بالنظر إلى ما يحدث في الوطن العربي وصعود المتشددين المسلحين بشكل غير عادي في العراق وسوريا ،تزداد أهمية الحملة التي تشنها القوات المسلحة المصرية على الإرهاب في سيناء ولذلك يجب على الولاياتالمتحدة دعم هذه الحملة بشتى الطرق حتى لا تصبح المنطقة جميعها في قبضة المتطرفين قال ديفيد شنيكر في مقال له نشر على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن سياسة الولاياتالمتحدة التي قامت بموجبها بتسليم طائرات الأباتشي وغيرها من المعدات للقاهرة لا تعزز الحرية في مصر ولا تزيد احتمال هزيمة المتشددين الإسلاميين في سيناء وأشار شنيكر إلى أنه قل الاهتمام بما يحدث من إرهاب في سيناء بمصر بعد أن ركزت وسائل الإعلام بشكل مكثف على الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" التي اختصرت اسمها مؤخرا إلى الدولة الإسلامية فقط بعد إعلان الخلافة الإسلامية في أجزاء من العراق وسوريا ولفت الكاتب إلى أنه منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك من الحكم عام 2011 واجهت مصر تمردا مستمرا في سيناء من قبل جماعات منتمية للقاعدة على أمل إقامة إمارة إسلامية خاصة بهم ،ولكن على عكس بغداد التي تشهد حاليا تدفق للمساعدات العسكرية الأمريكية توقفت تلك المساعدات عن القاهرة لاسيما بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بمحمد مرسي والإخوان المسلمين من الحكم ،لكن إدارة أوباما تعهدت في أبريل الماضي باستئناف شحنات من المعدات العسكرية وأبرزها طائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي التي من المرجح أن يتم استخدامها على نطاق واسع إلا أن النظم الحيوية لمكافحة الإرهاب لا تزال في مخازن الولاياتالمتحدة وفقا لشنيكر وأضاف شنيكر أنه على الرغم من أن إدارة أوباما لم تصف الخطوة التي قام بها الجيش ضد مرسي وثورة 30 يونيو على أنها انقلاب ،وهي التسمية التي كان من شأنها أن تجبر واشنطن قانونيا على وقف عملية نقل الأسلحة إلى مصر ،ولكنها علقت تسليم العديد من الأسلحة الهامة مؤقتا وشملت طائرات F16 وصواريخ هاربون ومجموعة دبابات M1A1 وطائرات الأباتشي ولفت إلى أنه في وقت سابق من العام الجاري اشترط الكونجرس عدد من الإجراءات في مجال الانتقال الديمقراطي مثل إجراء استفتاء دستوري والانتخابات البرلمانية والرئاسية بمصر لاستئناف المساعدات العسكرية ،ومع تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا يبدو أن المساعدات العسكرية ستعود قريبا لمصر لكن الحكم بالسجن لمدة عشرة سنوات على ثلاثة صحفيين بقناة الجزيرة خلال الشهر الماضي ،إضافة إلى حكم الإعدام الصادر في حق 183 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بما فيهم مرشد الجماعة محمد بديع بتهم تتعلق بالإرهاب أثار بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في الكونجرس والإدارة الأمريكية مما قد يعوق الاستئناف الكامل للمساعدات العسكرية ونقل الكاتب عن باتريك ليهي الذي يرأس اللجنة الفرعية للمساعدات في وزارة الخارجية الأمريكية قوله إن مخصصات العمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة اضطربت في السنوات الأخيرة ولا تزال المساعدات الأمريكية لمصر في قائمة الانتظار ،في حين وافق في وقت لاحق على مد مصر بعشرة طائرات أباتشي موضحا أنه ينتظر أدلة مقنعة على أن القاهرة تلتزم بسيادة القانون لمدها بباقي المساعدات وأوضح أنه منذ عام 2011 شن المتشددون الإسلاميون عشرات الهجمات ضد قوات الأمن والسياح في سيناء وحتى الآن لا تزال هذه العمليات مستمرة ،ووفقا للجيش المصري تم تصفية ما يقرب من خمسمائة من قيادات المسلحين بالمنطقة في الحملة التي تقوم بها القوات المسلحة على مدار الستة أشهر الماضية ،وفي المقابل شن المسلحون هجمات ضد عناصر الجيش مما أدى إلى مقتل أربعة وعشرين من عناصر الأمن فعلى سبيل المثال في يناير ادعت جماعة أنصار بيت المقدس المنتمية إلى تنظيم القاعدة إسقاط طائرة هليكوبتر روسية الصنع في شمال سيناء مما أسفر عن مقتل خمسة جنود وبعد يوم من هذا الحادث قتل أربعة مجندين بالجيش عندما تعرضت حافلتهم لهجوم في المنطقة الجنوبية لشبه جزيرة سيناء وفي فبراير الماضي قتل ثلاثة سائحين من كوريا الجنوبية عندما تم قصف حافلتهم بالقرب من الحدود الإسرائيلية في طابا ،كما قتل ثلاثة ضباط بينهم ضابط برتبة عميد وآخر برتبة عقيد من قوات الشرطة كما قتل أربعة من رجال الأمن المصري في أواخر شهر يونيو من العام الجاري بالقرب من العريش و لاتزال القائمة مليئة بالحوادث وأشار الكاتب إلى أن السلطات المصرية تقول إنها تحرز تقدما كبيرا في إعادة الأمن إلى سيناء ،والجيش يصدر بشكل شبه يومي بيانات صحفية بهذا الشأن حيث تم حظر أي تغطية إعلامية لهذه المنطقة حتى لا يتم نقل الصورة بشكل سلبي لاسيما فيما يتعلق بالاعتقالات والمضبوطات من الأسلحة واكتشاف العبوات الناسفة ،لافتا إلى أن الجيش كان قد أعلن قبل شهرين مقتل أبو عبيدة زعيم جماعة أنصار بيت المقدس واستنادا إلى بيانات الجيش فإنه سيتم القضاء على الإرهاب قريبا ،ولكن على الرغم من أن المكاسب على الأرض بالفعل واضحة إلى أن الإسلاميين لم يعلنوا استسلامهم حتى الآن ،علما بأن قوات الأمن استطاعت القبض على 15 عضو من داعش حاولوا التسلل إلى سيناء عبر أحد الأنفاق بغزة وقال الكاتب إن منذ تولي السيسي منصب الرئيس سعت إدارة أوباما إلى تحسين الأجواء المتوترة بين القاهرةوواشنطن ،حيث التزم البيت الأبيض بإرسال التهنئة للرئيس الجديد ومنذ ذلك التوقيت ومنحنى العلاقات في صعود مستمر كما وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لقائه بعبد الفتاح السيسي بأنه كان إيجابيا ومثمرا ،وكانت الأجواء العامة لزيارته للقاهرة متفائلة مع التركيز على الشراكة الثنائية الدائمة والتزام الولاياتالمتحدة برؤية تعمل على تحقيق أهداف مصر ووفقا لشنيكر لا تزال هناك قضايا شائكة ففي حين أن الإدارة الأمريكية ترى أن القاهرة تحافظ على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وتلتزم بمعاهدة السلام مع إسرائيل وفقا للمتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست ،كما أنه منذ يوم 24 يونيو الماضي تعمل مصر على تلبية الاحتياجات اللازمة لإعادة تدفق المساعدات العسكرية بما في ذلك الخطوات اللازمة لضمان الانتقال الديمقراطي ،مشيرا إلى أنه حتى يتم التأكد من هذه الأمور ستبقى طائرات الأباتشي على المنصات في قاعدة فورت هود بولاية تكساس حتى يأتي أمر بانتقالها لمصر ونقل الكاتب تقريرا عن فريدوم هاوس جاء فيه إن مصر منذ 30 يونيو 2013 شهدت تراجعا مذهلا للحريات وسيادة القانون وارتفعت الحملات ضد الإسلاميين وتم قمع الإعلام المستقل في ظل بيئة قانونية بشكل تعسفي أثار صدمة نظرا للمسار الذي تسعى له البلاد ولذلك تقوم الولاياتالمتحدة بتقييم الوضع لإرسال طائرات الأباتشي ووفقا للكاتب سوف تظل طائرات الأباتشي مصدرا للإزعاج في العلاقات الثنائية لبعض الوقت ،وفي الوقت نفسه سعت القاهرة لملء الفجوة من خلال شراء أسلحة من موسكو ولكن لا تقتصر فقط على الطائرات الهليكوبتر ويرى المسئولون المصريون هذه الخطوة بأنها تنويع مؤسف ولكنه ضروري في مواجهة سياسة الولاياتالمتحدة حيال المساعدات التي لا يمكن الاعتماد عليها ،ومع ذلك تظل الترسانة الرئيسية التي يعتمد عليها الجيش المصري في مكافحة الإرهاب هي أربعة وثلاثين طائرة أباتشي ورأي الكاتب أنه نظرا لما يحدث في كل من العراق وسوريا لا ينبغي أن تكون واشنطن مثيرة للجدل فيما يتعلق بتوفير المعدات اللازمة لمصر لمكافحة الإرهاب فالأمر ليس بهذه البساطة ،فطائرات الأباتشي تستخدم أيضا لتأمين قناة السويس التي يبلغ طولها حوالي 120 ميلا ،وهذه المهمة حاسمة للقوات المسلحة لاسيما بعد تم إطلاق صاروخين على سفينة كانت تعبر الممر المائي في الصيف الماضي ولأن القاهرةوواشنطن مشتركتان في مصلحة واحدة وهي مكافحة الإرهاب في سيناء فإنه يتعين على الولاياتالمتحدة أن تقدم لحليفها الاستراتيجي الأدوات اللازمة لإنجاح مهمته ،بينما التغطية الإعلامية على الأرض في سيناء ستقدم نوعا من الشفافية اللازمة لإجبار الكونجرس على الموافقة على استئناف المساعدات ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية لديها وسائل أخرى للتأكد من أن المساعدات تذهب في طريقها الصحيح ويمكن أن يشترك القطاع الخاص في جمع المعلومات للكونجرس بهذا الشأن ولكن السيسي قد لا يستجيب للشروط التي تضعها واشنطن لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر ولذلك عليها أن تجد صيغة مختلفة لهذه العلاقة ،ومع ذلك يجب على الرئيس المصري الحفاظ على جزء من هذه العلاقات عن طريق إظهار بعض القلق على حقوق الإنسان وسيادة القانون لتوفير العتاد العسكري اللازم للعملية العسكرية في سيناء