على الرغم من قيام مشايخ الدعوة السلفية بتوقيع بروتوكول مع وزارة الأوقاف، واتفق الطرفان على أن تكون المعاهد تحت إشراف الأوقاف وبإدارة جمعية الدعاة، وأن تكون المناهج التى تدرس فيها خاصة بالأوقاف، والتأكيد أن من يتخرج فيها سيكون مؤهلا للخطابة، فإن العلاقة سرعان ما توترت مرة أخرى بين الطرفين. عدد من مشايخ الدعوة أعلن الرفض التام ترك المساجد للأزهريين، ويوجد عدة أسباب وراء اشتعال الخلاف بين الأوقاف والدعوة السلفية منها أن الدعوة السلفية ترى أن أئمة الأوقاف لا يجيدون القرآن والعلم الشرعى، كما أن السلفيين يرفضون تماما ترك مساجدهم لأئمة الأوقاف، ويعتقدون أن المسجد هو المحضن التربوى لهم.
مشايخ الدعوة شددوا على ضرورة الحفاظ على المساجد، ولذلك فهم يحرصون على التوجه إلى المساجد وسط حشود سلفية، حتى لا يمنعهم أحد من إلقاء الدروس أو الخطابة، كما حاولت الدعوة السلفية مغازلة وزير الأوقاف بعد ثورة 30 يونيو، بإبرام بروتوكول تعاون، لكنها كانت بناء على خطة معدة داخل مجلس إدارة الدعوة، لأن الفترة كانت غير واضحة المعالم لدى أبناء التيار الإسلامى، وبالتالى كانت هناك محاولات من الدعوة السلفية لإظهار أنها لا تبحث عن الصدام. ولما فشلت خطتهم اتجهوا إلى الحشد للحفاظ على مساجدهم.
وكيل الأوقاف: سنمنع السلفيين من الخطابة.. وبرهامى يرد: ما تقدرش فى خطوة تصعيدية للأزمة الدامية بين السلفيين والأوقاف قال الشيخ محمد عبد الرازق، وكيل الأوقاف لشؤون المساجد، سنمنع المشايخ السلفية من إلقاء الدروس فى المساجد، ولن نسمح بالخطابة إلا للحاصلين على مؤهلات أزهرية، وأضاف أن وزارة الأوقاف تفرض شروطها على مشايخ الدعوة، حيث يجب أن يكون خطباء المكافأة أزهريين، وتم التوقيع على هذه الشروط فى بروتوكول التعاون المشترك، مشيرا إلى أن من يتخرج فى هذه المعاهد التى تشرف عليها الأوقاف يحصل على كل مميزات الأوقاف، ولا صحة لما يتردد عن أن هذه المعاهد ستخضع لمناهج سلفية، ونحن لن نسمح بهذا الأمر، مشيرا إلى أنهم وضعوا جميع الاشتراطات، ولن يتم منع أى شيخ سلفى من الخطابة إذا كان حاصلا على شهادة أزهرية.
وكيل الأوقاف لشؤون المساجد قال «أخبرنا مشايخ الدعوة السلفية بأننا لن نسمح لأى شيخ من الخطابة إذا لم يكن أزهريا، مشيرا إلى أن المعاهد الخاصة بالدعوة السلفية ستخضع للأوقاف بشكل كامل، وأن هذا الحال ينطبق أيضا على المساجد التى يسيطر عليها مشايخ الدعوة السلفية وخلال فترة سنفرض وجودنا على جميع المساجد».
من جانبه قال الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، ردا على تصريحات وكيل الأوقاف لشؤون المساجد، لا يوجد أحد لديه القدرة على منعنا من إلقاء الدروس الدعوية، مشيرا إلى أن جميع المشايخ الكبار بالدعوة حاصلون على شهادات أزهرية، مشيرا إلى أن معظم الأزهريين ليس لديهم الكفاءة للصعود على المنبر، ولا يحملون العلم الكافى.
«النور»: عدم السماح لمشايخنا باعتلاء المنابر مصيبة من مصائب الزمن كعادة حزب النور الذى لا يمل نهائيا عن التراجع، قال الدكتور شعبان عبد العليم الأمين العام المساعد لحزب النور «نحن لم ندخل فى صفقات مع وزير الأوقاف حتى يكون له الحكم فى مسألة السماح لمشايخ الدعوة بالخطابة أم لا، إنما ما حدث هو تفاهمات واتصالات بين قيادات الحزب والأوقاف».
عبد العليم أضاف «عدم السماح لمشايخ الدعوة من عينة الشيخ ياسر برهامى بالخطابة مصيبة من المصائب التى حلت بنا هذه الأيام، مشيرا إلى أنها رسالة سلبية تعكس وضعا غير مرضٍ». وأوضح أن الدعوة ليست مقصورة على شهادات معينة، لكن ينبغى أن تكون الكفاءة هى المعيار الذى يتم من خلاله الحكم على الإمام، وتصريحات وزير الأوقاف بمنع المشايخ الكبار من الخطابة بمثابة رسالة صادمة.
الأمين العام المساعد لحزب النور قال «كثير من الذين لا يحملون شهادة أزهرية من المؤهلين للخطابة، ويجب إعداد اختبار لغير المتخصصين على أن يكون هناك معايير معينة للاختيار، ويتم عزل من ليس لديه الحد الأعلى من الكفاءة»، موضحا أن منع الخطابة ليس هو الأصل، لكن يجب منع الخطاب السياسى الذى يفرق بين المصريين.
أما وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة فأكد وبشكل واضح وصريح أنه لدى الوزارة ما يكفى لسد عجز الدعاة غير المؤهلين من خلال الاستعانة بالكفاءات وخريجى الأزهر الشريف والوعاظ. جمعة قال «لدينا من الخطط والإجراءات ما يضمن التطبيق الأمثل فى القريب العاجل والمساجد للعبادة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وإدارة كل مسجد مسؤولة مسؤولية قانونية وإجرائية حيال أى تجاوز».
بينما قال الشيخ أحمد فريد، عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية، إن «قنوات التواصل مفتوحة بيننا وجميع الأجهزة التنفيذية للدولة»، مشيرا إلى أن مسألة منع غير الأزهريين من الخطابة من المسائل غير المفهومة، وسيتم مناقشة الأمر خلال الحوار مع المسؤولين فى وزارة الأوقاف. فى الوقت نفسه أكد الشيخ جابر طايع، أنه لن يسمح لأى شخص من المشايخ السلفية وعلى رأسهم محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وأبو إسحاق الحوينى بالخطابة فى مساجد بالقاهرة أو أى زاوية.
مساجد السلفية «معسكرات ترفيهية» بينما يعد تجاهلا لقرارات وزارة الأوقاف، أكد الشيخ مصطفى دياب مسؤول طلائع الدعوة السلفية أن نشاطاتهم داخل المساجد لم تتوقف، موضحا أن المسجد لدى السلفيين بمثابة المحضن التربوى، حيث يتعلم فيه الشباب السلفى، ويتأسس داخله الأطفال، وأشار إلى أنهم يجلسون مع أبناء الدعوة فى كل المساجد، وأن الأولاد منقسمون لثلاث مراحل، حيث يتم تخصيص مشرف لكل مجموعة فى المرحلة الابتدائية، ويتم تكليف أخ آخر ليشرف على مجموعة المرحلة الإعدادية، ويتم تكليف أخ ثالث مهمته الإشراف على مجموعة المرحلة الثانوية.
وأكد أن خطة الدعوة لم تتغير، حيث إن المقرر الذى من المفترض أن يصل إلى الطلاب السلفيين خلال الفترة التى تجمعنا بهم داخل المساجد يتم تخصيص فيها برامج للأنشطة، مشيرا إلى أنهم يوزعون إرشادات وتوجيهات إلى الشباب السلفى من خلال مدربين يصل عددهم إلى الألف.
وأوضح أن هناك عديدا من الأنشطة التى تعقدها الدعوة السلفية داخل المساجد منها نشاط «اليوم الإسلامى»، ويكون أشبه بالمعسكر، والفرق الوحيد أنه يكون على مدار يوم واحد فقط، حيث يحضر الطالب إلى المسجد فى الصباح من التاسعة صباحا إلى التاسعة مساء، وهناك برامج متعددة وفقرات ترفيهية ومحاضرات وجلسات عصف ذهنى.
ورغم تصريحات مشايخ الدعوة السلفية بأنهم لم يتوقفوا عن استخدام المساجد ولم يمنعهم أحد من القيام بالأنشطة المختلفة، فإن مسؤولى الأوقاف يؤكدون أن المساجد تحت السيطرة الكاملة لوزارة الأوقاف!
الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، قال إن الأوقاف تضم كثيرا من المساجد التابعة للدعوة السلفية، وتتحرك وفق سياسة غير صحيحة، والدعوة السلفية لها دور كبير فى استيعاب الشباب وتحصينه ضد أفكار التكفير. مخيون أكد «عندما يضم أى مسجد من المساجد التى يشرف عليها السلفيون خسارة للدولة، ويتم إعطاء فرصة لانتشار الفكر التكفيرى، كما أن مسألة أن يكون الإمام أزهريا فكرة خاطئة، لأن الأمر ليس مقصورا على الأزهرية، وقلت لوزير الأوقاف إن العبرة بالكفاءة.
يعقوب يطرد وكيل الأوقاف من المسجد ليس أمرا غريبا أن يقوم أحد كبار المشايخ السلفية باقتحام مسجد وطرد المشرفين عليه، ففى عهد مرسى استغل حازم أبو إسماعيل سيطرة الإسلاميين على السلطة وفرض نفوذه واستحوذ على مسجد أسد بن الفرات بالقوة، مستخدما حشدا سلفيا كبيرا دفع إمام المسجد إلى الموافقة على أن يكون ضيفا عليهم فى المسجد الخاص به.
تكررت الواقعة عندما قام الشيخ محمد حسين يعقوب باقتحام مسجد الرحمن الرحيم بقرية المطاهرة القبلة التابعة لدائرة مركز أبو قرقاص جنوبالمنيا واعتلاء المنبر بمساعدة الشيخ محمد طلعت النائب السابق عن حزب النور وإلقاء الخطبة وطرد وكيل الأوقاف.
يقول الشيخ محمد عز الدين عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة، «فوجئت بمنع علماء الأزهر والأوقاف المشاركين فى القافلة من دخول المسجد كما كان مقررا، ورأيت الداعية السلفى محمد حسين يعقوب ومعه أنصاره يدخلون المسجد الذى تم إغلاقه فى وجهنا نحن علماء الأزهر والأوقاف»، مضيفا «أبلغنا الوزارة بما حدث، وتم التعامل القانونى مع الموقف من خلال تحرير محضرين أولهما ضد الشيخ يعقوب، وحرره الشيخ سيد عبود وكيل وزارة الأوقاف بالمنيا، وضد محمد طلعت عضو بمجلس الشعب السابق عن الجبهة السلفية».
وأشار إلى أن القضية ستسير إلى آخرها ليأخذ الحق والعدل مجراه فى مواجهة من يريدون نشر الفوضى، ويريدون إقصاء علماء الأزهر والأوقاف المشهود لهم بالوسطية والاعتدال.