"مصر تكافح من أجل استرداد ملايين مبارك"..هكذا عنون موقع " المونيتور" الأمريكي تقريرا له سلط فيه الضوء على التحديات التي تواجه السلطات في استرداد أموال الرئيس الأسبق حسني مبارك وكبار مساعديه وموقف سلطات الدول المتواجد بها تلك الأموال في ضوء تبرئة مبارك ونظامه من جانب القضاء المصري. وإلى نص التقرير:
في يوليو من العام 2012، قام المدعي العام السويسري مايكل كريستوف لوبر بتجميد 700 مليون فرنك سويسري (761 مليون دولار) في البنوك السويسرية، وهي باسم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال و31 من كبار مساعديه،من بينهم رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي.
واستند الإجراء الذي اتخذه لوبر على وثائق حصل عليها من الحكومة المصرية في أعقاب ثورة ال 25 من يناير 2011 والتي تثبت تهريب تلك الأموال إلى خارج البلاد.
واستلمت وزارة العدل المصرية خطابا رسميا في17 يونيو المنصرم من مكتب المدعي العام السويسري يفيد بأن التحقيقات المتعلقة باتهام مبارك ونظامه بالانضمام ل ودعم تنظيم إجرامي قد توقفت في أعقاب تبرئة مبارك ومساعديه من جانب القضاء المصري، غير أن التحقيقات مع مبارك ومساعديه ال 31 في قضايا غسيل الأموال لا تزال جارية وستظل الأموال مجمدة.
وبعد إصدار مكتب المدعي العام السويسري هذا القرار، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في ال 25 من يونيو المنصرم قانونا جديدا برقم 28 لسنة 2015، بإنشاء لجنة قومية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة في الخارج .
ويترأس النائب العام تشكيل هذه اللجنة المعنية باسترداد الأموال المصريّة في الخارج، على أن يكون رئيس جهاز الكسب غير المشروع نائباً لرئيس اللجنة، مع عضوية ممثلين عن أجهزة سيادسة منها المخابرات والإنتربول ومباحث الأموال العامة وهيئة الرقابة الإدارية.
ولهذه اللجنة الحق في تلقي طلبات الصلح المقدمة من المتهمين المدرجين على قوائم التجميد في الخارج، أو وكلائهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية، ويترتب على قبول طلب التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها.
وربما يشجع هذا الأشخاص على سداد المدفوعات المستحقة للحكومة نظير تسامح الحكومة معهم في القضايا المتعلقة بنهب المال العام وتهريبه للخارج.
وتأتي تلك الخطوة بعد إنشاء سبعة لجان رسمية وشعبية لغرض استرداد الأموال المهربة من الخارج منذ ثورة ال 25 يناير وحتى الآن، لكنها فشلت جميعا في في تحقيق هذا الهدف المنشود. وقد أنفقت تلك اللجان 500 مليون جنيه مصري (ما يعادل 65 مليون دولار أمريكي تقريبا) على بدلات السفر والإقامة لأعضائها، إضافة إلى التعاقد مع مكاتب محاماة دولية لاسترداد تلك الأموال.
وتحدث وزير العدل السابق بين عامي 2012 و2013 المستشار أحمد مكي ل"المونيتور" قائلا: "إن الموقف المصري في استرداد تلك الأموال ضعيف، نظراً إلى عدم صدور أحكام قضائية مصرية نهائية ضد مبارك ومساعديه، حيث يمكن بعد الاطلاع على حيثيات تلك الأحكام من الأنظمة القضائية للدول التي قامت بتجميد تلك الأموال مثل سويسرا، أن تصدر الدوائر القضائية هناك أحكام برد تلك الأموال المهربة إلى الجانب المصري”.
وأضاف مكي أن " الدول التي توجد لديها تلك الأموال تستفيد حكوماتها من تجميدها لأنها لا تقوم بدفع فوائد عليها للمودعين. فكلما طالت فترة التجميد، زادت أرباح تلك الدول، لذا لا توجد نية صادقة لرد تلك الأموال.”
وتابع: “ عندما كنت وزيراً للعدل، ناقشت مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري استرداد الأموال المهربة في الولاياتالمتحدة، وكان ذلك في مارس 2013. وتواصلت بالفعل مع السفيرة الأميربكية في القاهرة آن باترسون آنذاك والتي صدمتني شخصياً عندما قالت إن المعلومات المتوافرة لديها عن أموال مبارك في أمريكا تقدّر ب3 مليون دولار فقط.
وطالبت باترسون الجانب المصريّ بتحديد قيمة الأموال والبنوك التي توجد فيها وإثبات أنها أموال غير شرعية على الرغم من أن الولايات المتّحدة لديها أنظمة دقيقة لمراقبة الأموال وتتبعها. وطلبت منها أن تقوم الولاياتالمتحدة بدورها في محاربة الفساد في دول العالم النامي، وأن ترد هذه الأموال إذا كانت جادة في تلك الحرب على الفساد من دون انتظار الأحكام القضائية المصرية".
من جهته، قال الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة بني سويف السابق في تصريحات حصرية ل "المونيتور" إنه " متفائل جدا باللجنة الجديدة التي شكلها الرئيس السيسي، حيث أن هذه اللجنة تسمح وللمرة الأولى بالتصالح مع المتهمين في قضايا استيلاء على المال العام عن طريق ردهم الأموال المنهوبة مقابل إسقاط التهم عنهم.”
واستطرد رفعت بقوله إن " االقانون المصري يسمح بالتصالح في قضايا عدة منها قضايا العملة والضرائب والجمارك كما أن الشريعة الإسلامية تسمح بالتصالح في قضايا القتل عن طريق دفع الدية. وستوفر إمكانية التصالح الوقت والأموال الطائلة التي تدفع لمكاتب المحاماة الدولية وبدلات السفر لأعضاء تلك اللجان.”
وأشار المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي ل"المونيتور" إلى أن دور الخارجية يتمثل في توصيل طلبات الإنابة القضائية الدولية إلى الدول التي لديها الأموال المطلوب استردادها. وكل الأمور الأخرى قضائية بحتة من اختصاص المؤسسات القضائية والأجهزة الرقابية.