كثيرون يجهلون أن القلب الذى يدق أربعين دقة فى الدقيقة تقريبا كل دقة منه لها معنى ومغزى تختلف عن الأخرى.. هذه الدقات هى صانعة السعادة تخلق لصاحبها حالة من البهجة والفرحة أول ما تظهر تراها على الوجه ثم تنعكس على سائر الحواس لأن الوجه مرآة صاحبه عاكسا لكل ما فى القلب من سعادة أو حزن ويكتسب مسميات كثيرة: مبتسم عبوس سعيد متجهم مكفهر راض كاره نضر أو عليه غبرة.. ويفهم ذلك علماء النفس وأطباء الأعصاب؛ فحين دخول المريض أول نظرة تكون للوجه ليكتشف المرض بسهولة ويسر. لا تنتظر أن تقذف السعادة فى قلبك من الخارج لأن انتظارك سيطول وربما لا تأتى، فعليك أن تبحث عنها فى داخلك ولا تنس أنك تمتلك آلة ربانية تصنع لك السعادة لكنك تجهل قيادتها فكن ماهرا فى قيادة قلبك جادا فى صناعة سعادتك بنفسك لأنك تستطيع. نعم تستطيع أن تحول اللون الأسود إلى اللون الأبيض والحزن إلى فرح والعكننة والنكد إلى بهجة وراحة بال والكراهية إلى حب، فكل ما عليك الضغط على مفتاح السعادة والبهجة والحب وتجاهل باقى المفاتيح. لا تغضب من حياتك وما يجرى فيها من أحداث حتى ولو كانت محزنة ومكدرة من الأقارب والأباعد والأصدقاء والغرباء، وتأكد دوما أنهم لم يصنعوا لك السعادة أو حتى يدلوك على شرابها أو ينصحوك بالمضادات الحيوية ضد التعاسة، وثق دائما أن الغضب والحزن يأتيان اليك من الخارج؛ فكن على حذر، وضع القادم الى قلبك من مخاطر فى خلاط شرايين السعادة واضغط على مفتاح السعادة لتدخل إلى قلبك بردا وسلاما. كثيرون فقدوا السمع والبصر والنطق لكنهم صنعوا سعادتهم بأيديهم.. مثل آنا كارنينا التى عرفت طريق السعادة وأصبحت من مشاهير العالم وأيضا من فقد عضوا هاما كاليد مثل خالد شلبى الذى تحدى الإعاقة وعبر المانش متغلبا على أصحاب الأيادى وأيضا صانى الفتاة الصينية ولدت دون أيد وأرجل وحولت الفم إلى مصنع للكتابة ورسم أجمل التابلوهات ولم يقترب إليهم الاكتئاب أو ينتظروا العون من ذويهم. لا ننسى أن المولى عز وجل أرشدنا إلى أن القلب مصنع للسعادة «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»، «فرحين بما آتاهم الله من فضله»، فهل بعد كلام المولى تجلى فى علاه كلام.. فماذا تنتظر لتصدق أن قلبك هو صانع سعادتك! فلا تقل يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون أو تنشد المناصب المرموقة أو ست الحسن والجمال أو العلو فى الأرض، بل اجعل أحلامك على قدر طاقتك وقدراتك ولا تنس أن سعادتك داخلك تنبع من قلبك تصنعها بنفسك.. ودائما لا يخلو اللسان من ذكر الله.. لأن بذكر الله تطمئن القلوب.