لا شك أن أخطر مميزات الشعب المصري هو اكتشاف الحكام الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وانتمائهم للعروبة والإسلام قولا وفعلا، هذه الميزة تجدها عند العامة من الشعب المصري التي تفرز النوعية الجيدة والنوعية الرديئة بل هذا الشعب العبقري يختزل بداخله تصرفات المسئولين ويمتلك حاسة كشف الكذب والخداع والتربح من خلال إحساسه الفطري والتلقائي بعيدا عن أقوال وأحاديث بعض النخب الفاسدة داخل الصالونات المكيفة والغرف المغلقة، ولذلك كان تعبير الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه ومفرداته وخاصة حزب الكنبة، تلك الكتلة الصامتة التي تعرف كل شيء عن أي شيء ولا تتكلم، ولكن كان رد فعلها في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين والعاشق لتراب مصر مختلفا ومعلنا وحزينا لدرجة أن أحد البسطاء من هذا الشعب العظيم اقترح أن يكون ميدان التحرير مكانا لتلقي العزاء في هذا الرجل الذي سنعرف مواقفه مع مصر وثورة 30 يونيو التي لم نعرف منها إلا القليل من الكثير. فلذلك كان هذا الحدث الرباني نقطة لإعادة تقييم الموقف والأمور التي ستكون عليها الرؤية المستقبلية للمملكة العربية السعودية بعد وداع خادم الحرمين، فأنا شخصيا لا أنسى عندما قابلته في القمة العربية بالرياض عام 2007، وعندما وقف أمام الحكام في ذلك الوقت قائلا لهم: "يجب أن نعترف أننا جميعا أخطأنا في حق شعوبنا " لكن للأسف الشديد لم ينتبه أحد لهذه المقولة الخطيرة،لأنهم لو كانوا تداركوا أن العصمة لا تكون إلا للشعوب وليس للأمريكان، لأيقنوا قيمة تعبير خادم الحرمين جيدا . وأخطر ما شدني وهو في دار الحق ونحن في دار الباطل، ولن ننافق أحدا مهما كان، لأننا نتحدث من خلال نوافذنا الإعلامية بكل القوة والصدق والصراحة ولصالح الوطن والمواطن، عندما ذهبت في إحدى زياراتي الإعلامية إلى الرياض، لفت نظري أنه لأول مرة أرى أن المواطنين السعوديين يعلقون صورة الملك عبد الله على نوافذ السيارات، وهذا لم أره من قبل لأي حاكم سعودي، فسألتهم لماذا خادم الحرمين الملك عبد الله فأجابوا باختصار "إنه بدوي وهو منا ونحن منه ولا فرق بيننا وبينه، هكذا علمنا وتعلمنا". وكان موقف الملك عبد الله من الإخوان والإرهاب لا يتجزأ، فكانت رؤيته المعلنة والحاسمة، دعم الشعب المصري في ثورة 30 يونيو والرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل خاص، والذي اعتبره أنه المنقذ الحقيقي للأمن المصري والأمن القومي والعربي، فلذلك كانت طبيعة العلاقة مع مصر وشعبها ذات طابع خاص واستثنائي. وعند عودته من رحلة العلاج كانت إطلالته الأخيرة على مصر عبر نافذة الطائرة التي حطت بمطار القاهرة كأنه يودعها وتودعه، ولم تمض إلا أيام قليلة وودعناه إلى مثواه الأخير. ولأننا عشقنا كلماته فأحببناها، فبقيت كلماته تمثل ومضة أمل في هذا الثوب الأسود المليء بالآهات لما وصل إليه حال العرب وعالمنا الإسلامي اليوم. واستوقفتني وصايا الملك عبدالله لابنه الأمير ترك أمير منطقة الرياض قائلا له أثناء تأدية القسم أمام خادم الحرمين "بارك الله فيك ... وأحثك على المواطن أول شيء وقبل كل شيء ...المواطن أهم عليك مني أنا، لأن حق المواطن حق لي أنا، وأريد منك الصبر والتأني والتحري وكل خبر يجيئك تأكد منه، والله يضع فيك البركة". ومن ضمن الأشياء التي شدد عليها الملك عبد الله رحمة الله عليه عندما اجتمع بأخويه الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير مقرن بن عبد العزيز وبعض أفراد العائلة أوصاهم بخدمة الدين الإسلامي والوطن والشعب السعودي، كما أوصاهم بإقامة العدل والإنصاف بين الناس وإقامة الحق حتى لو كان على أبنائهم وإخوتهم. هكذا كانت وصاياه الأخيرة قبل لقاء ربه، لتعكس كل الصفات والأسماء التي أطلقت على هذا الرجل، إنه كبير العرب وزعيمهم وخادم البشرية والإنسانية. رحم الله هذا الرجل وأدخله فسيح جناته... وإنا لله وإنا إليه راجعون. لغز شيماء الصباغ لماذا يشعر الجميع أن موت شيماء الصباغ لغز من الألغاز التي من المطلوب فك شفرتها حتى لا نعود إلى المربع رقم صفر في الطرف الثالث، فسقوط شيماء على رصيف طلعت حرب وهي تنادي بالحرية وترفع شعار الاحتفال ب25 يناير، ولم تتحرك من مكانها، مع مجموعة التيار الاشتراكي الذي كان جزءا مباشرا من سقوط هذه الإنسانة بخرطوش الاغتيال.. والسؤال: من الذي اغتال هذه الإنسانة التي كانت تحلم بممارسة أفكارها ومعتقداتها في مصر التي تتسع للجميع بعيدا عن لغة الرصاص والإرهاب، فلذلك يجب على الأجهزة الأمنية أن تسارع بكشف الحقيقة وإطلاع الرأي العام المصري عن من وراء قتل شيماء وإلا ستكون الداخلية هي المتهمة بقتلها. ولكن نريد أن نعرف أيضا، لماذا يصر التيار الاشتراكي أن يقفز على القانون، وهو يعلم أن هناك قانونا ينظم التظاهر، فلماذا لم يأخذ تصريحا سواء اتفقنا مع قانون التظاهر أو اختلفنا معه، فإصرار حزب التيار الشعبي الاشتراكي على الخروج فيه مخالفة للقانون ومحاولة كسر هيبة الدولة وتشويه وزارة الدخلية وبث بذور الكراهية بين الشعب وشرطته وجيشه، كل هذه الخروقات جعلتنا نضعه في قفص الاتهام أيضا وأنه مخالف لأبسط القواعد القانونية رغم أنه ينادي باحترام دولة القانون وينادي أيضا بدولة المؤسسات، فأي قانون وأي مؤسسات يطالب بها؟، فهل يجرؤ هذا التيار الشعبي على أن يذهب إلى إحدى الدول الغربية التي تدعي أنها أم الديمقراطية وحقوق الإنسان ويخرق قوانينها ويتظاهر بدون إذن وتصريح سابق، وإلا كان مصيره الإعدام رميا بالرصاص، وما حدث من الشرطة الأمريكية لمتظاهرين سلميين من السود بقتلهم رميا بالرصاص، ولم يحملوا المولوتوف ولا القنابل ولا حتى الشعارات، فالقضية يا سادة باختصار شديد هو محاولة تشويه الدولة المصرية ورئيسها السيسي بصفة خاصة أمام الخارج، إن مصر مازالت مرتبكة قبل المؤتمر الاقتصادي والانتخابات البرلمانية آخر خارطة الشعب المصري لبناء دولة المؤسسات وخاصة المؤسسة التشريعية وليس هدمها، وحرق الوطن. لا شك أن دولة اليمن وشعبها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط في مستنقع الحرب الأهلية، وأن الرابح الوحيد في هذا هو اللاعب المستتر والمعلن وهو إيران، التي لعبت بورقة الحوثيين أنصار الله وهم أبعد من يكونون عن الله والوطن، وملكة سبأ تستيقظ من غفوتها وتصرخ بأعلى صوتها من أعلى مئذنة في اليمن السعيد.. إنني لست سعيدة.. والشعب سيسقط في حافة المواجهة والصدام المسلح الذي سيجر البلاد والعباد إلى المجهول، فتنظيم القاعدة جاهز لإشعال الموقف والحوثيون للأسف الشديد يسيطرون على دار الرئاسة والأجهزة الأمنية والمقرات الحكومية والإعلامية وهادي يستقيل. فالحوثيون أو أنصار الله هم الوجه الآخر لحزب الله لأنها ما هي إلا ميليشيات مسلحة شيعية تريد تفكيك اليمن حتى يكون لها منفذ على البحر الأحمر وتفاوض وتقايض على أن تكون جزءا من الصراع والحل في آن واحد، وهذه هي المعادلة الخطيرة التي يجب أن تنتبه إليها مصر والسعودية بصفة خاصة لأن هذا يهدد حدودنا ومصالحنا في البحر الأحمر وخاصة أنها في المستقبل ستؤثر بالسلب على مشروع قناة السويس بعد التوسعة من خلال مرور السفن الكبيرة والحاملات عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتكون إيران جزءا من هذه البوابة التي كانت تحلم بالوصول إليها عبر الطرق المشروعة وغير المشروعة. فكانت ورقة الحوثيين هي الورقة الأخيرة واللعب على المكشوف لإيجاد ثغرة وفرصة أن تطل إيران على البحر الأحمر، ولا يمكن أن يمر ذلك الاستسلام المفاجئ لكل المواقع والأجهزة الأمنية اليمنية التي واجهت لسنوات طويلة تنظيم القاعدة وأوقفت الحوثيين وكشفت مخططاتهم إلا أن بوابتهم الجديدة كما يردد الباحثون والمحللون كانت عبر علي عبد الله صالح وحزب المؤتمر وكأنه عقاب للشعب اليمني الذي ثار عليه وأسقطه وكذلك رسالة قوية وفيتو صالحي لعبد ربه منصور إنك لن تستمر رئيسا لليمن بعدما تجرأت ووافقت على التصديق على العقوبات على صالح في الأممالمتحدة، فكانت القشة التي أعادت على عبد الله صالح إلى المشهد اليمني بقوة، ناهيك عن تحلله من اتفاقه مع الملك عبد الله رحمة الله عليه مستغلا مرضه ومتأكدا أن الملك عبدالله لن يتخذ موقفا رادعا ضده، فكل الظروف كانت مواتية له، بالإضافة إلى المبعوث الأممي جمال بن عمر وذهابه إلى الحوثيين في دارهم "صعدا" فكان هذا مؤشرا خطيرا على اتفاق الأممالمتحدة مع الحوثيين في الاستيلاء على اليمن، كل هذه التحليلات جعلتنا نقول إن صنعاء سقطت في يد الإيرانيين وأتباعهم الحوثيين.. وشكر الله سعيكم في اليمن غير السعيد.