استطاع الرئيس عبد الفتاح السيسي حصد عدة نتائج خلال زيارته للعاصمة الإيطالية روما، حيث شهد اليوم الأول لزيارة الرئيس السيسي لإيطاليا سلسلة من الاجتماعات المهمة مع كبار المسئولين الإيطاليين، حيث توجه مباشرة عقب وصوله إلى مطار "شامبينو" بروما إلى القصر الجمهورى، وكان في استقباله الرئيس الإيطالي "جورجيو نابوليتانو". 4 لقاءات موسعة مع مسئولين إيطاليين وقد عقد الرئيسان جلسة مباحثات مغلقة تلتها جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين، ثم توجه الرئيس بعد ذلك إلى مقر مجلس الشيوخ، حيث اجتمع مع "بييترو جراسو"، رئيس المجلس. وكان في استقبال الرئيس أيضًا وزير الخارجية الإيطالي "بأولو جينتيلوني" على رأس وفد من مسئولي وزارة الخارجية الإيطالية، قبل أن يتوجه إلى مقر رئيس الوزراء، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمى وجلسة مباحثات بين السيسي ورئيس الوزراء الإيطالي، أعقبها عشاء رسمى أقامه رئيس الوزراء الإيطالى على شرف الرئيس، وحضره أعضاء الوفدين الرسميين، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الأعمال المصرى الإيطالى. وأعرب المسئولون الإيطاليون في كل اللقاءات عن سعادتهم باختيار الرئيس لإيطاليا كأولى محطاته الأوربية، ما يعكس قوة العلاقات والروابط الوثيقة التي تجمع بين الدولتين والشعبين، والتي تأمل إيطاليا في تعزيزها والارتقاء بها خلال المرحلة المقبلة. الدعم الكامل لمصر وأكد المسئولون الإيطاليون دعمهم الكامل "مصر" ومساندتهم إياها، سواء على مستوى دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، أو على صعيد توضيح موقف مصر في إطار الاتحاد الأوربي وحشد المساندة الأوربية سياسيًا واقتصاديًا لمصر خلال الفترة المقبلة، لا سيما في ضوء تولي إيطاليا الرئاسة الحالية الاتحاد. عرض مجمل الأوضاع السياسية المصرية وأبدى المسئولون الإيطاليون اهتمامًا بالتعرف على رؤية الرئيس السيسي بشأن التطورات التي تموج بها المنطقة، حيث قدم الرئيس عرضًا شاملًا تناول خلاله مجمل الأوضاع السياسية التي شهدتها مصر، مؤكدًا أن الديمقراطية ليست حدثًا بذاته، ولكنها عملية ممتدة ولا يمكن أن تقتصر على كونها وسيلة للوصول إلى السلطة، ثم يتم التخلي عنها وانتهاك الدستور وإغفال الإرادة الحرة لجموع الشعب المصري، وهي الإرادة التي تم التعبير عنها من خلال نزول الملايين من أبناء الشعب المصري إلى الشوارع في 30 يونيو للتعبير عن رفضهم محاولات تغيير هويتهم عبر التفسير الخاطئ للدين واستخدامه لتحقيق أهداف فئة في المجتمع، مؤكدًا أنه يتعين إفساح المجال والوقت للتجربة الديمقراطية المصرية لكي تنضج. الانتخابات البرلمانية في الربع الأول من العام المقبل ونوَّه الرئيس إلى نجاح مصر وشعبها في إنجاز استحقاقين رئيسيين من استحقاقات خارطة المستقبل وهما إقرار الدستور والانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن الاستحقاق الثالث والأخير والمتمثل في الانتخابات البرلمانية سيتم إنجازه قبل عقد مؤتمر الاقتصاد المصري في الربع الأول من عام 2015، الذي دعا الرئيس إيطاليا للمشاركة فيه. كما وجه الرئيس الدعوة إلى رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي لزيارة مصر عقب تشكيل مجلس النواب المصري الجديد لتدعيم أواصر الصداقة والتعاون، في ضوء أهمية البعد البرلمانى في تنمية العلاقات المصرية الإيطالية، وهو ما رحب به رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي، معربًا عن أمله في زيارة مصر خلال العام المقبل. الجهود المصرية لمكافحة الإرهاب واستعرض الرئيس السيسي الجهود التي تبذلها مصر لمكافحة الإرهاب، موضحًا أن هذه الجهود لا تصب فقط في صالح الداخل المصري، وإنما في صالح استقرار المنطقة ككل، بل تمتد آثارها لأوربا أيضًا والتي تعاني من ظاهرة تزايد أعداد المقاتلين الأوربيين المنخرطين في صفوف المنظمات الإرهابية والمتطرفة. وأكد الرئيس ضرورة التعامل مع موضوع مكافحة الإرهاب بمنظور شامل، وذلك دون التفرقة بين المنظمات الإرهابية، أخذًا في الاعتبار الارتباط الفكري الوثيق بين تلك المنظمات، والذي ينبع من فكر متطرف واحد، مشددًا على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي وقيام إيطاليا وأوربا بتقديم الدعم اللازم من أجل التعامل مع ظاهرة الإرهاب واجتثاث جذوره. إشادة إيطاليا بالمشروعات الكبرى المصرية وقد رحب المسئولون الإيطاليون بزيادة التعاون والتنسيق مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، مشيدين بالخطوات التي تم تنفيذها حتى الآن على مسار خارطة الطريق، حيث أعربوا عن أطيب تمنياتهم للشعب المصري بمواصلة مسيرته، كما أشادوا بالمشروعات القومية التي تعكف مصر على تنفيذها حاليًا، واعتبروا أن هذه المشروعات تُعد بمثابة نقطة انطلاق مهمة تلبي طموحات المصريين وتعدهم بغد أفضل. وأكد المسئولون الإيطاليون أن التطورات التي تشهدها المنطقة تؤكد صحة تقديرهم للأحداث التي شهدتها مصر العام الماضي وتأييدهم ثورة الثلاثين من يونيو باعتبارها انتقاضة شعبية طالبت بتغيير النظام السابق. احترام إرادة الشعب الليبيى كما تم خلال اللقاءات استعراض مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث أكد المسئولون الإيطاليون أن مصر تمثل مركز الثقل وتلعب دورًا محوريًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وهو ما وضح جليًا من خلال جهود مصر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وقد شغل الوضع في ليبيا حيزًا مهمًا من المناقشات، حيث اتفق الجانبان حول أهمية عودة الاستقرار إلى ليبيا والحفاظ على وحدة وسيادة أراضيها، مع تأكيد أهمية تكثيف التعاون المُشترك وتعزيز التنسيق لمواجهة الخطر المُتزايد الناجم عن تصاعد نشاط التيارات المُتطرفة في ليبيا. وأكد الجانبان، خلال المؤتمر الصحفى المشترك، ضرورة احترام إرادة الشعب الليبى ودعم المؤسسات الشرعية وعلى رأسها الجيش الوطنى الليبى، كما أكد الرئيس السيسي ضرورة التوصل إلى حل نهائى وعادل للصراع الفلسطينى الإسرائيلى يقوم على أساس حل الدولتين ويؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويكفل للدولتين العيش في سلام وأمان. عودة تدفق السياحة الإيطالية كما شهدت اجتماعات الرئيس كذلك مع المسئولين الإيطاليين تركيزًا على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والارتقاء بها في مختلف المجالات، ولا سيما البعد الاقتصادي، وقد دعا الرئيس إلى زيادة السياحة الإيطالية لمصر والعمل على عودتها إلى معدلاتها السابقة. كما تم بحث التعاون في العديد من المجالات كالطاقة ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومساهمة إيطاليا في تطوير صناعة الغزل والنسيج والصباغة في مصر، وفى تطوير مراكز التدريب المهنى التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، بالإضافة إلى إنشاء خطوط ملاحية منتظمة بين الموانىء المصرية والإيطالية. وقد أكد الرئيس التزام الدولة بتعهداتها وبسداد مستحقات الشركات الإيطالية، مشيرًا إلى حزمة القوانين المنتظر صدورها قريبًا لتوفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس حرص في بداية المؤتمر الصحفى الذي عقده مع رئيس الوزراء الإيطالى على توجيه التحية لمئات المصريين الذين وفدوا من مختلف أنحاء إيطاليا للتعبير عن تضامنهم ومساندتهم لسياسات الدولة. قمة مشتركة سنويا وقد تم الإعلان خلال المؤتمر الصحفى عن اتفاق الجانبين على عقد اجتماع قمة سنويًا لزيادة التنسيق والتشاور، بالإضافة إلى قيام وقد اقتصادى إيطالى بزيارة مصر خلال شهر فبراير القادم لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والمشاركة في عدد من المشروعات المهمة. زيارة تاريخية للفاتيكان وإعادة تفعيل الحوار مع الأزهر كما قام السيسي بزيارة الفاتيكان تلبية للدعوة الموجهة إليه من قداسة البابا "فرانسيس"، وعقب مراسم الاستقبال الرسمى، عقد الرئيس جلسة مباحثات مغلقة مع البابا فرانسيس اتسمت بالمودة والتفاهم، عبّر خلالها البابا عن قناعته بسماحة الدين الإسلامي وقيمه النبيلة، مؤكدًا أن الممارسات التي تقوم بها بعض التنظيمات المتطرفة لا تمثل على الإطلاق قيم ومبادئ هذا الدين. ودعا "فرانسيس" إلى استئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان عن طريق إعادة تفعيل لجنة الحوار المشترك مع الأزهر الشريف للبناء على القواسم المشتركة التي تنطلق منها الديانتان والتي يمكن البناء عليها لتعزيز التعايش المشترك بين الشعوب وتدعيم جهودهما في مواجهة الأفكار المتطرفة. وأعرب الرئيس السيسي عن التقدير والاحترام الذي يكنه للبابا فرانسيس، مؤكدًا أهمية استئناف الحوار بين الفاتيكان والأزهر الشريف في ضوء دقة المرحلة الحالية، وما تستوجبه من تكاتف الجانبين لتعزيز التفاهم والتسامح بين الشعوب وترسيخ قيم تقبل الآخر. وأشاد الرئيس بمواقف بابا الفاتيكان والجهود التي يبذلها من أجل الدفاع عن القضايا ذات الطابع الإنساني، والتي تُعد أهدافًا مشتركة تفسح المجال بشكل أوسع لتوطيد أواصر العلاقات الثنائية بين الجانبين، ونشر الفكر التنويري المعتدل، ومواجهة الأفكار المغلوطة التي تسعى إلى إهدام المجتمعات. وقوف مسيحيي مصر جنبًا إلى جنب مع أشقائهم المسلمين كما عقد الرئيس لقاء بعد ذلك مع الكاردينال بيترو بارولين أمين سر الفاتيكان، والذي أشاد بالدستور المصرى الجديد الذي تم إقراره في يناير 2014 وما تضمنه من ضمانات للحقوق والحريات، معربًا عن تقديره للإشارة إلى رحلة العائلة المقدسة في مصر في ديباجة الدستور الجديد، مشيدًا بوقوف مسيحيو مصر جنبًا إلى جنب مع أشقائهم من المسلمين خلال ثورة الثلاثين من يونيو، مؤكدًا دعم جهود مصر من أجل تحقيق التقدم واستكمال خارطة المستقبل بنفس القوة والنجاح. وقد تم خلال اللقاء بحث عدد من مجالات التعاون بين مصر والفاتيكان، لا سيما الاستفادة من خبرة معاهد "الدون بسكو" الإيطالية الموجودة في مصر للارتقاء بمستوى التعليم الفنى وتوفير العمالة الماهرة.