سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
امام المؤتمر العربي الثالث للمياه بالكويت ابو الغيط يعرب عن قلق الجامعة العربية ازاء مفاوضات سد النهضة ويدعو اثيوبيا لإظهار الانفتاح الكافي في المحادثات المتعلقة ببناء و
ابو الغيط : الأمن المائي العربي كلٌ لا يتجزأ ولابد من استراتيجية للتعامل مع المهددات التي تواجه مصر او فلسطينولبنان اعرب الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط مجددا عن قلق الجامعة العربية ازاء المفاوضات المُتعلقة ببناء سد النهضة الأثيوبي على النيل الأزرق و الذي يُعد مصدراً ل 85% من المياه التي تعتمد عليها مصر؛ أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. داعيا اثيوبيا إلى إظهار الانفتاح الكافي في المحادثات المتعلقة ببناء وتشغيل السد، معتبرا أن مبادئ التفاوض بحسن نية والتشاركية والشفافية هي الكفيلة بإيجاد صيغٍ للتعاون واقتسام الموارد المائية بصورة تُبعد عن المنطقة شبح صراعات المياه التي طالما تنبأ بها كثيرون. جاء ذلك في كلمته امام افتتاح المؤتمر العربي الثالث للمياه بالكويت اليوم الاربعاء وشدد ابو الغيط على إن الأمن المائي العربي كلٌ لا يتجزأ، ونسيج واحد لا تنفصم عراه ، مضيفا إن الدول العربية مُطالبة بالتعامل مع ما يتهدد أمنها المائي، سواء في فلسطين أو مصر أو لبنان أو غيرها من الدول باستراتيجية جماعية واضحة، وسياسة تكاملية شاملة تعكس الإرادة الجماعية للدول العربية . لافتا الى إن هذا النهج هو ما يضمن للمنطقة صوتاً مؤثراً ووزناً معتبراً في مواجهة أي إفتئات أو جور من جانب أي طرف على الحقوق العربية. كما حذر الامين العام لجامعة الدول العربية من التداعيات الخطيرة المترتبة على ازمة المياه في المنطقة العربية داعيا الى تضافر الجهود في مواجهتها وتعظيم الاستفادة من البحوث العلمية في مجال المياه وشدد ابو الغيط في الوقت ذاته على إن تحقيق التكامل بين السياسات العربية فيما يخص ثلاثية الماء والغذاء والطاقة لم يعد ترفاً، وإنما ضرورة والتزاماً لا يُمكن النكوص عنه. وقال ابو الغيط ان أزمة المياه في العالم العربي واضحة، وخطيرة بما حيث ان المنطقة العربية لديها 1% فقط من مصادر المياه العذبة على مستوى العالم.. و40% من سكانها يعيشون في مناطق الشح المائي المُطلق .. كما إن هناك 14 دولة عربية من بين التسعة عشر دولة الأكثر معاناة من نُدرة المياه على مستوى العالم. وأخطر ما في الأمر أن الوضع المائي في بلادنا لا يتجه إلى التحسن، وإنما إلى التدهور .. بل إلى التدهور المطرد في بعض المناطق.. ففي ظل معدلات نمو سكاني تصل إلى 2.5%، وفي ضوء ندرة سقوط الأمطار وتكرار دورات الجفاف.. يتناقص نصيب الفرد العربي من المياه باستمرار.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من انعكاسات على أمننا الغذائي، حتى صارت المنطقة العربية أكبر منطقة عجز غذائي في العالم .. واعتبر ان خطورة ذلك اننا لا نواجه أزمة ذات أبعاد ثابتة، وإنما خطراً يستفحل باستمرار، ووضعاً يتدهور بمعدلات مُتسارعة.. وفي مواجهة تهديدات استثنائية على هذا النحو، فإن الحلول والاستراتيجيات يتعين أن تكون استثنائية أيضاً ... ينبغي ألا تنصب السياسات والاستراتيجيات على ما هو قائم في اللحظة الراهنة من تحديات، وإنما على ما قد يحمله المستقبل من احتمالات ومآلات. واكد ابو الغيط اهمية المؤتمر العربي الثالث للمياه الذي يعقد تحت رعاية الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي تحت شعار "التكامل العربي في ادارة الموارد المائية". موضحا انه أول مؤتمر يعقد بعد القمة العربية التي عقدت بالمملكة العربية السعودية والتي دعت الى متابعة تنفيذ الاستراتيجيات العربية وخططها التنفيذية دعما لآليات العمل العربي المشترك وبما يخدم مصلحة الشعوب العربية في مستقبل مائي آمن. ونبه ابو الغيط الى أن التحديات المتعلقة بندرة المياه في المنطقة العربية، وما يرتبط بها من التواتر المُتزايد لدورات الجفاف وتزايد حدتها، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي .. هذه التحديات تمثل في مُجملها تهديداً وجودياً .... يتضاءل بجانبه أي خطر آخر، ويهون بالمقارنة له أي تهديد وإن لم تُستنفر كافة الإمكانات العربية – على المستوى الوطني في كل دولة، وعلى المستوى العربي العام- في مواجهة هذا التهديد، فإننا نُفرط في حق أبنائنا في الحصول على تنمية مُستدامة متوازنة، ونوعية حياة كريمة ولائقة. واوضح ابو الغيط أن المسألة المائية متعددة الجوانب ومتداخلة الأبعاد و ثمة جوانب علمية وفنية، وأخرى بيئية وتنموية، وثالثة سياسية واستراتيجية.. لافتا الى ان نجاح الدول العربية في الاستجابة للتحدي المائي مرهون بقدرتها على مواجهة هذه الأبعاد جميعاً بشكل متضافر، عبر تحقيق التنسيق والتناغم الكامل بين الجهات الحكومية المختلفة التي يتعلق عملها بأي جانب من جوانب المسألة المائية .. وبحيث تكون الخطط والاستراتيجيات شاملة على المستوى الوطني من دون تضارب أو تداخل ينعكس سلباً على الأداء . واكد إن هذا التعاون والتنسيق يتعين أن يمتد من المستوى الوطني إلى المستوى العربي.. فكثيرٌ من أبعاد المسألة المائية يتطلب استجابة جماعية من جانب الدول العربية، ويستوجب تخطيطاً مشتركاً يتجاوز نطاق الدولة الواحدة.. وقد كان هذا هو الهدف المأمول من إنشاء المجلس الوزاري العربي للمياه منذ نحو عشرة أعوام، وكذا من إطلاق استراتيجية الأمن المائي العربي والتنمية المستدامة 2010-2030، وخطتها التنفيذية التي تمت المصادقة عليها في قمة نواكشوط 2016 . واوضح ابو الغيط أن خط الدفاع الأول في مواجهة تحديات ندرة المياه هو البحث العلمي والتطوير التكنولوجي. إذ لا فرصة أمام الدول العربية لتجاوز التحديات المختلفة المرتبطة بشُح المياه، إلا عبر الارتقاء بمجالات البحث والتطوير . وقال انه من المؤسف أن الدول العربية تنفق أقل من 1% من الناتج القومي الإجمالي على البحوث والتطوير.. وحتى في المجالات التي أحرزت فيها دول عربية تقدماً مشهوداً – مثل مجال تحلية مياه البحر الذي تستحوذ المنطقة العربية على معظم طاقاته على مستوى العالم – ما زال هناك عجزٌ عن تطوير التكنولوجيا الذاتية والإمكانيات الوطنية.. وما زال هناك تباطؤ في تصنيع المعدات اللازمة محلياً، وامتلاك ناصية التقنيات المطلوبة عربياً .. سواء في أساليب الزراعة (التي تستقطب 80% من استخدامات المياه في المنطقة العربية).. أو فيما يتعلق بكفاءة استغلال المياه وتقنيات التحلية واستخدام المياه المُعالجة ومعالجة مياه الصرف وإعادة التدوير وغيرها من التقنيات . ولفت الى إن المنهج العلمي والبحث والتجريب والتطوير تُمثل كلها سبلا لا غنى عنها لمعالجة تحديات الندرة والشح المائي .. موضحا إن الجسور بين أصحاب الخبرة وأصحاب القرار ما زالت واهية .. وأننا نحتاج إلى تضافر أكبر بين أهل العلم وأهل السياسة لمواجهة أزمات المياه.
ونبه الى أن المسألة المائية تظل في التحليل الأخير قضية سياسية، ذلك أنها تمس صميم الأمن القومي العربي.. واستراتيجيات مواجهة تحدي الندرة، مثل التخلي عن سياسات الدعم العشوائي أو الاتجاه إلى التسعير من أجل الارتقاء بكفاءة إدارة الموارد .. تحتاج كلها إلى قرارات سياسية جريئة وحاسمة لا ينبغي تأخيرها أو التباطؤ في اتخاذها. ولفت الى ما تواجهه بعض دولنا العربية من تحدياتٍ لأمنها المائي نابعة من اشتراكها مع دول غير عربية في المجاري المائية.. وما يفرضه ذلك من أوضاع جيوسياسية صعبة ودقيقة.. خاصة وأن 80% من المياه العربية تأتي من خارج العالم العربي.،