اتخذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، قرارًا بمنع أى رمز سياسى من اعتلاء المنبر. وأوضح جمعة، أنه تم فصل 12 ألف خطيب لعدم حصولهم على مؤهل أزهرى، بينما تم اعتماد تعيين "17248 خطيبًا أزهريًا" بالمكافأة لسد العجز وتم توزيعهم على المساجد الخاصة بالجمعيات التى كانت تستخدم المساجد للدعاية لأحزاب بعينها، مؤكدًا أنه سيحظر بشكل نهائى أى رمز سياسى ينتمى لأى جماعة من الصعود للمنبر مهما كان اسمه. وأضاف وزير الأوقاف، أن القانون الجديد ينص على السجن لمدة شهر أو غرامة مالية لكل من يعتلى المنبر دون الحصول على ترخيص. وعن موقف الوزارة من بعض الرموز مثل محمد حسان، الداعية الإسلامى، وياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، قال وزير الأوقاف فى تصريحات سابقة إن جميع الرموز السياسية لم يحصلوا على تراخيص للخطابة وغير مسموح لهم بمخالفة القانون" مضيفًا أنه "لم ولن يمنح رخصة الخطابة لأى رمز سياسى"، مؤكداً أن "الوزارة لن تعترف بأى شهادة من أى معهد سوى خريجى معاهد الثقافة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والكليات التابعة للأزهر الشريف". وقد أثار قرار وزارة الأوقاف بعودة الضبطية القضائية لمفتشي الوزارة تفعيلاً للقانون رقم 238 لسنة 1996 حفاظاً علي هيبة المنبر ومنع الاعتداء عليه من غير المتخصصين وغير المؤهلين, جدلاً واسعاً بين علماء الدين وأساتذة السياسة والمشتغلين بها ففى حين أيده البعض بشدة رفضه آخرون فهل القرار ضرورة لحماية الأمن القومى خاصة وأنه أحدث الحديث فى السياسة على المنابر نوعا من البلبلة داخل المساجد وأشعل نار الفتنة فى بعض الأحيان بين المصلين ؟ أم أنه تضييق على الأئمة يناقض دور المسجد فى الإسلام؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها التقت النهار عددا من علماء الدين وأساتذة السياسة ورجالها والتفاصيل فى السطور التالية :- د. محمد مصطفى : المسجد أبو السياسة والخطبة يجب أن تواكب العصر أكد الدكتور محمد مصطفى حسين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه لا يحق لأحد أن يمنع شخصا من الحديث فى السياسة سواء كان خطيبا أو غيره فهو مواطن وله الحق فى التحدث فى أى أمور تخص بلاده ، فالمسجد كما عرفناه فى الإسلام كان يدير كل أمور الدولة فالمسجد له أن يعالج كل الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن من المنظور الإسلامي فالمسجد " أبو السياسة " إضافة إلى أن الخطبة لابد أن تواكب أمور المسلمين الحاضرة ، لكن لابد أن يكون هناك تنظيم للتحدث فى الموضوعات السياسية والأولى أن يبتعد الخطيب عن الموضوعات التى تزيد من الفرقة. ناجى الشهابى : منع من يعملون بالسياسة من اعتلاء المنابر قرار تفرضه مقتضيات الأمن القومي لمصر أكد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل أن قرار منع من يعملون بالسياسة اعتلاء المنابر تفرضه مقتضيات الأمن القومي للبلاد وجاء في وقته المناسب ليحدد ماهية من يعتلون المنابر. وعلى جانب آخر وباقتراب الانتخابات البرلمانية يتوقع دكتور كريم عبد الرازق, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, أن هذه الانتخابات سيكون لها خصوصية وأن الدولة لن تسمح بتدخل الأحزاب الدينية مرة أخرى وستحاسب كل من يخالف القوانين؛ لأن الدولة تريد أن تصبح حيادية. وأضاف عبد الرازق: لقد زاد وعى الناس ولن يسمحوا لأحد بالتأثير عليهم, كما أن تواجد الأحزاب الدينية وفقا للدستور غير قانونى وأن حزب النور سيتم حله إذا لم يوفق أوضاعه, وأضاف عبد الرازق" أن التمويل الذي كان يأتي لهذه الأحزاب لم يعد موجودا فلن ينجح الحزب بأي حال من الأحوال". واختتم "عبد الرازق " كلامه " الأمور ستظل في تحسن حتى وإن لم تكن محسوسة حاليا؛ لأن الديمقراطية عملية تعلم مستمر وإذا أخطأ الشعب مرة سيصلح خطأه المرة التي تليها ويحسن الاختيار". يوافقه في الرأي دكتور جمال زهران, أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي, قائلا إن الأحزاب الدينية لا شرعية ولا وجود لها طبقا للمادة 74 من الدستور والتي تنص على حظر الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني, وأضاف خلال تصريحات ل"النهار" بأن الدستور هو الشعب والشعب أسقط تجار الدين مضيفا أنه تم حل 22 حزبا دينيا وتم الإعلان عنهم من قبل وأنهم إذا أرادوا العمل السياسي فلا بد وأن يخرجوا من الشكل الديني ويعلنون مدنيتهم؛ فالأحزاب لابد وأن تكون مدنية وسياسية خالصة, واختتم قوله قائلا "الأحداث السياسية لا يجوز وصفها بأنها شرعية أو غير شرعية فشرعيتها تأتي بناء على أي أساس؟! , ولكن يجب وصفها بأنها صالحة أو غير صالحة " . د. عبدالفتاح إدريس: القرار يعيد للمساجد دورها الدعوى ويحميها من آفات السياسة الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر أكد أن هذا القرار يؤيد قرارالضبطية القضائية لمفتشى الأوقاف ويضيف: إن أفضل حل لهؤلاء هو قرار وزارة الأوقاف بمنح مفتشيها حق الضبطية القضائية والتي تعطي الحق للمفتش بضبط وإحضار إمام المسجد الذي يتكلم في السياسة ويتم تحويله للتحقيق, فالمساجد للدعوة وليست للسياسة. وأشار إلى أن هناك فهما خاطئا عند كثير من الناس بأنه لا يجوز لرجل الدين أن يتكلم في السياسة موضحا أنه من حق رجل الدين أن يتكلم في السياسة باعتباره مواطنا له الحق أن يبدي رأيه في حرية تامة وأن ينفعل مع الأحداث في المجتمع فهو في نهاية الأمر مواطن مصري له الحق في إبداء رأيه, ولكن في نفس الوقت لا يجوز استخدام فتواه لخدمة اتجاهه وفكره السياسي, وأضاف إدريس: إن هناك خلطا في ذهن المجتمع المصري بين مفهوم الداعية الديني وما يسمى ب "تاجر الدين" - على حسب وصفه-، فالداعية يبدي رأيه فحسب ولكن تاجر الدين هو من يظهر بفتاوي وتصريحات تصب في مصلحة حزب سياسي معين ينتمي له على حساب آخر، ولا يصح أن نطلق عليه لقب داعية ديني حيث إنه يستخدم سلطته لغرض شخصي وطمعا في الشهرة و"التلميع", ويجب على الناس أن تبحث عن الدعاة الحقيقيين التابعين لوزارة الأوقاف والأزهريين ولا يسلمون أذنهم لتجار الدين قائلا " الدعوة لن تذهب للناس في بيوتهم ".