«أن تكون مشهورا ومجهولا فى آن واحد؛ تخرج تلقى البيانات أمام مرأى ومسمع من الملايين، يعشقك الأطفال وينتظر بياناتك الكبار، وفى نهاية المطاف لا يعرف عنك أحد معلومة واحدة». هذا هو حال أبوعبيدة، المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المعروف ببزته العسكرية، وصوته الجهورى وكلماته الحماسية. ويُكثر أبوعبيدة من عقد المؤتمرات الصحفية، والحديث عن تقدّم القتال فى غزة، وإقامة مقابلات مع الإعلام العالمى، وتوزيع التطمينات والتهديدات ضدّ إسرائيل، كل ذلك وهو مغطى بكوفية تخفى وجهه تمامًا، ويُظهر فقط شقّا دقيقًا من وجهه وعينيه، والتى يقع فوقها شريط حركة حماس. وأبو عبيدة، مجرد لقب، ولم يُذكر فى أى مكان الاسم الحقيقى للناطق، وتعود كنيته لأحد العشرة الأوائل من أصحاب الرسول محمد (ص) المبشرين بالجنة، وبعد وفاة النبىّ أصبح أبوعبيدة قائدًا عسكريًّا، وكان من المقرّبين من الخليفة عمر بن الخطّاب وحمل لقب «أمين الأمة». باستثناء لقبه، يحرص أبوعبيدة على الحفاظ على الغموض فيما يتعلّق بهويّته، وهو يعمل كناطق باسم حماس منذ العام 2006، ولكن باستثناء هذا العمل، لا يُعرف أى شىء تقريبًا، مثل سنّه، عائلته وأصوله، وإنْ كان من المرجّح أنّه وُلد فى غزة. وفقًا للإعلام الفلسطينى، فأبوعبيدة هو أحد الأسماء الرائدة فى قائمة اغتيالات الجيش الإسرائيلى، ويُظهر البحث عن اسم أبى عبيدة فى جوجل أكثر من 2.5 مليون نتيجة، وأيضًا ما يقارب 50 ألف مقطع فيديو فى يوتيوب، بحسب موقع المصدر الإسرائيلى. وتتشابه مقاطع الفيديو فى طبيعتها: يظهر أبو عبيدة فى معظمها ووراءه خلفية «تهديدية» أية كانت، نار أو قتال، وأحيانًا يكون مصحوبًا بالمسلّحين، مقنّعين الوجوه هم أيضًا، وبعد الافتتاح المكوّن دائمًا تقريبًا من تلاوة آيات من القرآن يبدأ أبوعبيدة بصوته المعروف، دائمًا بقوله «بسم الله»، ودائمًا مع نفس الكوفية المعروفة. فى مثل هذه الأيام، حيث الحرب بين الجيش الإسرائيلى وحماس فى ذروتها، يتحوّل أبوعبيدة مجدّدًا إلى نجم، فهو يقيم المقابلات مجدّدًا فى وسائل الإعلام العربية، يبثّ مقاطع الفيديو، يعقد المؤتمرات الصحفية التى يحرص فيها على إدانة إسرائيل، ويؤكّد على رفض وقف إطلاق النار أو أيّ تسوية من جانب حماس.
