لم يكن حسنى مبارك ونجله وحدهما من يفكران بتوريث المنصب، فأغلبية الوسط السياسى يفكرون بنفس المنطق, ومع فتح باب الترشح لبرلمان 2015، سعى العديد من أبناء الوزراء والبرلمانيين السابقين إلى الترشح على العديد من المقاعد فى عدة محافظات، لإعادة ما سبق من الزمن ولو بجزء بسيط، كان أبرز هذه الأسماء محمد زكى بدر، نجل وزير الداخلية الأسبق، شقيق وزير التنمية المحلية الحالى, ومعتز الشاذلى، نجل الوزير الراحل كمال الشاذلى، بالإضافة إلى عدد من أبناء بعض البرلمانين السابقين، مثل شهد عفت السادات، نجلة البرلمانى عفت السادات، ولم تقتصر المعركة الانتخابية على ظهور أبناء الوزرارء والبرلمانيين فقط، بل شملت بعض الاتجاهات المخالفة لرغبات الشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو، مثل ياسر الهضيبى، نجل مرشد الإخوان السابق مأمون الهضيبى، وبرغم كونه ضمن كوادر حزب «الوفد»، وبعده التام عن الجماعة منذ سنوات، إلا أن طريقه قد يتسم بالصعوبة بسبب كراهية المصريين لجماعة الإخوان وما ينتمى لها من قريب أو بعيد. ومع بداية اللحظات الأولى من فتح باب الترشح لانتخابات برلمان 2015 تقدم نجل وزير الداخلية الأسبق محمد زكي بدر، والذى يعمل محاميا بالنقض بأوراق ترشحه عن حزب «المصريين الأحرار» دائرة «مركز شبين الكوم» إلى اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بالمنوفية, إذ خطف العديد من الأنظار نظرًا لانتمائه الى أحد وزراء مصر السابقين وشقيق الوزير الحالى. ولعب محمد بدر على الدعاية الانتخابية بأكثر من وسيلة، حيث قام بنشر عدد كبير من البانر الذى يحمل تهنئة واضحة للإخوة الأقباط بأعياد الميلاد منذ أكثر من شهر مع عمل عدة مؤتمرات صغيرة وزيارات مختلفة لعدد من الأسر والعائلات الكبيرة لضمان كسب هذه الاصوات خلال الانتخابات المقبلة، مع تقديم بعض المساعدات من خلال مكتب المحاماة الخاص به وتقديم بعض الاستشارات القانونية للاسر الفقيرة، كما يفعل العديد من المرشحين خلال هذه الايام، لكن السلاح الأقوى فى تلك الدعاية والذى يحرص نجل الوزير السابق على استغلاله بأكثر قدر ممكن شهرة أبيه وأخيه، نظرًا لشغلهما مناصب قيادية بالدولة. جاء فى المرتبة الثانية معتز كمال الشاذلى، رئيس مجلس إدارة جريدة «الجماهير»، نجل الوزير السابق كمال الشاذلى، فقد تقدم هو الآخر بأوراق ترشحه عن دائرة الباجور فردى، مستغلًا صدى اسم والده ومدى محبة أهل الدائرة له، نظرًا لما قدمه من خدمات عديدة لأهل تلك الدائرة، معتز سبق له التفكير فى خوض انتخابات البرلمان، خاصة بعد وفاة والده أثناء انتخابات 2010, كما أنه استغل انتخابات الرئاسة الماضية التى فاز بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، كنوع من الدعاية الانتخابية المبكرة، حينما بدأ فى إقامة مؤتمر لتأييد السيسى بحضور عدد من الاعلاميين والشخصيات العامة بالدولة، وأبرزهم توفيق عكاشة، وأحمد شوبير وناجى الشهابي وغيرهم، وهو ما يعرف بسياسة اللعب بالمشاهير لجذب الشارع. معتز يستغل اسم والده أيضا فى الدعاية الانتخابية فصورة الشاذلى الأكبر لا تفارق صور معتز على البانر الخاص بدعايته الانتخابية، كما أنه سعى الى تقديم الخدمات والهدايا الى معظم أهالى الباجور، مع وعوده المتكررة لمواصلة سلسلة أبيه فى تقديم خدمات بشكل جديد. أما عن أبناء البرلمانيين السابقين فجاءت شهد عفت السادات، التى ترشحت على قوائم فى حب مصر، فهى نجلة النائب السابق عفت السادات، والذى يشغل منصب رئيس حزب «السادات الديمقراطى»، حيث شارك فى الحياة السياسية من خلال عضويته بمجلس الشعب عن دائرة تلا بمحافظة المنوفية عام 2010، كما ترأس عددا من الأندية الرياضية مثل الاتحاد السكندرى ونادى اليخت المصرى، وتعبتر هذه المرة هى الأولى لشهد فى الظهور على الساحة السياسية مرتكزة بشكل كلى على اسم والدها، وعائلتها التى تنتمى إلى رئيس مصر الأسبق محمد أنور السادات، مستغلة حب أهل تلك الدائرة التى تعد بيتًا كبيرًا لعائلتها على مدار السنوات الماضية. ويعتبر حزب «السادات الديمقراطى» المشرف الأساسى على حملتها الانتخابية وإدارتها بشكل مباشر من خلال تنظيم مؤتمراتها وتنفيذ أشكال دعايتها الورقية بالاضافة إلى كون مؤسسة السادات الخيرية أحد أكبر المؤسسات الخيرية بمصر، نظرًا للخدمات المفرطة التى تقدمها هذه الجمعية منذ سنوات تحت إشراف محمد أنور عصمت السادات. لم تتوقف انتخابات البرلمان عند ابناء الوزراء والبرلمانيين السابقين بل شملت اسم واحد من ابناء مرشدى جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور ياسر الهضيبى، مساعد رئيس حزب «الوفد»، حفيد مرشد الإخوان الأسبق مأمون الهضيبى، الذي خرج عن اتجاهات المرشد، وانضم للحزب الوطنى، وحول دفته إلى الوفد، ليختاره الدكتور السيد البدوى، رئيس الحزب، مساعدًا له، وتقدم الهضيبى بأوراق ترشحه عن دائرة شبين القناطر, ويعتبر مرشحا قويا لحزب الوفد فى هذه الدائرة التى كثرت فيها الدعاية الانتخابية بعدد مختلف من الطرق، كان أبرزها الجولات الانتخابية والتجمعات التى يرعاها الحزب بين محبيبه وأنصاره. وضمت تحركاته التحالف مع محمود بدر، مؤسس حركة تمرد والمرشح على قائمة فى حب مصر، ليدعم كل منهما الآخر فى الانتخابات القادمة، إلا أن اسم والده كمرشد للجماعة يلاحقه، بالرغم من خلعه عباءة الاخوان حينما قال لهم «تربيت فى بيت ساهم فى تأسيس جماعة الاخوان المسلمين وأخرج المرشدين السابقين للجماعة حسن ومأمون الهضيبى، ثم حبس والدى 18عاماً بلا ذنب، ولكن أقول للاخوان اليوم إن كل من رضى فى ال30 سنة بحكم حسنى مبارك (فلول)، وأقول لهم أيضاً انتوا (م الفلول) كلهم, وأذكرهم بصفقات الانتخابات التى وضعوا فيها أيديهم فى أيدى أمن الدولة عام 2005، كما أذكرهم بأنهم أول من بايع جمال مبارك رئيساً للجمهورية»، وبالرغم من ذلك فإن الوصول لمقعد البرلمان بهذه الدائرة سيكون أمرًا صعبًا على مرشح حزب الوفد. وتعليقًا على انتشار هذه الظاهرة، قال جورج اسحاق، الناشط الحقوقى: «يجب على هؤلاء أن يتنحوا قليلًا، لأن سمعتهم سيئة نظرًا للتاريخ القديم الذين يسعون للوصول إلى البرلمان من خلاله، فهناك تحد واضح لمشاعر الناس ولثوار 25 يناير و30 يونيو، على المصريين أن يكونوا حريصين، فالجميع يعلم ما سيفعله هؤلاء امام صناديق الاقتراع». واختلف معه فى الرأى الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، وقال: «من وجهة نظرى الشخصية ليس هناك أى مشكلة فى ترشح أى فرد منهم، لأن إقصاء أى فرد دون وجهة قانونية نوع من الفاشية، بمعنى من لا يدينه القضاء فله الحق فى الترشح أيًا كان انتماؤه، فالثورة قامت ضد نظام وليس أسماء فاذا تواجد أى اسم ولو اسم سابق ولم يدنه القضاء فله الحق فى الترشح». فيما رأى الدكتور أمين اسكندر، البرلمانى السابق، أن مصر تُعانى من عدم وجود حياة سياسية صحيحة، فالاحزاب لم تأخد حقها بشكل كبير وتعتبر أحزابا مهمشة، كما يوجد ضغط كبير للنزول على المقاعد الفردية، وتابع قائلًا: «هناك أسر بالكامل ترشحت فى عدد من الدوائر مثل السادات ونادر بكار ودى مسخرة، نحن من نضعف السياسة بأيدينا لكى يعيش أى مستبد كما يشاء».