بدأ الشتاء، وبدأ معه شبح الأنفلونزا يطل برأسه من جديد علي المصريين، بؤر للإصابة بأنفلونزا الطيور هنا، وأخرى لأنفلونزا الخنازير هناك، ثلاثة مواطنين دفعوا حياتهم ثمناً لفيروس أصبح متوطناً في بلادنا، والعدد قابل للزيادة رغم إعلان وزارة الصحة رفع حالة الطوارئ في مستشفياتها. حالة من الرعب انتابت المواطنون بسبب الأخبار التي ثبت يومياً عن ظهور الأنفلونزا في إحدى المحافظات، ورغم تأكيدات وزارة الصحة أن كله تمام، وأن التاميفلو متوافر في المستشفيات لمواجهة أي حالات إصابة بأنفلونزا عنيفة، إلا أن الرقم الساخن الذي خصصته الوزارة للرد على استفسارات المواطنين حول مرض الأنفلونزا خارج الخدمة دائماً، وهو ما زاد من حالة القلق حول إجراءات الحكومة. منذ ظهور أول حالة إصابة بشرية بأنفلونزا الطيور عام 2006 وحتي الآن، والمصريون يعيشون في حالة رعب دائم، فهناك 70 حالة وفاة بسبب هذا الفيروس الخطير منذ هذا التاريخ وحتى الآن، ومنذ أيام قليلة أعلنت وزارة الصحة عن وفاة ثلاث حالات خلال أسبوع واحد تأكد إصابتها بالفيروس لتصل عدد حالات الوفاة خلال هذا العام ل7 حالات من بين 14 حالة إصابة مؤكدة، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا خلال الأشهر القادمة ومع زيادة برودة الجو، حيث ينشط فيروس H5N1 المعروف بفيروس أنفلونزا الطيور، والذى أودى مؤخراً بحياة شاب من المنيا يبلغ من العمر 26 عاماً، رغم أنه من المعروف أن تأثير هذا الفيروس يكون أخطر على كبار السن، ومرضى الأمراض المزمنة وغيرهم. جدير بالذكر أن مرض أنفلونزا الطيور هو مرض حيوانى بالأساس يصيب الدواجن والطيور، وتسبب في نفوق جماعى تصل نسبته إلي 100٪، وتبدأ أعراضه بفقدان شهية للطيور، وانخفاض حاد في إنتاج البيض، ثم استسقاء في الوجه، وانتفاخ في الرأس والرقبة مع خروج إفرازات مخاطية من الأنف وسيلان اللعاب وإسهال وفقدان سوائل الجسم ثم النفوق. ونتيجة لهذه الأضرار الجسيمة علي صناعة الدواجن يتم تحصين الدواجن باستمرار ضد هذا الفيروس منذ عام 2003، إلا أن المشكلة الأساسية تظل في المنازل الريفية، حيث يتم تربية الدواجن في نفس المنزل، وتتعامل المربيات أو المربية مع الدواجن بدون اتخاذ أي إجراءات احترازية ومن ثم تظهر حالات إصابة بين البشر من وقت لآخر، وكانت الأيام الماضية شهدت اكتشاف 23 بؤرة إصابة بالمرض بين الدواجن في محافظة المنيا، وكشفت التحاليل المعملية عن إيجابية إصابة 3 حالات بشرية في المحافظة بينها طفل تم علاجه، والشاب الذي لقى مصرعه مؤخراً. وفي المنوفية طالبت مديرية الطب البيطرى بتحصين الطيور بمركزى أشمون والباجور بشكل فورى، نتيجة اكتشاف اشتباه إصابة 3 سيدات بالمركزين بمرض أنفلونزا الطيور نتيجة التعامل المباشر مع الطيور المصابة. أما أعراض الفيروس الخطير علي الإنتاج فيظهر في البداية على هيئة أعراض الأنفلونزا العادية كالتهاب الحلق والسعال وارتفاع درجة الحرارة، ثم تزداد الأعراض لتصل إلي التهابات رئوية خطيرة تصيب الجهاز التنفسى بالكامل، ويصاحب ذلك قرحات بالرئتين، وضيق حاد في التنفس، وإذا لم يعالج المصاب بعقار التاميفلو خلال 48 ساعة من الإصابة بالمرض، تزداد الحالة سوءاً وتصل إلي فشل فى التنفس، ويحتاج الإنسان لوضعه علي جهاز تنفس صناعى، وتكون الوفاة هي النتيجة الحتمية. ويصف الدكتور صلاح لبيب، أستاذ الأمراض الباطنة والحميات بمستشفى حميات الصف، مرض أنفلونزا الطيور بأنه من الأمراض المتوطنة، التي يتم التعامل معها بتهاون شديد، ومن ثم تظهر إصابات متكررة به كل فترة، ويدفع المواطنين حياتهم ثمناً لهذا التهاون. وأضاف: حتى الآن مازال المصريون يقومون بتربية الدواجن المنزلية، وهي أحد أهم أسباب نقل العدوى للإنسان، لذلك لابد من اتخاذ إجراءات حثيثة لمكافحة المرض بدءاً من منع تربية الطيور المنزلية، أو على الأقل تحصينها ضد الإصابة بهذا المرض، وتنظيف اليدين جيداً بعد التعامل مع الدواجن، أما علي مستوي الدولة فيجب أن يتم الإفصاح عن أي حالة إصابة، والإبلاغ الفورى عن أى بؤر إصابة، خاصة في الطيور القوية مثل البط والأوز والتي تتحمل الفيروس لفترة أطول من الدواجن، أما الحالات البشرية التي يوجد تعامل بينها وبين الدواجن، ففور الشعور بأي من أعراض البرد يجب عليها التوجه إلي أقرب مستشفي حميات، ويجب على المسئولين بالمستشفيات أخذ مسحة من الحلق، وبدء العلاج بالتاميفلو، مع ضرورة متابعة الحالات الأخرى المعرضة للإصابة بالمرض. ولكن الدكتور عبدالعاطى عبدالعليم، رئيس الإدارة المركزية للشئون الوقائية بوزارة الصحة سابقاً، يفرق بين أمرين: فمرض أنفلونزا الطيور يعد من الأمراض المتوطنة بالنسبة للدواجن، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للبشر، ومكافحته تتم علي أكمل وجه بتوفير عقار التاميفلو في المستشفيات وتدريب الأطباء علي اكتشاف الحالات المصابة والسيطرة علي العدوى في التعامل مع الحالات. وأكد أن فيروس H5N1 يعد من أخطر فيروسات الأنفلونزا، والحمد لله أنه لا ينتقل بين البشر لأنه فيروس خطير، وله مضاعفات شديدة، وخطيرة، ونسبة الوفيات فيه تكون عالية جداً، فالحالات التي لا تعالج بالتاميفلو خلال 48 ساعة غالباً لا يجدى معها العلاج، وتسوء حالاتها، لذلك فالاكتشاف المبكر للمرض أفضل وسيلة للحماية منه، وعلي كل المتعاملين مع الدواجن التوجه إلي المستشفى فور الشعور بأعراض الأنفلونزا. 105 خارج الخدمة وتؤكد المعلومات أن وزارة الصحة وزعت المخزون الاستراتيجي من عقار التاميفلو علي المستشفيات، استعداداً لمحاصرة انتشار مرض أنفلونزا الطيور، حيث تم توزيع 660 ألف جرعة من العقار للكبار، و130 ألف جرعة للصغار. وأكد الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائى، أن الوزارة خصصت خطاً ساخناً برقم 105، يعمل على مدار 24 ساعة لتلقى شكاوي واستفسارات المواطنين حول أنفلونزا الطيور، وكيفية الحالات المصابة. من ناحية أخرى قررت أمانة المراكز الطبية المتخصصة نشر التثقيف والتوعية بمرض أنفلونزا الطيور، وأعراضه من خلال نشر الملصقات والأدلة الاسترشادية بالمستشفيات عن مرض أنفلونزا الطيور. ورغم تأكيدات رئيس قطاع الطب الوقائى بأن «كله تمام»، إلا أن «الوفد» حاولت مراراً الاتصال بالخط الساخن (105) الذي ظل مشغولاً علي مدى يومين كاملين، ولم ننجح في الوصول للمسئولين عنه.