لم تعد قضية الأوزون مشكلة محلية أو إقليمية، بلأصبحت شأنا عالميا، يحتاج إلى تضافر الجهود لمواجهة الأخطار التي قد يحملهاالمستقبل .. لما له من أثار صحية وبيئية خطيرة لا على الإنسان وحده، بل علىالحيوان والنبات والنظم البيئية الآخرى.فقد ذكر فريق عمل معني بالتقويم البيئي وتابع لبرنامج الأممالمتحدة لشئونالبيئة - في تقرير له - أن استنزاف طبقة الأوزون والزيادة الناتجة في الأشعة فوقالبنفسجية قد يؤديان إلى تعجيل معدل تكون الضباب الدخاني الذي يبقى معلقا فيالأجواء لأيام عدة مثلما حدث في لندن عام 1952 عندما ساد الضباب الدخاني جو هذهالمدينة وحول نهارها إلى ليل على مدى بضعة أيام، وأدى إلى خسائر فادحة في الأرواحوصلت إلى حوالي 4 آلاف حالة وفاة.كما أن تآكل درع الأوزون قد يؤدي إلى زيادة في معدلات سرطان الجلد بنسبة26% .. بما يقدر بحوالي 300 ألف حالة سرطان جلد سنويا، وستكون حصة أمريكا فقط مايقرب من 180 مليون حالة خلال 80 سنة، إن لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل فاعل لوقفاستنزاف طبقة الأوزون.ومن الأخطار الصحية الآخرى لمشكلة تدهور حالة طبقة الأوزون حدوث مرض المياهالبيضاء، (أي إعتام عدسة العين) .. حيث أن نفاد الأوزون بمعدل 10% قد يتسبب فيإصابة حوالي 7ر1 مليون شخص سنويا، بهذا المرض نتيجة تعرضهم للأشعة فوق البنفسجية،إضافة إلى إصابة العين بمرض الماء الأزرق، لعدم قدرتها على مقاومة هذه الأشعة،كما أن الكميات المتزايدة من الأشعة فوق البنفسجية، والتي تخترق طبقة الأوزون،تضعف فعالية جهاز المناعة عند الإنسان، وهذا ما يجعل الأشخاص أكثر عرضة للاصابةبالأمراض المعدية، الناتجة عن الفيروسات مثل الجرب، وكذلك الناتجة عن البكتيرياكمرض السل، والأمراض الطفيلية الآخرى.ولا تتوقف الأثار السلبية لتقليص طبقة الأوزون على البشر وحدهم، حيث يسهمتدمير طبقة الأوزون واتساع الثقب في هذه الطبقة في زيادة درجة حرارة سطح الأرضوبالتالي يؤدي ذلك إلى ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري.وأشار التقرير إلى أنه لعل أكثر المناطق تضررا هى المنطقة المدارية، نتيجةارتفاع درجة الحرارة، وقوة أشعة الشمس، كما تشير بعض البحوث إلى أن نصف النباتاتالتي درست حساسة للاشعاعات ينخفض إنتاجها ويصغر حجم أوراقها ما يؤثر في إنتاجالمحاصيل الزراعية، وأن هناك احتمالات لتناقص إنتاج فول الصويا بنسبة 23% نتيجةتعرضها لهذا النوع من الإشعاع .. إضافة إلى أن التراكيب الكيميائية، لبعض أنواعالنباتات، قد تتغير بسبب هذا الوضع، مما يضر بمحتواها من المعادن وقيمتهاالغذائية، بصورة عامة.ومن ناحية آخرى فهناك مخاوف من إضعاف تجمعات الكائنات الحية الدقيقة، الموجودةفي مياه البحار والمحيطات والمعروفة بالعوالق النباتية، نتيجة تعرضها للأشعة فوقالبنفسجية، وتعتبر هذه الكائنات أساسا مهما لسلسلة الغذاء في الأنظمة البيئيةالمتواجدة في المياه العذبة والمالحة، وفي مقدمتها الأسماك والربيان وغيرها.وتقوم العوالق النباتية أيضا بدور كبير في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون فيالجو وبذلك تخفف من وطأة الاحتباس الحراري، كما أنها تطلق الأكسجين الضروريلاستمرار الحياة.وأوضح التقرير أن عنصر الأوزون من الأوكسجين الجوي والاختلاف بينه وبينالأكسجين الجزيئي هو أن الأول متحد ثلاثيا في حين أن الأوكسجين الجزيئي، كما هىحالته الطبيعية التي نستنشقها، مكون من ذرتين من الأوكسجين، وتحدث عملية اختزالالأوكسجين الجزيئي، الذي يصل إلى طبقات الجو السفلى إلى أوزون فوق المناطقالمدارية، وذلك بفعل الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة، ذات الموجات 240 - 300نانومتر، ومن هناك ينتشر الأوزون في طبقة الغلاف الجوي على ارتفاعات تتراوح بين20 و 50 كيلومترا فوق سطح الأرض.ويعتبر الأوزون أحد المكونات المهمة في الجو، إلا أن تنفس الهواء الغنيبالأوزون يؤثر في الجهاز التنفسي والجهاز العصبي وينتج عن ذلك ضيق في التنفس،والصداع والإرهاق وتظهر هذه الأعراض بوضوح بين صغار السن والشباب.جدير بالذكر أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة كانتقد أعلنت أن ثقب طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الإشعاعات المضرة فوق الدائرةالقطبية الشمالية بلغ أعلى مستوى له هذا الربيع وذلك بسبب استمرار وجود مواد ضارةفي الجو.