لا حديث يعلو هذه الأيام سوى الحديث عن القبض على رجل الأعمال حسن مالك أحد أبرز قيادات التنظيم الإخوانى، خاصة أن القبض عليه يعنى توقف التمويل الداخلى للجماعة الإرهابية، الأمر الذى أثار حالة من الذعر والخوف لأعضاء الجماعة داخل مصر، خاصة أن حسن مالك يعد سادس قيادة كبرى داخل الإخوان يتم إلقاء القبض عليهم خلال ال3 أشهر الماضية بعد محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد، وعبدالرحمن البر مفتى الجماعة، ومحمد وهدان، وحسان الشرقاوى، ومحمد سعد عليوة، أعضاء مكتب الارشاد. وهذا ما دفع أحد حلفاء الإخوان فى تركيا، ممدوح إسماعيل، للقيام بتحريض رجال الأعمال فى مصر على الهرب، فالقبض على أحد الأقطاب الاقتصادية لجماعة الاخوان وأحد أبرز مصادر التمويل داخل التنظيم خلال الفترة الأخيرة حسن مالك سيؤثر كثيرا على النشاط التمويلى للجماعة خلال الفترة القادمة، الأمر الذى يجعل الجماعة تُفكر على الفور فى إيجاد بديل ل”مالك” يستطيع أن يتولى ملف التمويل فى الوقت الحالى لأنشطة الجماعه الارهابية فى الداخل. والجدير بالذكر أن شهبندر الجماعة حسن مالك يعد من المقربين لنائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر، والمعتقل الآن على خلفية عدة قضايا عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسى، فقام الاثنان بإنشاء شركة مشتركة “سلسبيل للكمبيوتر”، ثم قاما بعدها بإنشاء شركة جديدة لتطوير أساليب العمل الإدارى والتدريب والدراسات والبحوث بالنسبة لشركات القطاع الخاص، وانضم إليهما فى هذا المركز الإخوانى المعروف طاهر عبدالمنعم. ولم تتوقف الشراكة فقط بين الشاطر ومالك كبار العقول الاقتصادية على هذه الشركات بل هناك شراكة بعدد من المشروعات ولعل أبرزها توكيل الأثاث “استقبال”، ومحال ملابس “الفريدة” وشركة “سنابل” للتجارة بنسبة 37.5% لكل واحد منهما، إضافة إلى شركة الشهاب للسيارات وشركة فيرجينيا للسياحة، ويساهم فيها حسن مالك بنسبة 33%، هذا فضلًا عن شركة الإنشاءات العصرية رامز قنديل وشركاه حيث يمتلك بها 52%. ومن رجال الاعمال الذين ينتمون للجماعة أيضاً وأحد المقربين من الشاطر ومالك- رجل الاعمال عبدالرحمن سعودى، فالثلاثة تجمعهم شراكة داخل شركة المزارع السمكية، وشركة حسن مالك فى المنصورة للملابس الجاهزة، إضافة إلى شركة سيوة لاستصلاح الأراضى، والتى تخص زوجتى الشاطر وحسن مالك فقط، وشركة أجياد للخدمات ويمتلكها حسن مالك وخيرت الشاطر، وشركة دار الطباعة والنشر الإسلامية لحسن مالك وخيرت الشاطر. وحول هذا الأمر قررت «النهار» أن تكشف الستار عن مصادر تمويل الجماعة الإرهابية، والكشف عن أبرز رجال الأعمال التابعين للجماعة والعقول الاقتصادية الممولة لها.. ويأتى ذلك خلال السطور القادمة. فى البداية أكد فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الجماعة الإرهابية كانت تعتمد فى إدارة واستثمار أموالها على قطبى الاقتصاد الخاص بها وهما خيرت الشاطر وحسن مالك، فالشاطر يعد من أثرياء العالم إذ يمتلك ثروة هائلة تقدر بنحو 20 مليار دولار، فقوة الشاطر تكمن فى التجارة والأعمال الحرة إذ يمتلك شبكة علاقات دولية فى مجال “البيزنس”، لافتاً إلى أن عدد الشركات التى يساهم بها الشاطر فقط يصل لأكثر من 40 شركة ظاهرة بخلاف عدد كبير من المحلات المنتشرة بجميع محافظات الجمهورية، وهذا العدد هو الظاهر، ومن المؤكد أن تجارته الخفية أكثر بكثير من الظاهرة. واضاف عبدالفتاح أن الجماعة الارهابية كانت تعتمد على حسن مالك فى الخفاء على عكس الشاطر، وكانت مهمته الأساسية التواصل مع المستثمرين لتوفير التمويل اللازم للجماعة، فالجماعة أخفت مالك عن الأنظار لتحقيق الأهداف التى خططت لها فى إعادة رسم العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا لخدمة مصالح الإخوان، إلا أن رغبته لم تتحقق بعدما تم الاطاحة بنظام محمد مرسى، لهذا قرر الاستمرار والعمل فى الخفاء للانتقام من الحكومة الحالية بضرب الاقتصاد المصرى وخلق أزمة فى نقص الدولار وارتفاع قيمته أمام انهيار الجنيه، لافتاً إلى أن شركات الشاطر وحسن مالك واستثماراتهما فى دول العالم تأتى بربح سنوى يقدر بنحو مائة مليون دولار سنوياً للجماعة المحظورة. فى حين أكد طارق البشبيشى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، أن جماعه الإخوان الإرهابية تتعدد مصادر تمويلها، إذ تحصل على نسبة العشر من إيرادات وأرباح عدد من الشركات لرجال الأعمال الممولين للجماعة وإن كانوا لا ينتمون إلى الجماعة على رأسها مجموعة شركات جهينة التى يمتلكها رجل الأعمال صفوان ثابت، وشركات الاستثمار العقارى التى يمتلكها ممدوح الحسينى وشركة المدائن للإنشاءات والتصميمات التى يمتلكها رجل الأعمال أحمد شوشة، بجانب العشر من الشركات التى يمتلكها رجل الأعمال مدحت الحداد» مجموعة أنتربيلد» و»الشركة العربية للتعمير» والعربية للاستيراد والتصدير»، كما تحصل على عشر إيرادات شركة نيسان للسيارات. وأضاف البشبيشى أن من مصادر تمويل الجماعة الإرهابية أيضاً احتكار العشر من أرباح الشركات التى يمتلكها كل من حسن مالك وخيرت الشاطر، إلا أنه بعد القبض عليهما ومصادرة ممتلكاتهما تتأثر مصادر تمويلهم فى الداخل لفترة قليلة من الزمن خاصة أن الجماعة تمتلك اقتصاديين بارعين بخلاف مالك والشاطر، ولعل أبرز هؤلاء أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر حسين شحاتة، وغيره الكثيرون، ومثلما تتعدد العقليات الاقتصادية المموله للجماعة المحظورة فى الداخل، تتعدد فى الوقت ذاته قادة تمويلها بالخارج، ويأتى على رأس هؤلاء الشيخ إبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلامى دى إم إى، وشركات الأوف شور التابعة له فى ناسو بجزر البهاما، وغالب همت ويوسف ندا ويوسف القرضاوى فى بنك التقوى فى ناسو وأيضا إدريس نصر الدين فى بنك أكيدا الدولى فى ناسو. وتابع البشبيشى تصريحاته ل» النهار» قائلاً: إن من مصادر تمويل الجماعه أيضاً تحصيل نسبة 7% من راتب كل أعضائها على هيئة اشتراكات للاعضاء العاملين ويسثتنى من دفع الاشتراكات الأعضاء الذين تقل رواتبهم عن 300 جنيه والطلاب، إذ يقدر حجم هذه الاشتراكات شهرياً بنحو 60 مليون جنيه، وعلى الفور تقوم الجماعة باستثمار كل هذه الأموال فى عدد من الدول على رأسها تركيا وقطر والإمارات واليابان وكوريا وأمريكا ولندن وسويسرا، إذ يبلغ حجم استثمارات الجماعة بهذه البلدان 180 مليار جنيه سنويا، وهذا ما كشفه من قبل القيادى الإخوانى ثروت الخرباوى. فى حين أكد على بكر، الباحث فى شئون الجماعة الإسلامية، أن جماعة الإخوان تمتلك مصادر تمويل معلومة وخاضعة للمراقبة والمحاسبة المالية، وتمتلك فى الوقت ذاته مصادر تمويل خفية وغير خاضعة للرقابة حتى لا يتم مصادرتها فى حالة حظر نشاطهم كمكتب إرشاد الجماعة، وهذا ما حدث بعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسى، إذ استمر نشاطهم الارهابى وعملياتهم التفجيرية رغم مصادرة الكثير من المؤسسات والشركات التى يمتلكها عدد كبير من قيادات الجماعة داخل البلاد. واضاف بكر أن من مصادر التمويل الخفية للجماعة المحظورة بالخارج والتى لا يعلمها الكثيرون- التبرعات التى يقوم التنظيم الدولى بتجميعها من الأعضاء المتواجدين بالبلدان الخارجية عن طريق المؤسسات الخاصة بها على رأسها مؤسسة ماس «MAS» بالولايات المتحدةالأمريكية، كما يوجد فى أمريكا أيضاً منظمة الشباب المسلم، كما تمتلك عددا من المؤسسات الممولة لنشاطها فى سويسرا ولعل ابرزها «الجماعة الإسلامية فى كانتون» و»مركز الثقافة الاجتماعية للمسلمين فى لوزان» و»مؤسسة الثقافة الاجتماعية فى سويسرا» ومؤسسة «التأثير الاجتماعى» و»اتحاد مسلمى سويسرا» و»الاتحاد الإسلامى للمعلمين» و»رابطة المنظمات الإسلامية فى زيورخ» و»الهيئة الإسلامية العالمية الخيرية». وأوضح بكر أن أبرز الأنشطة المالية للجماعة المحظورة والتى تتمثل فى المصارف والشركات القابضة تتركز بشكل كبير فى سويسرا ونيجيريا وقبرص وبنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وهذه المؤسسات مسجلة بأسماء قيادات الجماعة بالخارج وعلى رأسهم يوسف القرضاوى وإدريس نصر الدين وغالب همت ويوسف ندا. فى حين أكد طارق أبوالسعد، القيادى السابق بجماعة الإخوان، أن القبض على حسن مالك يعد بمثابة «القشة التى قصمت ظهر البعير» خاصة أنه يمثل العقلية الاقتصادية المدبرة لتوفير التمويل اللازم للجماعة، وتعويضه قد يستغرق منهم جهداً كبيراً، لافتاً إلى أن القبض على مالك أثار تخوفاً وقلقاً لدى حلفاء الجماعة داخل البلاد، وهذا ما ظهر بشكل كبير فى دعواتهم التحريضية للعنف، إذ أصدر «تحالف دعم الإخوان»، بيانا رسميا له، حرض خلاله أنصاره على العنف والإضرار بالاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة على خلفية القبض على مالك. وأوضح أبوالسعد أن القبض على مالك يعد توقفا لمصادر تمويل الجماعة المحظورة داخل البلاد خاصة أنه أحد أبرز مصادر التمويل داخل التنظيم خلال الفترة الأخيرة رغم اختفائه عن التواجد على الساحة عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسى ليكون بعيداً عن الأنظار، وبعد القبض عليه تنهار الأقطاب الاقتصادية الممولة للنشاط الإرهابى فى الداخل وهم خيرت الشاطر وحسن مالك. وأشار ابوالسعد إلى أن القبض على مالك ساعد الدولة فى معرفة شركات الصرافة الخفية التابعة للجماعة والتى يمتلكها القيادى الاخوانى والتى تسببت فى خلق أزمة الدولار، وهذا يكشف عن أن مالك استغل سوق الصرافة كذراع استثمارية لتمويل أعمال الجماعة الإرهابية وضرب الاقتصاد المصرى فى الوقت ذاته، إذ إن شركات الصرافة التابعة للقيادات الإخوانية تمثل الاقتصاد السرى للجماعة ويقدر رأسمال هذه الشركات بنحو 20 مليار جنيه. واضاف أبوالسعد أن جميع مصادر تمويل الجماعة الارهابية مشبوهة كغسل الأموال وتجارة السلاح وتهريب العملات، وهذا ما اتضح من خلال النشاط الاقتصادى لمالك، إذ استغل سوق الصرافة والعملات فى ذلك، خاصة أنها تعد أبرز الأنشطة التمويلية التى استخدمتها الجماعة لتمويل نشاطها الارهابى من خلال عمليات تهريب الأموال من وإلى مصر واستغلال هذه الأموال فى شراء الأسلحة اللازمة لعملياتها التفجيرية، وهذا الأمر ليس بجديد على الجماعة إذ اعتاد الجميع على أن من يعارض الجماعة سياسياً سيلقى حتفه تفجيرياً، إذ إنهم يحاولون معاقبة النظام الحالى بخلق أزمات اقتصادية له بعد أن قاموا بالإطاحة بنظامهم ولم يجدوا أمامهم سوى خلق أزمة دولارية، وهذا الأمر كان من السهل تحقيقه من خلال شركات الصرافة التى يمتلكها عدد من قياداتهم وعلى رأسهم مالك؛ وذلك لأنهم على يقين بأن خلق حالة من التردى الاقتصادى للبلاد يترتب عليها خلق حالة من التردى السياسى.