وسط أسطول كبير من المساعدات التي كانت في طريقها لفك الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة في عام 2010، اعترضت قوات المارينز الإسرائيلية سفينة مرمرة التركية التي كانت تحمل قرابة ال 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، حيث سقط علي متن هذه السفينة 9 قتلى علي يد الجنود الإسرائيليين. وبعد مرور قرابة ال 6 أعوام علي الواقعة، قررت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم إعادة النظر في قرار "اتخذته سابقًا بعدم التحقيق في قضية الاعتداء الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة التي كانت متجهة لفك الحصار عن قطاع غزة المحاصر عام 2010. وكانت المدعية في المحكمة الدولية "فاتو بنسودا"، أعلنت في نوفمبر 2014، "أن إسرائيل ارتكبت جريمة حرب بهجومها على مافي مرمرة، إلا أن حجم الحادث لا يجعله يدخل ضمن نطاق عمل المحكمة"، التقرير التالي يرصد قصة السفينة. الهجوم فجرا القبطان محمود تورال، ربان السفينة، روى في أحاديث صحفية أن الإسرائيليين بدأوا الاتصالات بطاقم السفينة على الساعة العاشرة والنصف من مساء 30 مايو 2010 في عرض المياه الدولية، فأخبرهم الطاقم أنهم متوجهون إلى غزة وأنهم في المياه الدولية ولا يحق لأي طرف أن يوقف مسيرتهم، ثم ما لبثت الاتصالات أن انقطعت بين الجانبين حوالي الساعة الثانية من فجر يوم 31 من الشعر ذاته. وكذّب تورال ادعاءات إسرائيل بإجراء اتصال معهم بعد ذلك وحتى انطلاق الهجوم الذي بدأ مع الرابعة والنصف فجرا بإطلاق مكثف للرصاص الحي سقط على إثر قتلى وجرحى لم يعرف عددهم في البداية. وكذّب تورال مزاعم تل أبيب بأن قواتها اضطرت للدفاع عن نفسها بعد تعرضها للهجوم من طرف ركاب السفينة، موضحا أن المتضامنين مع غزة مدنيون ولم يكونوا يحملون أي سلاح، بل اضطروا للدفاع عن أنفسهم بمكانس خشبية وما يشبهها، في مواجهة جنود مدججين بالأسلحة. ولتزوير ما جرى، حرص الجنود على اقتحام مطابخ السفينة وجلبوا من داخلها السكاكين لمحاولة إقناع الآخرين أنهم تعرضوا للهجوم بالسلاح الأبيض فاضطروا للرد بالرصاص الحي. وبحسب تورال فإن السفينة كانت مجهزة طبيا بشكل يمكنها من إجراء عمليات جراحية عند الضرورة، وقد حاول أحد الأطباء إسعاف جريح ينزف فانهال عليه الجنود بالضرب وهددوه بالقتل. كُبل الركاب وحُبسوا داخل السفينة في ظل ظروف صحية ونفسية صعبة بعدما ظهر لهم حجم الكارثة وعدد القتلى والجرحى، واقتيدوا إلى ميناء أسدود حيث تم الاعتداء بالضرب على بعضهم، ثم اعتقلوا واستجوبوا لساعات طويلة مرهقة، ثم أطلق سراحهم. وأكد قائد السفينة بولند يلدرم من جهته أن المتضامنين مع غزة عانوا ظروفا صعبة خلال فترة الاعتقال، وأجبروا على تناول أطعمة ومياه شكوا فيها ما اضطرهم لإجراء تحاليل طبية مباشرة بعد عودتهم إلى تركيا. وبحسب تقرير معهد الطب الشرعي في إسطنبول، فإن الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" تسبب في مقتل تسعة أشخاص، أصغرهم يبلغ من العمر 19 عاما. آية الله تيكين أحد الذين أصيبوا في الهجوم الإسرائيلي قال في حوار صحفي إن السفينة تحولت مع بدء الهجوم إلى برك دماء، مؤكدا أن دفاع الركاب عن أنفسهم بوسائل بدائية ووجه بعنف شديد وبرصاص حي من طرف الجنود والمروحيات. تحقيقات نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في بداية يناير 2015 تقريرا عن رفع ناشطين بريطانيين دعوى قضائية ضد الجنود الذين هاجموا سفينة مرمرة، مؤكدة أنهم قد يلاحقون في بريطانيا إذا دخلوها مستقبلا. واستلمت الشرطة البريطانية أدلة اتهام خمسة عسكريين إسرائيليين بارتكاب جريمة حرب في الهجوم على السفينة، وذكرت الصحيفة نفسها أن تقريرا لمجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة بين أن أحد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة وعمره 19 عاما قتل برصاصات عدة، إحداها في الوجه، أطلقت عليه وهو ملقى على الأرض. ونددت عدة دول ومنظمات حقوقية وإنسانية عالمية بالهجوم الذي فجر أزمة كبيرة بين تركيا وإسرائيل، ودخلت تل أبيب في مفاوضات مع أنقرة لطي الملف من خلال دفع تعويضات لذوي القتلى والتعويض عن الخسائر التي لحقت بالسفينة، لكن من دون أن تحقق تلك المفاوضات نتائج تذكر. وكانت أنقرة طالبت بتحقيق دولي في الحادث، فيما تقدمت جزر القمر بشكوى ضد إسرائيل لأن السفينة التركية مسجلة لديها. غير أن المحكمة الجنائية الدولية أعلنت في نوفمبر 2014 أنها لن تلاحق إسرائيل بسبب هجومها على سفينة مرمرة. وفتحت محكمة إسبانية تحقيقا في الحادث بناء على دعوى رفعتها الحملة الأوروبية لفك الحصار عن غزة، غير أن المحكمة ما لبثت أن حفظت التحقيق يوم 11 يونيو2015، وقالت إنها أغلقت القضية المتهم فيها نتنياهو وعدد من وزرائه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وتركت المحكمة الباب مفتوحا أمام إمكانية إعادة فتح ملف القضية من جديد في حالة ما إذا وطأت أقدام المسؤولين الإسرائيليين أرض إسبانيا، لكنها لم توضح الخطوات التي ستتخذ في حالة قيامهم بذلك. وكانت الحكومة المقالة في غزة برئاسة اسماعيل هنية قد بادرت إلى تكريم قتلى السفينة بافتتاح نصب تذكارية في الذكرى الأولى لوقوع الهجوم، وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في كلمة له خلال المراسيم يوم 31 مايو 2011 أن "جريمة أسطول الحرية 1 كشفت الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني". قررت المحكمة الجنائية الدولية، إعادة النظر في قرار "اتخذته سابقًا بعدم التحقيق في قضية الاعتداء الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة التي كانت متجهة لفك الحصار عن قطاع غزة المحاصر عام 2010. "العدل الدولية" تعيد التحقيق ومن جانبها أعلنت المدعية في المحكمة الدولية "فاتو بنسودا"، في نوفمبر 2014، "أن إسرائيل ارتكبت جريمة حرب بهجومها على مافي مرمرة، إلا أن حجم الحادث لا يجعله يدخل ضمن نطاق عمل المحكمة". وأوضحت المحكمة، في بيان أصدرته مساء أمس الخميس، "أنها ستعيد النظر في قرارها السابق بعدم التحقيق في قضية السفينة". نتنياهو يرفض وبالمقابل وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نيتنياهو"، قرار المحكمة الجنائية الدولية ب"السياسي والمضحك". وقال نتنياهو في بيان صادر عنه، فجر اليوم الجمعة، "إنَّ الجنود الإسرائيليين تحركوا وفق القوانين الدولية من أجل إيقاف سفينة أرادت خرق حظر بحري مفروض من قبل لجنة مؤلفة من القضاة والمراقبين الدوليين ومكلفة من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة". يذكر أن قوات تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية، هاجمت بالرصاص الحي والغاز سفينة "مافي مرمرة" (مرمرة الزرقاء)، أكبر سفن أسطول الحرية الذي توجّه إلى قطاع غزة لكسر الحصار منتصف عام 2010، وكان على متنها أكثر من 500 متضامن معظمهم من الأتراك، وذلك أثناء إبحارها في المياه الدولية، في عرض البحر المتوسط، ما أسفر عن مقتل 10 من المتضامنين الأتراك، وجرح 50 آخرين.