أثار القرار الذى أصدره وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بمنع اعتلاء السلفيين وغيرهم منابر الأوقاف إلا أصحاب الشهادة الأزهرية المعتدلين منهم، جدلاً فى الشارع المصرى، فقد أيد البعض هذا القرا،ر إذ رأوا أنه بداية جيدة لضبط الخطاب الدعوى ومنع انتشار الأفكار الضالة والفتاوى الشاذة التى ازدادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ولعل آخرها فتاوى الدكتور ياسر برهامى، فى حين اعترض البعض على هذا القرار مؤكدين أن تطبيق هذا القرار يعد بداية لإشعال الفتنة بين السلفيين ودعاة الأوقاف. ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل إن القانون قد صدر بحبس من يتعدى على منابر الأوقاف دون تصريح من قبل الوزارة 3 شهور وغرامة تتراوح بين 200 و500 جنيه، ورغم ذلك ورغم هذه العقوبات وقرار وزارة الأوقاف، فإن عدداً من قيادات الدعوة السلفية خالفوا القرار، واعتلى عدد منهم منابر المساجد لإلقاء خطبة الجمعة الماضية، الأمر الذى يعد تحديا لقرارات وزارة الأوقاف، وجاء على رأس هؤلاء السلفيين الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور، والمهندس عبد المنعم الشحات، والدكتور أحمد فريد، دون الحصول على أى إذن من وزارة الأوقاف. لذا استطلعت " النهار" آراء بعض علماء الدين حول هذا القرار؟، وما النتائج التى قد تترتب عليه؟.. وهل سيستجيب السلفيون لهذا القرار؟، أم سيخالفونه؟. وجاءت إجاباتهم خلال السطور القادمة. فى البداية اعترض الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي، على القرار الذى أصدره وزيرالأوقاف، قائلاً: إن هذا القرار قد يكون بداية لإثارة الفتنة بين دعاة الأوقاف والسلفيين، خاصة أن الثانى لم تصدر منهم أى تصريحات من شأنها إثار البلبلة والعنف فى الشارع المصري، هذا بجانب أنهم يتمتعون بشعبية كبيرة ومنع اعتلائهم المنابر قد يتسبب فى خلق أزمة دينية كبيرة. وأضاف إبراهيم أن قرار وزارة الأوقاف يؤكد أنه تشدد كبير فى الدعوة الاسلامية، موضحاً أن اشتراط أن يكون الخطباء حاملين لمؤهلات أزهرية حجة لا داعى منها على الإطلاق، خاصة أن هناك الكثيرين من حاملى المؤهلات العلمية والدينية دون أن يكونوا أزهريين، لافتاً إلى أن الخطباء الذين تم إقصاؤهم من الصعود على المنابر تتلمذ على أيديهم الكثيرون من الخطباء من حاملى المؤهلات الأزهرية، إذن فلماذا هذا التشدد فى الخطاب الدعوى الدينى؟ وحذر إبراهيم من أن تدخل مصر خلال الفترة المقبلة فى مرحلة الفتن، مطالباً وزارة الأوقاف بأن تخصص بعض الأشخاص للتفاوض مع عدد من الدعاة السلفيين، خاصة أن أنصار هؤلاء كثيرون ولا يقبلون على الإطلاق إقصاء خطبائهم وإبعادهم عن الدعوة الدينية. بينما أيد الدكتور محمد عبد الرازق، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد، القرار قائلاً: إنه يعد بداية جيدة لضبط الخطاب الدينى، خاصة أنه سيساهم فى اعتلاء المعتدلين فقط المنابر، لافتاً إلى أن مخالفة عدد من السلفيين لقرار الوزارة تعد مخالفة للقانون، موضحاً أن الوزارة ستقوم بتطبيق القانون عليهم وذلك فى محاولة من الوزارة لمنع انتهاك حرمة المساجد، وهذا ما يحدث خلال هذه الأيام، إذ إن النيابة بدأت التحقيق بالفعل مع الشيخ محمد حسين يعقوب بشأن إلقاء الخطبة بالمخالفة. وأضاف عبد الرازق أن الفترة الماضية شهدت اعتلاء لعدد من السلفيين لمساجد الأوقاف، ولعل أبرزهم الشيخ محمد حسين يعقوب الذى صعد منبر مسجد الرحمن الرحيم بأبوقرقاص فى المنيا عنوة، كما صعد الشيخ ياسر برهامى منبر مسجد عمر بن الخطاب فى دمياط بالمخالفة للقانون، رغم أنه تعهد بعدم إلقاء الخطبة، مشيراً إلى أن قرار وزارة الأوقاف يعد حاسماً، خاصة أنه لن يسمح لأحد بالصعود للمنابر مرة أخرى سوى حاملى المؤهلات الأزهرية. وأوضح عبد الرازق أن من يعتلوا المنابر فئتين فقط، أولهما خطباء المكافأة فإذا التزموا فى خطبتهم بما تقره وزارة الأوقاف فيكملون مسيرة الخطابة، وإذا خالفوا ذلك يتم إيقاف خطبتهم، وهناك من يتم تعيينهم لإلقاء الخطابات الدينية، وعندما يعتدى على الخطاب الدينى بأى شكل من الاشكال يتم إيقافه عن مزاولة مهنة الخطابة، إلا أن هناك من يعتلون المنابر خلافاً لهؤلاء ويقومون بإثارة الفتن وإصدار الفتاوى الشاذة، ولعل أبرز هؤلاء الدكتور ياسر برهامى الذى أصدر مؤخراً عدة فتاوى أثارت جدلاً فى الشارع المصرى. وتابع عبد الرازق، حديثه ل" النهار" قائلاً: إن اعتلاء عدد من السلفيين للمنابر بداية لانتشار ظاهرة تولى أشخاص غير مؤهلين للعمل الدعوي، الأمر الذى سرعان ما ينجم عنه انتشار الكثير من الفتاوى الشاذه من حين لآخر، هذا بجانب أن هؤلاء يستخدمون المنابر لأغراض ليست دينية، وإنما قد تكون تحريضية على العنف، ومن ثم لم يكن أمام وزارة الأوقاف سوى أن تصدر على الفور قراراً لمواجهة تلك الظاهرة، موضحاً أن منع السلفيين وغير الأزهريين من صعود المنابر، جعل هناك عجزاً فى عدد الخطباء، إلا أن الوزارة سرعان ما قامت باختيار نحو 13 ألف أزهرى للعمل فى الخطابة الدينية وذلك بنظام المكافأة. فى حين يرى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن قرار وزارة الأوقاف بمنع المنتمين للتيار السلفى بالصعود للمنابر، وعلى رأسهم ابو إسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان، يعد قراراً صائباً، مؤكداً أن الهدف الأساسى من القرار هو منع دخول المساجد فى صراعات سياسية، مطالباً الجميع بالالتزام بقرار وزارة الأوقاف وعدم مخالفته على الإطلاق، خاصة أن الأوقاف هى المسئولة عن المساجد والخطباء بها. وأضاف كريمة أنه لا ينبغى على السلفيين أن يزاحموا علماء الأزهر ودعاة الأوقاف فى الخطابة الدينية، خاصة أنهم الأكثر علماً بالدعوة الدينية والخطابة، لافتاً إلى أن السلفيين لم يلتزموا الصمت حيال هذا القرار، بل قاموا بالاعتداء على الدكتورمحمد عز الدين وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، الأمر الذى عكس مدى همجية التيار السلفى وعدم تسامحه الدينى فى اى قرار تتخذه الوزارة، وكأنهم ينتهجون نهج الإخوان المسلمين، ومن ثم فإن خطورتهم لم تعد تقل عن خطورة الإخوان، هذا بجانب أن المنتمين للدعوة السلفية تجنوا على الدين بعدما نسبوا الدعوة والشريعة للمذهب السلفى. وأوضح كريمة أن السلفية الجهادية والمسئولة عن الكثير من الأعمال فى سيناء، تعد نتاج الدعوة السلفية، لذا فإن إقصاءها عن إلقاء الخطب يعد خطوة جيدة لإبعاد المساجد عن الدخول فى عراك سياسى، لا سيما أن الدعوة السلفية غيرت من الهوية الإسلامية. وأيده فى الرأى الدكتور عطية مصطفى، أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر، قائلاً: إن قرار وزارة الأوقاف يعد بداية للتحكم فى الدعوة الإسلامية ومنع التطرف من أصحاب الفكر الجهادي، لافتاً إلى أن هدف الوزارة هو منع إثارة القلائل والفتن التى باتت تشتعل بعد خطب المساجد. وأوضح مصطفى أن قرار الوزارة لم يخص السلفيين بأعينهم فى منعهم من أداء الخطابة وإنما خصص مهام أداء الخطابة للمعتدلين منهم، خاصة ان هناك عدداً منهم متطرفون وما زالوا منحازين لجماعة الإخوان المسلمين تلك التى تقوم بالكثير من أعمال العنف فى الشارع المصري، هذا بجانب أن هناك عدداً من السلفيين الذين ينتهجون نهج إثارة الفتن والعنف فى الشارع المصري. وأضاف مصطفى أن المنتمين للتيار السلفى قد يجدون طرقاً أخرى لإلقاء خطبهم، وقد تكون عن طريق عقد دروس دينية بمنازلهم، إذ إنهم إن رغبوا فى تحقيق أى هدف يسعون إليه فإنهم سيحققونه مهما كانت الحواجز والموانع، معرباً عن ترحيبه التام بالشروط التى وضعتها وزارة الأوقاف للخطباء بأن يكون الخطيب حاصلاً على مؤهل أزهرى ويبتعد تماماً عن السياسة ولا ينتمى لأى حزب سواء دينياً أو غيره، خاصة فى ظل الاحتياج الدائم للمهتمين بالدعوة الإسلامية فقط.