:فى رسالة بتاريخ اليوم الاثنين حول احداث امبابة وصف حمدين صباحى احد المرشحيين المحتملين للرئاسة ماجرى بالمؤلم واشار إلى أن مصر تمر بمفترق طرق وفيما يلى نص الرسالة التى تلقت النهار نسخة منها.مسلم ومسيحى .. إيد واحدةكان هذا هو الشعار الذى رددته حناجر الملايين معا فى ثورة 25 يناير فى ميدان التحرير وكافة ميادين مصر أثناء أعظم 18 يوم فى تاريخنا الحديث ، جاء الشعار تلقائيا بليغا بسيطا معبرا عن حقيقة المصريين ووحدتهم وتسامحهم وتكاتفهم .. متجاوزين بذلك الكثير من محاولات زرع الفتنة الطائفية منذ سبعينيات القرن الماضى وكلها كانت محاولات مفتعلة يقف خلفها فاعل سياسى داخلى أو خارجى لتشويه وعى المصريين وإلهائهم عن حقيقة وحدتهم ومشاكلهم وأزماتهم الحقيقية .هذه الثورة كشفت عن أجمل ما فى المصريين وأكدت بما لايدع مجالا للشك أن الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه نسيج واحد ، يصلى مسلميه صلاة الجمعة فى حماية إخوانهم المسيحيين ، ويقيم مسيحييه قداس الأحد فى حماية أشقائهم المسلمين ، ويواجهون معا الموت والشهادة ، ويضحون معا بأرواحهم ودمائهم فى سبيل التحرر من نظام فاسد مستبد ، ويقضون معا ليالى الثورة للحلم بمستقبل الحرية والكرامة والنهضة .بعد كل هذا الحس الإنسانى الراقى والوعى الدينى المستنير وقيم التسامح والتكاتف التى ظهرت بين المصريين وكشفت حقيقة معدنهم ليتغلبوا معا على أكذوبة الفتنة الطائفية التى جرى الترويج لها على مدار سنوات طويلة ، يصبح مؤلما ومريرا علينا جميعا أن نشاهد ونسمع أحداث اليومين الأخيرين من اشتباكات تأخذ الصبغة الطائفية مجددا ..لقد عشنا على مدار أيام الثورة معا دون أن نسمع عن اشتباك بين مسلم ومسيحى ، ولم نسمع خبرا عن اعتداء واحد على كنيسة أو مسجد ، أما الآن فنرى جريمة حرق كنائس وتهديد بالرد بحرق مساجد واشتباكات لا يمكن قبولها بين مسلمين ومسيحيين بدأت فى إمبابة وتصاعدت فى مناطق أخرى على مدار يوم أمس .لقد عاش ملايين المصريين أمس وأول أمس ساعات مؤلمة وحزينة وهم يتابعون ما يجرى ويستعيدون معا فى البيوت والشوارع والمقاهى ذكريات علاقاتهم المشتركة مسلمين ومسيحيين فى زمن لم يكن فيه دين المواطن أساسا للتمييز .. وإذا كانت تلك مشاعر ومواقف المصريين الحقيقية ، والتى تجلت فى أزهى صورها فى الثورة ، فإنه لا يمكن بأى حال الآن أن نقبل محاولات البعض من بقايا النظام الفاسد أو المتعصبين دينيا محاولات إثارة الفتنة وتحويلها إلى نار تلتهم الوطن بأكمله ..اليوم ونحن نمر بهذه الأزمة الخطيرة التى تقف ورائها أيدى خبيثة صاحبة مصلحة فى تشويه صورة الشعب المصرى وثورته العظيمة وإعادتنا إلى عهد ما قبل الثورة مرة أخرى ، فإننا نؤكد أننا لن نسمح لكائن من كان ، سواء من فلول النظام السابق التى سنقضى عليها جميعا ، أو لمتعصبين دينيا إما أن يلتزموا بقيم وتراث هذا المجتمع ووحدته الوطنية وإما يكونوا محلا لمسائلة القانون ، أو لبلطجية يحاولون ترويع المواطن المصرى مسلما كان أو مسيحيا ، أن يهدد أى من هؤلاء أو غيرهم وحدة مصر الوطنية وتماسك نسيجها الاجتماعى وحقيقة أن شعب مصر كله يد واحدة لانجاز واستكمال مهام الثورة وتمكينها وتطهير البلاد من الفساد والفاسدين ، ويد واحدة فى بناء نظام جديد ديمقراطى عادل مستقل ، ويد واحدة فى بناء مشروع نهضة الوطن وكرامة المواطن .إننى وإذ أتقدم بخالص العزاء لأسر الشهداء من المسيحيين والمسلمين الذين سقطوا نتيجة اشتباكات اليومين السابقين ، وأدين فى الوقت ذاته بعض المحاولات من قلة لا تعبر بالتأكيد عن جموع مسيحيى مصر لاستجداء أمريكا وسفارتها لحمايتهم ، وأستنكر تماما أفعال بعض المتعصبين دينيا الذين لا يعبرون بالتأكيد عن جموع مسلمى مصر من اعتداء على الكنائس وجرائم ضد اخواننا المسيحيين ، ولا يفوتنى أن أحيى مواقف الكثير من الرموز الوطنية وقادة الرأى والفكر والشيوخ والقساوسة الذين أدانوا ما جرى وأكدوا باستنارة ووعى رفضهم واستنكارهم له ، فإننى أشدد على أهمية أن يلعب المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكومة د. عصام شرف دورهم فى وأد تلك الفتنة المفتعلة فورا ومحاسبة كل من يثبت تورطه فى التخطيط أو التنفيذ فى تلك الجريمة ، وضرورة أن يعود الأمن المفتقد إلى الشارع المصرى فورا لحماية أمن المواطن وتعقب البلطجية والمجرمين ، وأن نسارع فى استكمال خطوات مواجهة الفاسدين الذين تسعى ذيولهم الآن لتعطيل محاكماتهم بإشعال نار الفتنة لإلهاء المصريين عن استكمال مهام الثورة وعن بناء نهضة وطنهم .إننا على الرغم من مرارة وصعوبة أحداث اليومين الأخيرين ، إلا أننا وفى قلب كل الأحداث المؤسفة التى جرت شاهدنا أيضا دلائل على وحدة المسلمين والمسيحيين ، من لجان شعبية تشكلت منهم معا لحماية الكنائس والمساجد ، وبعض المظاهرات التى خرجت للتنديد بما جرى فى مناطق مختلفة ، ومساعدة المسلمين لإخوانهم المسيحيين والعكس فى نجدتهم ونقلهم للمستشفيات لتلقى العلاج اللازم .. إن هذه الروح وهذه المشاهد رغم بؤس المشهد العام ، إلا أنها دلالات واضحة لا ينبغى لأعيننا أن تغفلها ولا لوعينا أن تغيب عنه ، لأنها هى الإشارات الصحيحة والحقيقية على قيم وأخلاق وروح الشعب المصرى .وأدعو كل مصرى ومصرية ، مسلم ومسيحى ، إلى مواجهة هذه المحاولة المغرضة للنيل من وحدة شعبنا ، والتحلى بضبط الأعصاب فى مواجهة أى شائعات مغرضة أو ممارسات مرفوضة لاثارة فتنة طائفية لم ولن يكون لها مكانا بيننا أبدا بمشيئة الله ووعى الشعب .مصر الآن فى مفترق طرق ، ولن نسمح لأحد أبدا أن يهدد وحدتنا .. عاشت مصر وطنا لكل المصريين ، ومعا نبنى مصر دولة مدنية ديمقراطية عادلة مستقلة .حمدين صباحىالأثنين 9 مايو 2011