خطأ في صياغة بيان سياسي صادر عن جماعة الإخوان المسلمين بشأن تمثيلها فياللجنة التنسيقية لجماهير الثورة كشف عن أزمة عميقة داخل الجماعة، هذا الخطأ لميكن عاديا، فقد ذكروا اسم اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة المصرية على أنهااللجنة التنسيقية لحماية الثورة المصرية.وبسؤال الدكتور محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان المسلمين وأمين التنظيم حولعدم وجود كيان سياسي في مصر باسم اللجنة التنسيقية لحماية الثورة أجاب إنهاتلك اللجنة الخاصة بتنسيقية الثورة.وعندما سئل عما اذا كان يعنى اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، التى هم أعضاءفيها، قال نعم هي هذه اللجنة!!.ويبدو من سياق هذه المحادثة أن عدم معرفة الأمين العام لجماعة الإخوانالمسلمين باسم اللجنة التي تضم 10 حركات سياسية من بينها الإخوان المسلمينوائتلاف شباب الثورة يعكس عدم تقدير الجماعة لتلك اللجنة واقتناعهم بأن كيانهمالسياسي أقوى من كل تلك الكيانات، كما يعكس استخفافا بالكيانات السياسية التيأنشأها الشباب بعد ثورة 25 يناير.خطأ التسمية الذي ورد في بيان رسمى، وتم نشره على الموقع الرسمي للجماعة ولميتم تصويبه حتى الآن، يعكس استخفافا بشباب الثورة بصفة عامة وشباب الإخوان بصفةخاصة، وهو بالضبط مكمن الأزمة التي تعانى منها الجماعة منذ فترة بما يهدد بالمزيدمن الانشقاقات والتحديات لسلطة الشيوخ وغلبة التنظيم على العمل السياسي المنفتحعلى كافة الاتجاهات والقوى السياسية في المجتمع.الأزمة الأخيرة بين شيوخ الجماعة وشبابها، تفجرت بسبب المشاركة فيما سمي بجمعة الغضب الثانية يوم 27 مايو، بعد أن قررت الجماعة عدم المشاركة فى هذهالفعالية، مما اعتبره بعض المراقبين خطوة تنذر على المستوى الداخلي بتزايد التوتربين قيادات الجماعة وشبابها الذين عارضوا عدة قرارات لمكتب الإرشاد وخاصةمشاركتهم بمظاهرات الجمعة الماضية التي عارضتها الجماعة.وقال الأمين العام محمود حسين في تصريح مقتضب نشر على الموقع الإلكترونيللإخوان إن الجماعة تعلن أن من يمثلها في اللجنة التنسيقية لحماية الثورة هماالأستاذ عادل عفيفي والدكتور أسامة ياسين، وأنه لا يمثلها الآن أحد في ائتلافشباب الثورة.ولم يذكر المسئول بالحركة أية أسباب للتصريح، كما لم يعلن ما إذا كان شبابالإخوان الأعضاء بائتلاف الشباب قد انسحبوا منه أم أنهم انسحبوا من التنظيم ولميعودوا ممثلين للإخوان. علما بأنه يوجد أربعة أعضاء ينتمون للإخوان في قياداتالائتلاف الشبابي.من جانبه، أعلن العضو الإخواني البارز بالائتلاف محمد القصاص رفضه وباقيزملائه المنتمين للجماعة الانسحاب من الائتلاف، معربا عن دهشته من القرارالمفاجئ.ورفض القصاص وضع تفسيرات لهذه الخطوة، وقال فوجئنا بالخبر، ولا نعلم له سببا،ولم يصلنا القرار بشكل رسمي، لكن موقفنا ثابت أننا لن نترك الائتلاف.وأكد القصاص أن شباب الإخوان موجودون في الائتلاف قبل يوم 25 يناير وبعده،وأنهم أعلموا الجماعة بعضويتهم في الائتلاف وأخذوا منها موافقة على ذلك.وقال نحن ممثلون لشباب الإخوان في الائتلاف منذ أول يوم لتأسيسه وسنستمر رغمأية قرارات تصدرها قيادة الجماعة.وأقر القصاص باتساع الهوة يوما بعد يوم بين شباب الإخوان وقادتهم في مكتبالإرشاد، وقال إن الحوار مفقود مع القيادة وإن الأوامر تأتي إلى الشباب دونمناقشة، وإن حلقات الوصل بين الشباب والقيادة غير فاعلة وقليلة.وتعليقا على هذه التطورات، أبدى عضو ائتلاف شباب الثورة شادي الغزالي حرباستياءه من القرار.وأكد أن شباب الإخوان مازالوا ممثلين داخل الائتلاف، وأنالقرار التنظيمي الخاص بقيادة الجماعة لا يسري على هؤلاء الأعضاء، مذكرا بمواقفعدة تبنى فيها شباب الإخوان مواقف مغايرة لقيادتهم.وشدد الغزالي على تمسك الائتلاف بكافة أعضائه المنتمين لجماعة الإخوانالمسلمين، كما أشاد بالدور الفاعل والنشط لهؤلاء الشباب قبل الثورة وبعده ومنخلال الائتلاف، ومشاركاتهم في فعاليات عدة رغم معارضة الجماعة.كما لم يوافق شادي الغزالي حرب على تصريحات تقول إن قيادة الجماعة قدمت شبابهاالمشاركين في مظاهرات الجمعة قربانا للمجلس العسكري للقوات المسلحة الذي بداغضبه واضحا من هذه المظاهرات.ورجح الناشط الشبابي أن يكون النجاح اللافت لمظاهرات الجمعة الماضية -التيرفضت الجماعة المشاركة فيها- هو السبب وراء الموقف المفاجئ بإعلان عدم وجودممثلين للجماعة في ائتلاف شباب الثورة.ولفت إلى تحرك الكثير من شباب الإخوان منذ فترة طويلة بعيدا عن الأطرالتنظيمية للجماعة خاصة ما يتعلق بالمواقف التي تتبناها باقي القوى الوطنية.ويعتبر مراقبون ان الأزمة الحالية داخل جماعة الإخوان المسلمين تمثل الموجةالثالثة من الانشقاقات التي تعانى منها الجماعة خلال العقدين الماضيين، والتيبدأت بانشقاق شباب حزب الوسط بقيادة أبو العلا ماضي، وعصام سلطان أوائلالتسعينيات، ثم جبهة الإصلاح الإخوانية عام 2000 ومن أبرز أعضائها مختار نوحوخالد داود وإبراهيم الزعفراني، وأخيرا الموجة الحالية التي يتزعمها الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مجلس شورى الجماعة.ومجموعة من شباب الجماعة من ائتلاف شبابالثورةويؤكد المراقبون أن التمرد الأخير يتميز بعدة صفات من بينها أن الحركة تضملأول مرة عضوا قياديا كبيرا بحجم عبد المنعم أبو الفتوح مدعوما بعدد غير قليل منشباب الجماعة الذين يرفضون سيطرة كبار السن ويطالبون بالسماح لهم بتأسيس أحزابجديدة والانضمام لأحزاب قائمة تماشيا مع روح ثورة 25 يناير.ويعارض شباب الإخوان قرار الجماعة بعدم خوض انتخابات الرئاسة المقبلة، ولعلذلك ما دفع الأزمة للدخول لمنعطف مهم بعد أن ألمح المرشد العام للجماعة الدكتورمحمد بديع إلى إمكانية شطب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من سجلات الجماعة إذااستمر في خطته الرامية للترشح في انتخابات رئاسة الجمهورية أو تأسيس حزب سياسيجديد.كان أبو الفتوح، قد هاجم فكرة حزب الجماعة في ندوة باتحاد الأطباء مؤخرا،واصفًا إياه بأنه سيكون حزب التنابلة، وسيعتمد على الرصيد التاريخي للجماعة، ولنيكون له من الآليات ما يمكنه من التواصل الشعبي الحقيقي.ورد المرشد العام للإخوان المسلمين على تصريحات أبو الفتوح بلغة هادئة بالقولإن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أخ عزيز، وعاهد الله على الالتزام، من خلالطاعة قيادة الجماعة، والالتزام بلوائحها وقواعدها، وعليه أن يفي بعهده، مشددًاعلى أنه لا يعبِّر عن الجماعة سوى مرشدها ونوابه والمتحدثين الإعلاميين عنها.وقال إن الإخوان المسلمين جماعة مؤسسية، ولها ضوابط عديدة في تقديم اقتراحاتتطوير وإصلاح الجماعة داخليًّا، مشيرًا إلى أن الجماعة لا تتعلق بأشخاص وإنماترتبط بالمنهج.وأضاف أن جماعة الإخوان قدمت لمصر نموذجًا مميزًا، من خلال طرحها على القوىالوطنية إنشاء قائمة موحدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لإزالة فزع تلكالقوى الوطنية من الكتلة التصويتية للإخوان، وحتى تكون الكتلة التصويتية معهموليست ضدهم وفي مصلحة الوطن.وكما أكد في أول حوار يدلى به مرشد عام للإخوان المسلمين لوكالة أنباء الشرقالأوسط منذ إنشائها عام 1956، والذي بثته الوكالة يوم 14 ابريل الماضي، جددالدكتور محمد بديع فى تصريحات للتليفزيون الرسمي المصري أذيعت الليلة الماضية عدموجود صفقات سياسية بين الأخوان والمجلس العسكري الحاكم، وقال إن الإخوان لايعقدون صفقات سوى مع الشعب المصري.في السياق ذاته، أوضح المرشد العام للإخوان المسلمين أن الخلاف في جماعةالإخوان خلاف طبيعي، يدل على تنوع الآراء، حيث يرحب بجميع الاقتراحات التي تمتقديمها لإصلاح الجماعة، لكن من خلال المسارات الصحيحة والرسمية للجماعة.وأكد أنه جلس مع أكثر من 900 من شباب الإخوان لتلقي الاقتراحات، وكلهم مسئولونفي شعب الجماعة ولجانها المختلفة، مشيرًا إلى أنه أسس مشروعًا يحمل اسم أسامة بنزيد، يطرح إسقاط شرط السن عن الشباب المؤهلين للقيادة، ليكونوا واجهة للجماعة،مشيرًا إلى أنه مستمر في تنظيم لقاءات مع شباب الإخوان في كل محافظات الجمهورية.ويبقى في النهاية السؤال: هل سيكون بمقدور تلك الاجتماعات، والحلول التي تمتكليف المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة بتنفيذها، هل بمقدورهاإزالة احتقان الشباب داخل التنظيم وبين صفوف الجماعة.يبدو أن الإجابة ليست بالإيجاب حتى الآن لدرجة أن أستاذ التاريخ المعاصرالدكتور عاصم الدسوقي توقع حدوث المزيد من الانشقاقات داخل صفوف الجماعة.وأشار الدسوقي حسبما جاء بجريدة الخليج الإماراتية إلى أن هناك بوادر تمردمن قبل شباب الجماعة بدأت في الظهور وهو ما يصطدم مع الطبيعة التنظيمية الصارمةللجماعة.. والمستقبل مفتوح على كافة الاحتمالات.