظمة فتنسيك كل شيء، وتغيبك عن كل شيء، سوى الواحد الذى ليس كمثله شيء»، مشيرًا كذلك إلى المثال الذى كثيرًا ما يسوقه الصوفية تبيانًا لحالى الفناء والبقاء، جواب «قيس ليلى» عندما سُئل «أين ليلى؟»، وقوله: «أنا ليلى» ف«قيس»، لما قال ما قال، كان فانيًا عن نفسه باقيًا ب«ليلى».
استخدم محمد على ألفاظا قرآنية ومصطلحات صوفية في نصه المسرحي الذى عرض مؤخرا على مسرح الهناجر في دار الأوبرا المصرية، بلغة عربية رصينة تجلت في ظهور "ابن غانم" بطل النص وصاحب اللغز، في حُلم شاهده جميع نسله السبعة الذين يطلبون ثروته في خان مسحور، اغُلقت ابوابه عليهم.
وازن محمد على بين العربية الفصحى والعامية المهذبة في عالمين رصدهما وهما: عالم ابن غانم التائه فى معاصيه الباحث عن النجاة، وعالم نسله السبعة الباحثون عن الكنز.
يناجى ابن غانم نفسه باحثا عن كنز قارون ويعترف باقتراف المعاصي والخطايا للحصول عليه، فيتحداه –الناصح الأعلى وصوت الضمير اليقظ- بأن الكنز الذى خسف به الله الارض لن يخرج بكلمة من انس ولا جان، فيطلب حينها علم قارون –وهو الذى قال أوتيته عن علم عندى- فأمره بالفناء في ذاته، وهنا سحبت منه كل نعم الجسد من حواس، وعادت له تباعا بخصائص اخرى تتعدى حدود المكان والزمان.
حسام التونى مخرج العمل المسرحى كان له دور كبير في التعبير عن رمزية المكان والزمان، فاستخدم التفاحة الحمراء رمز الغواية منذ ادم ليعبر عن مكنون النفس البشرية من اطماع وهو ما ظهر في ثلاثة مشاهد استخدمتها ابنة العم الكبرى لغواية ابن عمها البلطجى لقتل بقية نسل ابن غانم، كما استخدم رمزية صلب المسيح حين وقف "ابن غانم" الجد يرثى نفسه باكيا أمام باب الخان الحجري، المنقوش عليه بأوامر شيطانية "الكنز بالدم"، وساعده التصميم الرائع للديكور والاضاءة التى كات عنصر فاعل ظهر فى الاضاءة البراقة فى عصر البشاوات والغيوم والخفوت فى مشاهد ابن غانم.
تبدأ المسرحية بإعلان في حقبة عصر الطرابيش يدعو كل نسل "ابن غانم" هذا الثرى نباش الكنوز الذى عاصر القرن السادس عشر، لاستلام تركة جدهم، فيجتمع ستة من نسله بصاحبة الاعلان في مقر الخان المهجور الموبوء بالزلازل في صحراء بعيدة.
يباتون السبعة في الخان فيغلق عليهم بابه بحجر كبير عليه نقوش غريبة، ينجح في حلها احدهم، فيكتشفون أنه لا حل لفتح الباب أو للحصول على الكنز إلا بقتل 6 منهم ليخرج الكنز للأرض الاولى –فهو في باطن الارض السابعة- ويفتح لهم الباب، فيبدأون في التخلص من بعضهم البعض، ويكتشف أحدهم أن صاحبة الاعلان كانت على علم بهذا السر وأنها جمعتهم لتحصد أرواحهم طمعا في الكنز، حيث استخدمت التفاحة لغواية البلطجى ابن عمهم للتخلص منهم إلى أن تُقرر التخلص ايضا منه في النهاية بتفاحة مسمومة.
أبطال العمل قد لا يعرف الكثيرون اسماهم، وليسوا ممن تسلط عليهم الأضواء، اطلقوا على انفسهم فرقة "كيمياء" فأجادوا تسجيد أدوراهم ببراعة فائقة بنسب ومعادلات علمية، تنقص كثيرين ممن يتصدرون أغلفة المجلات والصحف الفنية، ياسر ابو العينين ما هذه البراعة فى تجسيد ابن غانم، كيف تنساق كلمات العربية الفصحى بهذه السلالة من فمك، فقد فنيت ذاتك فى "ابن غانم" فكنت هو وهو أنت!.
فلسفة النص ترتكز على إبراز مخاطر الانسياق وراء الشهوة والغواية للنفس البشرية، والتي وصفها الله –عز وجل- في كتابه "ألهما فجورها وتقواها"، وأن الانسياق وراء تلك الشهوات بمكر بشرى يواجه مكر إلهى "فيمكرون ويمكر الله"، ونهايته "وحاق العمل السئ أهله" فيموتون جميعا دون الحصول على الكنز، ويرفض ابن غانم الحصول على علم قارون الذى لا قبل له به، لنكتشف نحن المشاهدون أن الكنز الحقيقى هو الروح النقية التى ترى ما لا يراه الناظرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.